عرفت تشاد حاكماً واحداً منذ وصول إدريس ديبي إلى السلطة في انتفاضة قبل 30 عاماً. وألقت وفاته عن عمر يناهز 68 عاماً متأثِّراً بجروح- يقول الجيش، إنَّه أصيب بها في هجوم للمتمردين- الدولة الواقعة في غرب أفريقيا في حالة من الغموض السياسي؛ إذ يخطط المجلس العسكري للبقاء في السلطة حتى العام المقبل.
وتؤثِّر في المشهد التشادي 5 قضايا رئيسية، وهي كالتالي:
1- كيف ستُحكم الدولة ؟
قال ما يسمى بالمجلس العسكري الانتقالي برئاسة محمد إدريس ديبي، نجل الرئيس الراحل، إنَّه سيحكم لمدة 18 شهراً قادمة. وقام المجلس العسكري بحل مؤسسات إدارة ديبي، ويعتزم تعيين هيكل مؤقت لإدارة الشؤون اليومية للحكومة. وليس من الواضح متى وكيف سيتمُّ تعيين أعضائه؟.
يعني اختيار محمد، وهو جنرال من فئة أربع نجوم، ويبلغ من العمر 37 عاماً، لرئاسة المجلس العسكري المكوَّن من 15 عضواً، أنَّه يعتزم الحفاظ على الاستقرار. لكن الهيمنة السياسية المستمرة لعائلته قد تؤدي إلى نشوب اضطرابات أو أعمال تمرد، فضلاً عن رد فعل عكسي بين أعضاء النخبة الحاكمة الذين يشعرون بالغيرة، وفقاً لـفالنتين روبيليارد، محلل شؤون أفريقيا لدى كنترول ريسكس"، وهي شركة عالمية لدراسة المخاطر والاستشارات الإستراتيجية.
وقال روبيليارد في تعليقات عبر البريد الإلكتروني، إنَّ الرئيس الراحل كان "يمارس لعبة الاحتواء والقمع بعناية بشكل مستمر، مستخدماً عائدات النفط وجيشه القوي، للحفاظ على الاستقرار".
2- هل استيلاء الجيش على السلطة قانوني؟
يفتقد استيلاء الجيش على السلطة في تشاد، للسند القانوني، إذ ينص دستور البلاد على أنَّه في حالة وجود منصب شاغر في منصب الرئاسة، يجب أن يتولى رئيس البرلمان منصب رئيس الدولة المؤقت حتى يمكن إجراء الانتخابات التي يجب أن تتمَّ في غضون 90 يوماً. ومن الناحية الفنية، قام جنرالات الجيش بانقلاب.
3- كيف سيكون رد فعل المجتمع الدولي؟
حتى الآن لم تصدر بيانات من الاتحاد الأفريقي أو المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، وهي مجموعة إقليمية تضمُّ تشاد في عضويتها. وسيكون للاتحاد الأفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا دور فعال في أيِّ تدخل يسرِّع الانتقال إلى الحكم المدني.
وقفت المنظمتان مكتوفتي الأيدي إزاء ضمان الزعماء في ساحل العاج وغينيا البقاء في مناصبهم لفترة ثالثة، على الرغم من أنَّ الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) فرضت عقوبات على مالي بعد انقلاب عسكري.
ودعت الولايات المتحدة إلى انتقال سلمي ضمن حدود الدستور. لكنَّ القوة الاستعمارية السابقة الممثَّلة بفرنسا لم توجه الدعوة حتى الآن للمجلس العسكري إلى التنحي عن السلطة في غضون 90 يوماً.
4- ما هي التداعيات بالنسبة للأمن الإقليمي؟
وضع الرئيس الراحل نفسه وجيشه المتشدد كلاعبين رئيسيين للحفاظ على السلام والأمن في غرب أفريقيا، وهو دور ساعده في حمايته من الانتقادات الدولية حتى مع تزايد استبداد حكمه.
وتساهم تشاد في قوة متعددة الجنسيات لقتال الجماعات المرتبطة بما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، و"القاعدة" في منطقة الساحل.
والتقى دجمادوم تيراينا، نائب رئيس المجلس العسكري، بالفعل مع دبلوماسيين لطمأنتهم بأنَّ تشاد لا تزال ملتزمة بالعمليات العسكرية في المنطقة. ومع ذلك، قال الرئيس النيجيري محمد بخاري، إنَّ موت ديبي "سيحدث فراغاً كبيراً" في جهود مكافحة الإرهاب.
يُنظر إلى القائد الجديد، الذي تلقى تدريبات عسكرية في فرنسا، على الأرجح على أنَّه سيواصل نهج والده، المتمثِّل في إعطاء الأولوية للمجال العسكري سواء للإنفاق أو العمليات.
5- كيف يمكن أن تتأثر الجهات الدائنة لـ تشاد؟
أصبحت تشاد أوَّل دولة تطلب إعادة هيكلة ديونها الخارجية بموجب الإطار المشترك لمجموعة العشرين، الذي يهدف إلى جذب جهات الإقراض الصينية والبنوك الخاصة، إلى حملة عالمية لتخفيف الديون. وفي 2020، دعت حكومة تشاد جميع دائنيها إلى تعليق مدفوعات خدمة الديون بعد الحصول على إعفاء بقيمة 61 مليون دولار من مجموعة العشرين.
وفي حين أنَّها تطرح سندات دولية، فإنَّ تشاد مدينة بأموال للبنوك، ودول أخرى، وبعض المقرضين من القطاع الخاص. وتضمُّ قائمة الدائنين لتشاد، شركة "غلينكور" (Glencore Plc)، العاملة في تجارة السلع، التي تدين بها البلاد 347 مليون دولار، وفقاً لأحدث تقرير سنوي للشركة.
واضطرت الشركة إلى إعادة هيكلة قروضها لتشاد في عامي 2015، و 2018 بعد انخفاض أسعار النفط. وليس من الواضح ما إذا كان الدائنون سيكونون مستعدين لإعادة التفاوض على شروط السداد مع المجلس العسكري.