الهجمات الصاروخية تبيّن أن إيران لا تملك رادعاً فعالاً ضد أي هجوم إسرائيلي، إلا إذا طورت ترسانة نووية

مارك تشامبيون: إيران أقرب من أي وقت مضى لامتلاك السلاح النووي

صورة مدمجة للعلم الوطني الإيراني ورمز الطاقة الذرية - 9
صورة مدمجة للعلم الوطني الإيراني ورمز الطاقة الذرية - 9
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

هناك أسباب وجيهة تدفع إسرائيل إلى عدم استهداف البرنامج النووي لإيران في هجومها الانتقامي المقبل على طهران. لكن منطق الضربة الاستباقية لم يكن أكثر إلحاحاً في أي وقت من الآن، إذ أن مبررات إيران لبناء ترسانة نووية باتت أقوى من أي وقت مضى. هذا الوضع بطبيعته غير مستقر وخطير.

في الأسابيع الأخيرة، تغير الوضع الأمني لإيران تماماً كما حدث مع إسرائيل. حتى وقت قريب، كان "حزب الله"، الجماعة المسلحة اللبنانية التي قضى "الحرس الثوري" الإيراني عقوداً في رعايتها لتهديد إسرائيل، يبدو قوة لا يستهان بها. لكن بعد إحدى أنجح عمليات استهداف القيادات في التاريخ العسكري، لم يعد بإمكان إيران الاعتماد على "حزب الله" كـ"خط دفاع أمامي"، فهو يخوض حالياً معركة من أجل البقاء.

الحاجة إلى إعادة ترسيخ الردع المفقود -بهدف إثبات أن إيران لا تزال قادرة على إلحاق ضرر كبير بإسرائيل في حال تعرضت لهجوم مباشر- أدت إلى الهجوم الصاروخي الباليستي المكثف يوم الثلاثاء. وكما أشرتُ سابقاً، كانت هذه خطوة استراتيجية خاطئة.

على عكس استعراض القوة السابق في أبريل، كانت القيادة الإيرانية تحاول بجدية هذه المرة. لم يقدموا إشعاراً مسبقاً، واستخدموا أقوى أسلحتهم، وهي الصواريخ الباليستية، ووجهوا الهجوم بهدف إغراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية واختراقها. ورغم أن عدداً كبيراً من الصواريخ تمكن من الوصول إلى الأهداف، إلا أن التأثير كان محدوداً.

هذه النتيجة وضعت إيران في أسوأ موقف ممكن. ما أظهره الهجوم هو قدرة إسرائيل على امتصاص أقوى ضربات إيران. الأهداف كانت بشكل أساسي قواعد عسكرية، بما في ذلك المطارات، والتقارير الأولية تشير إلى أن الأضرار كانت طفيفة. إسرائيل كانت مستعدة لهذا السيناريو منذ فترة طويلة، ليس من خلال تطوير دفاعاتها الجوية فحسب، بل أيضاً عبر إنشاء ملاجئ للمدنيين وحماية طائراتها في منشآت محصنة.

رسالة أكثر إزعاجاً

الرسالة الأكثر إزعاجاً هي أنه لو كانت تلك الصواريخ محملة برؤوس نووية بدلاً من التقليدية، لكان الدمار وجودياً. وهكذا، بين نتائج الهجمات الصاروخية التقليدية الكبيرة وشلل "حزب الله"، أصبح واضحاً للطرفين أن إيران لا تملك رادعاً فعالاً ضد أي هجوم إسرائيلي، إلا إذا طورت ترسانة نووية.

كما ورد في تعليق نشرته صحيفة "جوان" التابعة لـ"الحرس الثوري"، يمكن لإيران التعاون مع شركائها في "محور المقاومة" لمحاولة استعادة بعض الردع، لكن بالنظر إلى التفوق التكنولوجي الذي أظهرته إسرائيل، يبدو أن هذا غير كافٍ. الحل الواضح، برأي كاتب المقالة، هو "تغيير العقيدة النووية الإيرانية" من مدنية إلى عسكرية، مضيفاً أن إيران الآن تمتلك القدرة على القيام بذلك بسرعة.

من المهم التأكيد على أن المسؤولية الأساسية تقع على عاتق إيران. من المحتمل أن قادتها لم يخططوا، أو حتى يعلموا بهجوم "حماس" في 7 أكتوبر الذي أدى إلى هذه الأزمة. مع ذلك، احتفلت القيادة الإيرانية بالمجزرة، ورأت في انتقام إسرائيل فرصة لإضعاف الكيان. قامت إيران بتفعيل، لأول مرة فعلياً، هجوم منسق على إسرائيل من قبل الجماعات المسلحة التابعة لـ"محور المقاومة" التي تحيط بها. كان بإمكان المرشد علي خامنئي أن يطلب من "حزب الله" وقف قصف إسرائيل، وكان بإمكانه أن يأمر الحوثيين بوقف استهداف الممرات البحرية العالمية. لكنه اختار عدم التدخل.

لا شك أن خامنئي اعتقد أنه يحقق مكاسب، تماماً كما يعتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ذلك الآن. من كان يتخيل أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية قد اخترقت "حزب الله" إلى درجة مكّنتها من تفجير أجهزة اتصالاته واستهداف قادته في اجتماعات سرية؟ بالتأكيد ليس خامنئي.

عقد من تطوير البرنامج النووي

ما لم يتغير في الأسابيع الأخيرة هو أن إيران قضت العقد الماضي في تحصين برنامجها النووي ضد أي هجوم، حيث تم دفن المعدات الأكثر أهمية حرفياً في قلب الجبال. القضاء على البرنامج يبدو مستحيلاً، بينما الفشل في المحاولة سيؤدي بشكل شبه مؤكد إلى تسريع إيران نحو صنع قنبلة نووية. أي هجوم جاد يتطلب عملية ضخمة لا يمكن تنفيذها إلا بمشاركة الولايات المتحدة.

العامل الآخر الذي يقيد الخيارات الإسرائيلية هو أن الإيرانيين العاديين قد يكونون أفضل حلفاء لإسرائيل في مسعاها لإسقاط نظام خامنئي، لأنهم يكرهون النظام. نتنياهو يدرك ذلك. في بث حديث، وجه رسالة مباشرة إلى الشعب الإيراني. أي هجوم يتسبب في أضرار جانبية للمدنيين -وخصوصاً إذا نتج عنه تسرب إشعاعي من مخازن اليورانيوم المخصب- قد يؤدي إلى تأثير عكسي، حيث يلتف الشعب الإيراني حول النظام، وهو ما سيكون ضاراً بمصالح إسرائيل.

من المرجح أن تركز إسرائيل على أهداف غير نووية؛ ربما هذه المرة تستهدف الدفاعات الجوية الإيرانية أو منصات إطلاق الصواريخ أو البنية التحتية للطاقة. لكن يبقى من غير الواضح ما إذا كان ذلك سيحقق أكثر من مجرد جولة أخرى من التصعيد. ومع ذلك، يبدو أن القرار قد اتخذ. سترد إسرائيل على الهجوم الصاروخي الأخير، ومن المحتمل أن تفي طهران بتهديداتها بالرد. اقتراب إيران من تحقيق اختراق نووي، وضربة إسرائيلية لمنعه، باتا الآن أقرب من أي وقت مضى.

باختصار

المقال يناقش الوضع الحالي للبرنامج النووي الإيراني، الذي يعتبر أقرب إلى امتلاك سلاح نووي أكثر من أي وقت مضى. يوضح الكاتب أن هناك أسباباً تدفع إسرائيل للتفكير ملياً قبل توجيه ضربة استباقية للبرنامج النووي الإيراني، خصوصاً في ظل تراجع قدرة "حزب الله" كأداة ردع لإيران. الهجوم الصاروخي الأخير من إيران أظهر ضعف قدراتها التقليدية أمام الدفاعات الإسرائيلية، مما يعزز الحاجة إلى تطوير ترسانة نووية لردع أي هجوم إسرائيلي.

تواجه إيران موقفاً صعباً بعد فشل "حزب الله" وتفوق إسرائيل التكنولوجي، مما قد يدفعها لتغيير سياستها النووية من مدنية إلى عسكرية. ورغم أن الهجوم على البرنامج النووي الإيراني صعب بسبب تحصينه في الجبال، فإن فشل أي هجوم قد يسرع من مساعي إيران لامتلاك قنبلة نووية.

في النهاية، يبرز المقال احتمال تصعيد الصراع بين الطرفين، خاصة في ظل تهديدات متبادلة بالرد، مما يجعل المواجهة النووية أكثر قرباً من أي وقت مضى.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك