أكد "حزب الله" اللبناني اليوم السبت، اغتيال الأمين العام حسن نصر الله، في أعقاب غارة إسرائيلية على معقل الحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت، الجمعة، وذلك بعد ساعات من تأكيد الجيش الإسرائيلي تصفيته.
وأضاف الحزب في بيان رسمي، أن قيادته تتعهد بمواصلة "جهادها في مواجهة العدو وإسناداً لغزة وفلسطين ودفاعاً عن لبنان وشعبه الصامد والشريف".
وكان بيان صادر عن الجيش الإسرائيلي، أكد صباح اليوم تصفية عدد من قيادات حزب الله بينهم زعيم الحزب وذلك خلال تنفيذ ما وصفه بـ"ضربة دقيقة" على مقر القيادة المركزي لـ"حزب الله"، الذي قال إنه "يقع تحت المباني السكنية في قلب الضاحية في بيروت"، فيما أعلن مصدر مقرب من "حزب الله" لوكالة "رويترز"، انقطاع الاتصال بنصر الله، مساء الجمعة.
ونعت حركة حماس الفلسطينية في بيان حسن نصر الله، قائلة "إننا على ثقة ويقين بأن هذه الجريمة وكل جرائم الاحتلال واغتيالاته، لن تزيد المقاومة في لبنان وفي فلسطين إلا إصراراً وتصميماً".
وأظهرت لقطات في أعقاب الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، أن الجيش الإسرائيلي استخدم قنابل تزن 2000 رطل في تنفيذ تلك الهجمات.
أعلن وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، فراس الأبيض، أن الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، الجمعة، قتلت 11 شخصاً وخلفت 108 جرحى.
بشكل منفصل، قال رئيس خلية الأزمة الحكومية ووزير البيئة اللبناني ناصر ياسين لـ"رويترز"، السبت، إن نحو مليون لبناني نزحوا بسبب الهجمات الإسرائيلية من بينهم مئات آلاف منذ الجمعة.
تصاعد التوترات السياسية
قال الرئيس الأميركي جو بايدن، السبت، إنه وجه وزير الدفاع لويد أوستن بتعزيز وضع القوات الأميركية في الشرق الأوسط لردع أي عدوان وتقليل مخاطر التحول إلى حرب شاملة بالمنطقة. وأضاف بايدن: "هدفنا هو خفض التصعيد في الصراعات الحالية سواء في غزة أو لبنان من خلال الوسائل الدبلوماسية".
وأصدرت وزارة الخارجية الأميركية أمراً لبعض الموظفين بسفارتها في بيروت وأفراد أسرهم، بمغادرة لبنان وسط تفاقم التوتر في الشرق الأوسط،
من جهة أخرى، قال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، إن الأمين العام يدعو إلى وقف العنف في لبنان فوراً.
قالت وزارة الخارجية الروسية إن روسيا تندد بقوة باغتيال إسرائيل لحسن نصر الله زعيم جماعة "حزب الله"، ووصفته بأنه "اغتيال سياسي آخر". وذكرت الوزارة في بيان: "هذا الفعل العنيف ينذر بعواقب وخيمة أشد وطأة على لبنان والشرق الأوسط بأكمله.
خطط عسكرية
أفاد متحدث باسم الجيش الإسرائيلي بأن رئيس الأركان هيرتسي هاليفي أنهى جلسة لتقييم الوضع، والمصادقة على الخطط العسكرية في قيادة المنطقة الشمالية.
أعلنت جماعة "حزب الله"، استهداف قاعدة ومطار رامات ديفيد، في شمال إسرائيل، بصواريخ "فادي 3".وأوضحت الجماعة، في بيان عبر "تليغرام"، أن "الهجمات جاءت رداً على الاستباحة الهمجية الإسرائيلية للمدن والقرى والمدنيين في قطاع غزة ولبنان".
كما اعترض الجيش الإسرائيلي، السبت، صاروخ أرض-أرض، قال إنه أُطلق من اليمن. ونقلت "رويترز" عن الجيش الإسرائيلي" أن صفارات الإنذار دوت وسط إسرائيل، بما في ذلك تل أبيب جراء الغارات الجوية، السبت، كما سُمعت أصوات انفجارات كبيرة بعد اعتراضه".
وقال الجيش الإسرائيلي إنه قتل، مساء الجمعة، رئيس شبكة حركة "حماس" الفلسطينية، في جنوب سوريا. وبحسب ما أعلنه الجيش الإسرائيلي، فإنه قتل قيادي "حماس"، أحمد محمد فهد، وفق زعمه، فيما لم يشر إلى أي تفاصيل أخرى بشأن ذلك.
وجاءت الهجمات بعد أن تعهدت إسرائيل بمواصلة قصف أهداف حزب الله في لبنان إلى أجل غير مسمى، مما يقوض الجهود الرامية إلى ضمان الهدنة التي يمكن أن تخفف من خطر نشوب حرب إقليمية. ومن جهة أخرى، قالت السفارة الإيرانية في بيروت إن الضربات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية يوم الجمعة هي "تصعيد خطير يغير قواعد اللعبة".
مطار رفيق الحريري
أوصت المفوضية الأوروبية والوكالة الأوروبية لسلامة الطيران، اليوم بعدم القيام بأنشطة داخل المجال الجوي للبنان وإسرائيل على جميع مستويات الطيران"، وذلك "حتى 31 أكتوبر"، وأكد بيان صادر عن الوكالة "ستواصل مراقبة الوضع عن كثب، بهدف تقييم ما إذا كان هناك زيادة أو انخفاض في المخاطر التي تواجه مشغلي الطائرات في الاتحاد الأوروبي نتيجة لتطور التهديد".
في سياق مواز، أوعز وزير الأشغال والنقل علي حمية إلى مطار رفيق الحريري الدولي بالطلب من طائرة إيرانية كانت متجهة إلى المطار عدم الهبوط وعدم دخول الاجواء اللبنانية، بحسب ما أوردته الوكالة الوطنية للإعلام.
ومن جانبها، أعلنت الخطوط الجوية الإيرانية تعليق رحلاتها إلى مطار رفيق الحريري في بيروت، إلى أجل غير مسمى.
اقتصاد لبنان على "شفير الهاوية"
كان وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني أمين سلام، اعتبر أن الحرب الإسرائيلية على بلاده قضت على كل آمال نمو الاقتصاد، مقدّراً كلفة هذه الحرب بمليارات الدولارات. ومضيفاً: "لا نستطيع الإنكار بأننا على شفير الهاوية". وأشار بمقابلة مع "الشرق" أن "الحرب أرجعتنا خطوات كبيرة إلى الوراء، ودمرت قطاعات حيوية كانت ما زالت تنعش الاقتصاد اللبناني، وفي مقدمتها السياحة والصناعات الغذائية. فضلاً عن دمار شامل لمدن وقرى بكاملها".
وأوضح وزير الاقتصاد اللبناني، أن التحضيرات الاستباقية للحرب، بالتعاون مع القطاع الخاص، نتج عنها خطة متماسكة للأمن الغذائي، بحيث لدينا الآن مواد غذائية تكفي لمدة 4 إلى 5 أشهر، وهناك طلبيات قائمة وشحنات إضافية نترقب قدومها بحراً وجواً، بما سيرفع المخزون الغذائي إلى 6 أشهر.
100 مليون دولار خسائر اقتصاد لبنان شهرياً
يحمل التصعيد العسكري بين إسرائيل وحزب الله تبعات خطيرة على اقتصاد لبنان المنهك أساساً، إذ إن سيناريو الحرب الشاملة قد يكلف البلاد نحو 100 مليون دولار شهرياً، بالإضافة إلى تعريض نحو مليون شخص لخطر النزوح، وفق "أسوشيتد برس". أما سيناريو التصعيد المحدود، على غرار ما حصل في "حرب تموز" عام 2006، والتي استمرت 34 يوماً، فسيكبد لبنان خسائر بنحو 50 مليون دولار شهراً، إلى جانب تعريض حوالي 250 ألف شخص لخطر النزوح.
"موديز" تخفض تصنيف إسرائيل الائتماني للمرة الثانية في عام
وخفضت وكالة "موديز ريتنغز" تصنيف إسرائيل الائتماني للمرة الثانية هذا العام إلى "Baa1" من "A2"، وأبقت على نظرتها المستقبلية السلبية حيال التصنيف في ظل استمرار الصراع في غزة لمدة تقارب العام، فضلاً عن تصاعد حدة الصراع مع "حزب الله" وتفاقم الاضطرابات الجيوسياسية.
وقالت وكالة التصنيف إن هدف إسرائيل المعلن والمتمثل في إعادة سكانها الذين تم إجلاؤهم إلى شمال البلاد "من المرجح أن ينطوي تحقيقه على صراع أكثر حدة". واستندت أيضاً إلى "تراجع احتمالات عقد هدنة في غزة"، وأشارت إلى أن المخاطر السياسية المحلية "زادت إلى جانب المخاطر الجيوسياسية".
استدعاء 3 كتائب احتياط
وفي بيان منفصل، أعلن الجيش الإسرائيلي، صباح اليوم، استدعاء 3 كتائب لقوات الاحتياط لتعزيز دفاع القيادة المركزية، المسؤولة إلى حد كبير عن منطقة الضفة الغربية.
وقال الجيش في بيان، إن هذه الخطوة جاءت بعد تقييم جديد، وإنه سيجري نشر جنود الاحتياط لتنفيذ "مهام عملياتية وتعزيز الدفاعات" في القيادة المركزية، وفق ما أوردت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".
غالانت يقيد التجمعات في وسط إسرائيل
أعلن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أن إسرائيل في "حالة تأهب قصوى على مدار الساعة"، مشيراً إلى "تقييد التجمعات"، في أعقاب الإعلان عن اغتيال الأمين العام لجماعة "حزب الله" اللبنانية، حسن نصر الله.
وأضاف المتحدث أن نصر الله "كان من أشد أعداء إسرائيل على الإطلاق"، معتبراً أن حزب الله "تلقى ضربة موجعة باغتياله".
وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي يهاجم حالياً البنية التحتية لـ"حزب الله"، التي تم بناؤها على مدى سنوات بدعم من إيران.
وأوضح أن وزير الدفاع يوآف غالانت أقر تقييد التجمعات في وسط إسرائيل بحيث لا يزيد أي عدد عن 1000 شخص، لافتاً إلى أنه "لا تغييرات أخرى على التوجيهات الخاصة بالسكان المدنيين".
وتابع: "مهمتنا هي إعادة السكان الذين تم إجلاؤهم، وسنفعل كل ما يلزم. هناك أيام صعبة تنتظرنا، وهذا سيستغرق بعض الوقت".
وأردف: "إسرائيل لا تسعى إلى تصعيد أوسع، بل تسعى إلى إعادة الرهائن والتأكد من أن حدودنا آمنة".
وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هاليفي، في أعقاب الإعلان عن اغتيال أمين عام "حزب الله"، "هذا ليس آخر ما في جعبتنا.. الرسالة بسيطة.. أي شخص يهدد مواطني إسرائيل سنعرف كيف نصل إليه".
المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، اعتبر، في أعقاب الإعلان عن اغتيال الأمين العام لـ"حزب الله، أن نصر الله "أرهب إسرائيل لعقود، وكان أحد أكثر الإرهابيين نفوذاً في العالم"، بحسب تعبيره.
كما قال إن لبنان "أصبح قاعدة مسلحة في ظل قيادة نصر الله"، مشيراً إلى "حزب الله"، "كان يخطط للتسلل إلى المجتمعات الإسرائيلية وقتل وخطف إسرائيليين".
"ضربة كبيرة"
وأقر نصر الله، في آخر خطاب له يوم 19 سبتمبر، بأن جماعته تلقت "ضربة كبيرة"، واعتبر أن الهدف الإسرائيلي من "تفجيرات البيجر" والأجهزة اللاسلكية، هو الضغط على الحزب لوقف القتال على جبهة لبنان، لكنه تعهد بمواصلة المعركة، مؤكداً أن "جبهة لبنان لن تتوقف قبل وقف العدوان على غزة".
وبدأ "حزب الله" سلسلة مناوشات واشتباكات يومية عبر الحدود مع إسرائيل منذ 8 أكتوبر 2023 "إسناداً لغزة" في اليوم التالي لاندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، والتي أودت بحياة أكثر من 41 ألف فلسطيني، حتى الآن.
وجاء اغتيال نصر الله، ليمثل ثاني ضربة بهذا المستوى، بعد اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" الفلسطينية، خلال وجوده في العاصمة الإيرانية طهران، في 31 يوليو الماضي، وتتوعد إيران منذ ذلك الحين بالرد على إسرائيل التي لم تعلن مسؤوليتها رسمياً عن اغتيال هنية.
أسعار النفط ترتفع
وارتفعت أسعار النفط، أمس بعد أن قالت إسرائيل إن جيشها ضرب المقر الرئيسي لحزب الله في جنوب بيروت، مما أدى إلى تفاقم التوترات في الشرق الأوسط. وصعد سعر خام غرب تكساس الوسيط بحوالي 1% لتتم تسويته فوق مستوى 68 دولاراً للبرميل، بينما ارتفع سعر خام برنت لتتم تسويته بالقرب من مستوى 72 دولاراً للبرميل. ومع ذلك تكبد الخامان خسائر أسبوعية وسط مخاوف حيال الإمدادات.
وأضاف الجيش، أن المواقع شملت مباني لتخزين الأسلحة وقاذفات صواريخ موجهة نحو إسرائيل، مشيراً إلى أن غارات إضافية ما زالت مستمرة.