أعلن كلّ من رئيس مجلس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، والرئيس الأميركي جو بايدن، توصل الوساطة المشتركة إلى اتفاق على ثلاثة مراحل لوقف النار بين إسرائيل و"حماس" في غزة، على أن يدخل حيز التنفيذ في 19 يناير، وهي خطوة تمهد لوقف الحرب المستمرة منذ أكتوبر 2023.
تشمل المرحلة الأولى ومدتها 6 أسابيع، وقفاً مؤقتاً للعمليات العسكرية، مع انسحاب القوات الإسرائيلية شرقاً بعيداً عن المناطق السكنية المكتظة، للتمركز على الحدود في مختلف مناطق قطاع غزة، بالإضافة إلى وقف مؤقت للطيران العسكري والاستطلاع في قطاع غزة يومياً لمدة 10 ساعات، ولمدة 12 ساعة في أيام تبادل الأسرى والمحتجزين، وفق نص الاتفاق الذي حصلت عليه "الشرق".
كما تتضمن المرحلة الأولى تبادل الأسرى والمحتجزين، ولكن عملية التبادل "ترتبط بمدى الالتزام ببنود الاتفاق، بما فيها إيقاف العمليات العسكرية من قبل الطرفين، وانسحاب القوات الإسرائيلية، وعودة النازحين داخلياً إلى أماكن إقامتهم في القطاع، ودخول المساعدات الإنسانية".
بالإضافة لما سبق، سيتم تعزيز إدخال وتوزيع المساعدات الإنسانية بشكل آمن وفعّال على نطاق واسع في جميع أنحاء قطاع غزة، بالإضافة إلى إعادة تأهيل المستشفيات، والمراكز الصحية، والمخابز، وإدخال مستلزمات الدفاع المدني، والوقود، ومستلزمات إيواء النازحين الذين فقدوا منازلهم نتيجة الحرب.
وفي هذه المرحلة، ستقوم "حماس" بإطلاق سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً (من الأحياء ورفات الموتى)، مقابل إطلاق عدد من الأسرى الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية ومراكز الاعتقال.
آلية لمتابعة تنفيذ الاتفاق
رئيس الوزراء القطري أشار في مؤتمر صحفي، إلى وجود "آلية لمتابعة تنفيذ اتفاق غزة ورصد أي خروقات"، و"إجراءات سيتم اتخاذها خلال أيام لتعزيز التزام الأطراف".
وأضاف في تغريدة على "إكس": "شهدت الأيام الأربعة الماضية اجتماعات متواصلة ومكثفة مع الوفود المصرية والأميركية إلى جانب الطرفين الأساسيين"، متابعاً: "نحن نأمل أن يبدأ التنفيذ الفعلي للاتفاق، وأن نتمكن من تجاوز المرحلة الثانية، التي من شأنها أن تضع حداً للحرب تماماً، وتفتح الباب أمام مستقبل من السلام والاستقرار".
بموجب الاتفاق، سيظل الوسطاء في تواصل دائم ومستمر مع طرفي النزاع لتبادل قوائم الأسرى والمحتجزين، وضمان تنفيذ عملية التبادل بشكل آمن وسلس، وفق رئيس مجلس الوزراء القطري، كما سيتم "البدء بإعادة تأهيل البنية التحتية في جميع مناطق قطاع غزة، وإدخال كميات متفق عليها من المعدات اللازمة للدفاع المدني، ولإزالة الركام والأنقاض، واستمرار ذلك في جميع مراحل الاتفاق"، وفق نص الاتفاق.
أما المرحلة الثانية، فتتضمن الإعلان عن استعادة الهدوء المستدام من خلال وقف العمليات العسكرية والعدائية بشكل دائم، بما يساهم في تحقيق الاستقرار والأمان لجميع الأطراف، وفق الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني.
المرحلة الثالثة ستشهد "البدء في تنفيذ خطة إعادة إعمار قطاع غزة لمدة 3 إلى 5 سنوات، بما يشمل البيوت والمنشآت المدنية والبنية التحتية، تحت إشراف عدد من الدول والمنظمات بما في ذلك مصر وقطر والأمم المتحدة". كما ستشهد أيضاً فتح المعابر الحدودية لتسهيل حركة السكان ونقل البضائع.
من جهته، قال الرئيس الأميركي جو بايدن في مؤتمر صحفي منفصل، إن المفاوضات بشأن غزة "ستبقى جارية لأطول وقت ممكن"، مؤكداً أن إدارته "ستناقش مع إسرائيل المرحلة الثانية في الفترة المقبلة". بايدن أكد أن القتال في غزة سيتوقف، وسيعود الرهائن قريباً إلى عائلاتهم.
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي شدد بدوره في منشور على "فيسبوك"، على "أهمية الإسراع في إدخال المساعدات الإنسانية العاجلة لأهل غزة، لمواجهة الوضع الإنساني الكارثي الراهن، وذلك دون أي عراقيل، لحين تحقق السلام المستدام من خلال حل الدولتين، ولكي تنعم المنطقة بالاستقرار والأمن و التنمية في عالم يتسع للجميع".
ترمب يدخل على خط التصريحات
سارع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى الإعلان عن الاتفاق قبل أي إعلان رسمي، معتبراً أن "اتفاق وقف إطلاق النار الملحمي لم يكن ليحدث من دون انتصارنا التاريخي في نوفمبر"، في إشارة إلى انتخابه رئيساً.
ترمب أشار أيضاً إلى أن الاتفاق سيشمل إعادة الرهائن، إذ أعرب عن سعادته بـ"عودة الرهائن الأميركيين والإسرائيليين إلى ديارهم"، منبهاً في الوقت ذاته إلى أن فريقه للأمن القومي سيعمل "عن كثب مع إسرائيل وحلفائنا، للتأكد من أن غزة لن تصبح مرة أخرى ملاذاً آمناً للإرهابيين".
من جهته، أفاد مسؤول حكومي إسرائيلي بأن الحكومة ستصوت على اتفاق غزة الخميس، وفقاً لما نقلته "رويترز".
المساعدات الإنسانية
يشمل الاتفاق، السماح بدخول 600 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية إلى غزة كل يوم من أيام وقف إطلاق النار، 50 منها تحمل الوقود، مع تخصيص 300 شاحنة لشمال القطاع.
وعن المحتجزين، من المنتظر أن تفرج "حماس عن المحتجزين الإناث والشباب تحت 19 عاماً أولاً، ثم الرجال فوق 50 عاماً"، وعلى الناحية الأخرى، "ستفرج إسرائيل عن 30 معتقلاً فلسطينياً مقابل كل محتجز مدني، و50 مقابل كل جندية إسرائيلية تفرج عنها حماس".
وكشف مسؤول مطلع على المفاوضات لـ"رويترز"، أن العدد الإجمالي للفلسطينيين المفرج عنهم سيعتمد على عدد المحتجزين المفرج عنهم، وقد يتراوح بين 990 و1650 معتقلاً فلسطينياً من بينهم رجال ونساء وأطفال. كما ذكر أن "حماس" ستفرج عن المحتجزين على مدى 6 أسابيع، بواقع 3 محتجزين كل أسبوع والبقية قبل نهاية الفترة.
في سياق متصل، قالت إيري كانيكو المتحدثة باسم الأمم المتحدة إن المنظمة الدولية ملتزمة بإيصال المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين في قطاع غزة خلال فترة وقف إطلاق النار، لكن "لا يمكننا توصيل المساعدات إلا بقدر ما تسمح به الظروف على الأرض".
وأضافت أنه "من الضروري إزالة العوائق المختلفة التي واجهتها الأمم المتحدة خلال العام الماضي، والتي تشمل القيود المفروضة على دخول البضائع وانعدام السلامة والأمن، وانهيار القانون والنظام، ونقص الوقود"، وفق الوكالة ذاتها.