تمنح لجنة العمل السياسي الخارقة التابعة للملياردير إيلون ماسك، "لجنة أميركا للعمل السياسي" (America PAC)، جائزة يومية بقيمة مليون دولار لأحد الناخبين المسجلين في ولاية من الولايات المتأرجحة، وهي أحدث الجهود التي يبذلها أغنى شخص في العالم للمساعدة في إعادة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.
تضيف صور ماسك وهو يسلم الفائزين شيكات بمبالغ كبيرة منعطفاً آخر في الحبكة الدرامية للسباق الرئاسي الأميركي بين الرئيس الجمهوري السابق ومنافسته نائبة الرئيس الحالي ومرشحة الحزب الديمقراطي للرئاسة كامالا هاريس، والذي يعد بالفعل من بين أكثر السباقات إثارة في تاريخ البلاد.
ما شروط ونظام عمل هبة إيلون ماسك؟
تقدم "لجنة أميركا للعمل السياسي" التابعة لماسك والتي تؤيد دونالد ترمب هبة قيمتها مليون دولار كل يوم حتى يوم الانتخابات في 5 نوفمبر المقبل إلى شخص واحد يتم اختياره عشوائياً من الموقعين على عريضة تدعو إلى حرية التعبير والحق في حمل السلاح. ويجب أن يكون الفائز مسجلاً في قوائم الناخبين.
أعلن ماسك عن المسابقة في 20 أكتوبر على منصة " إكس" (X)، وهي منصة التواصل الاجتماعي التي يمتلكها ويستخدمها للترويج لترشيح ترمب بالإضافة إلى نظريات المؤامرة الانتخابية حول تزوير قوائم الناخبين والمهاجرين بلا وثائق.
يتابع ماسك 202 مليون شخص على منصة "إكس"، وقد حظيت منشوراته على مجموع مشاهدات يصل إلى مئات الملايين. غير أن المسابقة لا تحدد المرشح الذي يجب أن يدلي الناخبون بأصواتهم لصالحه.
في 17 أكتوبر، أعلن ماسك أيضاً في منشور على "إكس" عن فرصة مدتها خمسة أيام يحصل فيها الناخبون المسجلون في بنسلفانيا –وكل من يرشدهم إلى التسجيل في قوائم الناخبين– على 100 دولار لكل منهم مقابل التوقيع على عريضة حرية التعبير والحق في حمل السلاح (بزيادة عن عرضه السابق البالغ 47 دولاراً لكل إحالة). أما مواطنو الولايات المتأرجحة الأخرى فلا يزالون مؤهلين للحصول على مبلغ 47 دولاراً.
كذلك نشرت حملة ترمب أيضاً رسائل نصية تفيد بأن ماسك سيتبرع مؤقتاً بما يعادل التبرعات الصغيرة. وتوضح التفاصيل الدقيقة للعرض أن ماسك سيتبرع بما يعادل تلك التبرعات من خلال "لجنة ترمب 47" (Trump 47 Committee)، التي تجمع الأموال لحملة الرئيس السابق والحزب الجمهوري، ويمكنها قبول تبرعات تصل إلى 924600 دولار.
تعد أموال التبرعات المقابلة للتبرعات الصغيرة حيلة شائعة يستخدمها كلا الحزبين لتشجيع أصحاب الأموال الصغيرة على التبرع للحملة، وعادةً ما يكون ذلك من دون توضيح مصدر هذه الأموال المقابلة.
هل تبرع إيلون ماسك بمليون دولار قانوني؟
الإجابة على هذا السؤال ليست واضحة. غير أن الأمر الواضح هو أن القانون الفيدرالي يحظر دفع الأموال للأشخاص مقابل التسجيل للتصويت. وما هو أكثر غموضاً هو الموقف القانوني من دفع 100 دولار للأشخاص الذين يوقعون على عريضة –بشرط أن يكونوا مسجلين في قوائم التصويت– وهل يعتبر ذلك انتهاكاً لقانون الانتخابات أم لا. كما أن تقديم جائزة يومية بمليون دولار لشخص من الموقعين على العريضة يتم اختياره عشوائياً ينطوي على المشكلة نفسها.
وفقاً لشون موراليس-دويل، مدير برنامج حقوق التصويت في "مركز برينان" غير الحزبي، فلم بتم اختبار موقف القانون الفيدرالي تقريباً في هذه المسألة. ويؤكد أن المشكلة الأساسية هي أن مسابقة الجائزة والعريضة تقدمان حافزاً مالياً للتسجيل.
ضايقت هذه المسابقة الديمقراطيين مباشرة وأزعجتهم، وتعهدوا باتخاذ إجراءات قانونية في الوقت الذي يتنافسون فيه على أي ناخبين مترددين متبقين في الولايات الحاسمة.
وعندما سئلت هاريس عن مسابقة ماسك في جولة الحملة الانتخابية في 21 أكتوبر، أشارت إلى أن هذه المبادرة قد تترتب عليها تحقيقات قانونية. وقالت: "أعتقد أن الناس يبحثون هذا الأمر". ولكن عند الضغط عليها بسؤالها عمّا إذا كانت تعني أن الحكومة الأميركية تحقق في هذا الأمر، قالت هاريس إنها كانت تشير فقط إلى تقارير إعلامية حول المشاكل المحتملة التي تثيرها المسابقة.
كيف تنتهك المسابقة قانون الانتخابات؟
حقيقة أن عرض ماسك مشروط بإثبات تسجيل الناخبين تمثل مشكلة، وفقاً لآدم بونين، محامي قانون الانتخابات في فيلادلفيا الذي يتعاون مع الحزب الديمقراطي في بنسلفانيا.
ومع ذلك، فإن قوانين الانتخابات في الولاية تضيف بعض التعقيدات هنا، فلكل ولاية قواعدها الخاصة التي قد تنتهكها أو لا تنتهكها مسابقة ماسك. على سبيل المثال، تمنع نسخة ولاية بنسلفانيا من هذا القانون على وجه التحديد تحريض أي شخص على التصويت لمرشح معين أو قضية معينة، لذلك قد لا ينطبق نص القانون على هذه المسابقة.
ومع ذلك، حتى لو لم يكن قانون الولاية صريحاً في ما يتعلق بدفع أموال مقابل تسجيل الناخبين، فإن القانون الفيدرالي صريح في ذلك.
وقد تترتب على مسابقة ماسك انتهاكات مدنية وجنائية على المستوى الفيدرالي، وفقاً لأداف نوتي، عضو مجلس الإدارة التنفيذي للمركز القانوني للحملات الانتخابية غير الحزبي. وقال نوتي في بيان له: "إن توزيع أموال على أشخاص بشرط تسجيل أنفسهم في قوائم الناخبين إجراء غير قانوني. ولأن قواعد هذه (المسابقة) للفوز بمليون دولار تشترط أن يكون الفائز مسجلاً بقوائم الناخبين في إحدى الولايات السبع المتأرجحة (أو أن يسجل إذا لم يكن مسجلاً بالفعل)، فإن هذا العرض ينتهك القانون الفيدرالي ويخضع لإجراءات وزارة العدل مدنياً أو جنائياً".
هل يمكن أن يكون ماسك قد وجد ثغرة قانونية؟
لا يزال يتعين تأكيد ذلك. فقد تم تنظيم هيكل المسابقة بعناية للتركيز على الأشخاص الذين يوقعون على العريضة، حتى لو اشترطت أن يكون المشاركون مسجلين في قوائم الناخبين. ولا يطلب ماسك من الناس الالتزام بالتصويت أو التسجيل مقابل هذه الأموال، وفقاً لكيت بيلينسكي، الشريكة في شركة المحاماة "بالارد سبهر" (Ballard Spahr).
وبدلاً من ذلك، يطلب ماسك من الناخبين المسجلين في الولايات التي تدور فيها المعركة أن يتعهدوا بدعم التعديلين الأول والثاني للدستور الأميركي، وهي لغة لا تنتهك القانون الذي يحظر دفع أموال لأي شخص للتصويت في الانتخابات أو التسجيل في قوائم الناخبين. ويقول موقع "لجنة أميركا للعمل السياسي" على الإنترنت إنها دفعت فعلاً دفعتين بقيمة مليون دولار لاثنين من سكان بنسلفانيا لتوقيعهما على العريضة.
قال ماثيو هافرستيك، محامي القانون السياسي في شركة "كلاينبارد" (Kleinbard) في فيلادلفيا، الذي يمثل الجمهوريين في الولاية: "إن عرض أموال مقابل التسجيل في قوائم الناخبين للتصويت يخالف القانون. لكن مسابقة ماسك تختلف عن ذلك. فهي عرض مقدم للأشخاص المسجلين بقوائم التصويت، يشمل الأشخاص المسجلين بالفعل".
ولأن هذه الأموال تُقدم من الناحية النظرية للأشخاص بغض النظر عما إذا كانوا قد سجلوا أنفسهم من أجل المشاركة في المسابقة، أو أنهم قاموا بذلك منذ 30 عاماً، فلا يمكن اعتبار تلك الأموال حافزاً للانتهاء من الأوراق اللازمة للإدلاء بأصواتهم.
هل تنتهك مسابقة ماسك قانون مسابقات اليانصيب؟
لا يبدو أن عروض ماسك الترويجية تنتهك بشكل واضح لوائح الولاية أو اللوائح الفيدرالية المتعلقة باليانصيب أو المسابقات، بحسب أندرو لوستيغمان، وهو محامٍ متخصص في مثل هذه القوانين في نيويورك، وذلك لأن المشاركين في مسابقة ماسك لا يتعين عليهم شراء أي شيء أو دفع أي أموال مقابل فرصة للفوز بجائزة.
يُسمح للمسابقات التي ترعاها الحكومة فقط مثل مسابقات اليانصيب التي تنظمها الولايات، بأن تشترط دفع مبالغ من المال مقابل الحصول على فرصة للفوز بالمسابقة. وتستطيع الشركات التي تطلب من العملاء شراء منتج للحصول على فرصة للفوز في مسابقة أن تلتف حول هذا البند من خلال كتابة عبارات تفصيلية تشرح كيف يمكن للمشاركين الانضمام إلى المسابقة مجاناً.
كذلك يمكن أن تخالف الشركات والأفراد الذين يديرون مسابقات مقابل جوائز، القانون إذا طلبوا ما يسمى بمقابل غير نقدي للحصول على فرصة للفوز بجائزة، أي من خلال مطالبة المشاركين بالقيام بشيء يرقى إلى عبء لا مبرر له على وقتهم، على سبيل المثال، أو تقديم شيء مهم، مثل معلومات شخصية للغاية.
قال لوستيغمان إن مطالبة المشاركين بالتسجيل للتصويت أو حتى إحالة ناخبين آخرين للتسجيل يمكن اعتباره مقابلاً غير نقدي، ولكن هذا "لا يبدو لي مشكلة كبيرة".