ترامب على خطأ بشأن دور الكونغرس في طلب إقراراته الضريبة

مصالح ترمب المالية الخاصة وسمات الجشع التي ظهرت أثناء ولايته الرئاسية، مازالت تستحق الفحص. - المصدر: بلومبرغ
مصالح ترمب المالية الخاصة وسمات الجشع التي ظهرت أثناء ولايته الرئاسية، مازالت تستحق الفحص. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

قالت وزارة العدل الأمريكية الأسبوع الماضي إن الكونغرس قد يفحص الإقرارات الضريبية للرئيس السابق دونالد ترامب، ومنحت وزارة الخزانة الضوء الأخضر للإفراج عن الوثائق. ويوم الأربعاء سيستمع قاضٍ اتحادي يرأس القضية إلى محامين يمثّلون كلاً من ترامب ومحقّقي مجلس النواب، ومن المرجح أن يُطلب من كلا الجانبين تقديم حجج مكتوبة حول ما إذا كان يجب نشر الإقرارات علناً.

من جانبه وصف رونالد فيشتي، محامي ترامب، قرار وزارة العدل بأنه "سخيف للغاية". وقال أيضاً إن الكونغرس لا يحقّ له الاطلاع على إيداعات ترامب، لأنه "لا دليل على ارتكاب مخالفات في هذه الحالة، وأنا أعترض على الإفراج عن الإقرارات، ليس فقط نيابة عن موكلي، ولكن نيابة عن حكام البيت الأبيض المستقبليين".

يؤدِّي فيشتي ما يحتاج كل محام جيد وجريء إليه في كثير من الأحيان، من أجل عميل ذي شهرة وغارق في التقاضي والتدقيق العام: إبهار وسائل الإعلام ومحاولة جعل ترامب -وجميع الرؤساء المستقبليين!- يبدون كضحايا. كما يتظاهر كأنه لم يستوعب تماماً ما قاله قرار وزارة العدل تماماً، على الرغم من أنه قد استوعبه فعلاً. لكن اعتراف فيشتي بأي من ذلك، سيكون هزيمة ذاتية.

إنذار لكل الرؤساء المستقبليين

تتمثل الحجة الأساسية في حكم وزارة العدل، في أن الدستور يعتبر الكونغرس بمثابة أداة رقابة قوية على الرئاسة، وأن يقظة الفرع التشريعي لا ينبغي تقييدها بفهم إمبراطوري لصلاحيات السلطة التنفيذية أو استقلالها. في هذا الصدد، من المحتمَل أن يكون هذا القرار بمثابة إنذار لجميع شاغلي المكتب البيضاوي في المستقبل، ولكن ليس بالطريقة التي يودّ فيشتي -أو ترامب– تصويرها.

قد يستغرق الأمر شهوراً حتى تشقّ الإيداعات القانونية طريقها عبر نظام المحاكم ولوضع قاضي المحكمة الجزئية تريفور ماكفادين حدّاً للمواجهة القضائية. لكن إذا كان فهم ماكفادين لهذه المواجهة يتوافق مع فهم وزارة العدل، فسيكون ذلك بمثابة انتصار للحكومة الجيدة، كما أنه سيساعد على تعزيز الضغط من أجل قوانين أخلاقية أكثر صرامة، ومتطلبات إفصاح معزّزة لجميع الرؤساء.

من المؤكد أن واضعي الدستور لم يكونوا، وربما لم يستطيعوا، أن يتصوروا شخصاً لديه تضارب في المصالح المالية كالتي لدى ترامب، ستكون لديه الرغبة في احتلال البيت الأبيض. لقد حُدّثت قوانين تضارب المصالح الفيدرالية في أعقاب فضائح فساد الحرب الأهلية والتحقيق في فضيحة ووترغيت، لكن الرئاسة عملت إلى حد كبير وفق ما يقتضيه ميثاق الشرف، الذي كان يُنظر إليه في يوم من الأيام على أنه عملي.

كانت سلطات الرئاسة واسعة النطاق للغاية، لدرجة أن كل إجراء يمكن أن يؤدي إلى حدوث تضارب، لذا فإن أي قانون لتضارب المصالح كان بلا معنى. من ثم كان من الأفضل -حسب الجدل- الوثوق بالسلطة التنفيذية، وعدم وضع قيود تمنع الرئيس من العمل بحرّية وبسلطة دستورية كاملة.

تَخلَّى ترامب عن ذاك النهج الكلاسيكي عندما رفض الإفراج طواعية عن إقراراته الضريبية، كما فعل جميع أسلافه منذ جيرالد فورد. لقد وضع ممتلكاته التجارية في صندوق يشرف عليه محاسبه وأبناؤه، ما لم يبعده فعلياً عن عمليات تلك الممتلكات. ورأى أن الرئاسة مشروع لكسب المال، عبر تحويله البيت الأبيض إلى "ولمارت". لقد أظهرت فترة ولايته سبب الحاجة إلى إعادة صياغة قوانين الإفصاح والأخلاق الجديدة لرئاسته، ولكل من يرأس أمريكا من بعده.

عندما رفعت "لجنة الطرق والوسائل" في مجلس النواب دعوى قضائية للوصول إلى إقرارات ترامب الضريبية عام 2019، قالت إنها بحاجة إلى الإيداعات حتى تتمكن من تقييم برنامج التدقيق الرئاسي لـ"دائرة الإيرادات الداخلية"، ولكي تكون لديها نافذة أفضل للاطّلاع على تضارب المصالح المالي المحتمَل. ردّت وزارة العدل عندما كان النائب العامّ السابق "ويليام بار" وزيراً لها على هذه الحجة، قائلة في الأساس إن الطلب كان عبارة عن طلب مكثَّف للمعلومات ذات الدوافع السياسية.

لكن ليس لدى وزارة العدل التي يقودها ميريك غارلاند الآن أي من هذه الأساليب، إذ رفضت الادعاءات بشأن الطلب المكثف للمعلومات، باعتبارها غير ذات صلة، وذلك في ردّها على طلب جديد للحصول على السجلات في يونيو. قالت وزارة العدل في قرارها الأسبوع الماضي، إنه مسموح للكونغرس الرقابة الصارمة على الرئاسة، وإن دوافعه ليست ذات صلة. لا يتعين على الكونغرس تقديم طلبات تستند فقط إلى التشريعات المعلقة التي ينظر فيها، كما جادل فريق بار، وهو ما دحضه فريق غارلاند بسرعة. الإشراف إشراف، ويمكن للكونغرس أن يمارسه.

نفوذ أجنبي محتمَل

أشار الحكم إلى أن الكونغرس يعتقد أن الإقرارات الضريبية لترامب يمكن أن "تكشف عن تشابك خفيّ في الأعمال" و"تضارب في المصالح، مما أثر في التنفيذ السليم لمسؤوليات الرئيس السابق". قد تُظهِر الإقرارات الضريبية أيضاً "النفوذ المالي الأجنبي على الرئيس السابق ترامب، بما يفيد تشريعات الكونغرس ذات الصلة".

حكمت وزارة العدل بأن هذه كلها مجالات جديرة بالتحقيق، وهي "كافية بشكل مستقل لتبرير طلب السجلات الضريبية للرئيس السابق".

لقد كان مدى ارتباط ترامب، عند مغازلته الديكتاتوريين، وتسامحه مع السلوك الفاسد، وسلوك البطانة الحاكمة في واشنطن، مرتبطاً مباشرةً بمصلحته الشخصية المالية، ولا يزال الجشع أحد السمات المميزة التي لم تُفحَص جيداً خلال فترة رئاسته. لقد تجاهلها المستشار الخاص السابق روبرت مولر إلى حد كبير، ولم يأخذها تحقيقان جنائيان بعين الاعتبار، لذا فإن الحكم الجديد لوزارة العدل يعيد إليها دورها.

إن ترامب ومحاميه لا يحبون أياً من ذلك، وهذا أمر مفهوم. لكن ينبغي أن لا يكون أي رئيس قادراً على العمل كما فعل ترامب. سيؤدي القاضي ماكفادين خدمة عامة من خلال ضمان عدم حدوث ذلك مرة أخرى.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

الآراء الأكثر قراءة