جدل حول إمكانية رفع درجة حرارة البطاريات أو دمج المتفجرات داخل الأجهزة

انفجار أجهزة البيجر في لبنان يكشف أحدث أساليب أعمال التخريب

سيارات الإسعاف في المركز الطبي التابع للجامعة الأميركية في بيروت، بعد انفجار غامض الذي وقع لآلاف أجهزة الاستدعاء في لبنان بتاريخ 17 سبتمبر 2024 - المصدر: بلومبرغ
سيارات الإسعاف في المركز الطبي التابع للجامعة الأميركية في بيروت، بعد انفجار غامض الذي وقع لآلاف أجهزة الاستدعاء في لبنان بتاريخ 17 سبتمبر 2024 - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

شهدت الأراضي اللبنانية حادثة تفجير أجهزة البيجر لم تكن سوى وجه آخر للحروب السيبرانية في أقبح صورها وأشدها ضراوة بعدما أسفرت عن مصرع وإصابة الآلاف، فيما تشير أصابع الاتهام إلى إسرائيل صاحبة التاريخ الممتد لمثل هذه الهجمات عبر المنطقة التي باتت يدها الطولى لشن هجمات.

منذ اللحظة التي بدأت فيها أجهزة البيجر بالانفجار عبر كافة أنحاء لبنان أمس، بدأت النظريات تنتشر حول سبل تحويل أجهزة تُعتبر قديمة في معظم أنحاء العالم إلى أسلحة خطيرة بعدما أسفرت عن مقتل عدد من الأشخاص وإصابة ما يقرب من 3 آلاف آخرين.

فيما وجّه لبنان لإسرائيل الاتهام بتدبير الهجوم الذي استهدف مقاتلي حزب الله، تركز قدر كبير من الجدل على احتمال أن تكون سلسلة التوريد الخاصة بهذه الأجهزة القديمة قد اختُرقت. وتتمثل إحدى الأفكار المنتشرة في أن أجهزة البيجر عُدلت بحيث ترتفع درجة حرارة بطارياتها حتى تنفجر في النهاية.

انفجارات لبنان "عمل تخريبي مدبر"

أوضح وزير الاتصالات اللبناني، جوني قُرم، في حديثه مع بلومبرغ أن ارتفاع درجة حرارة البطاريات يشير إلى وجود "عمل تخريبي مدبر".

لكن خبير الأمن السيبراني روبرت غراهام رفض هذه النظرية، حيث علق على منصة إكس قائلاً: "جعل البطاريات تقوم بأمر أكثر من الاحتراق مسألة صعبة وغير واقعية. الأكثر واقعية هو أن شخصاً ما قد رشى المصنع لإدخال المتفجرات".

وبرز من بين النظريات الأخرى أن إشارة إلكترونية قد تكون هي التي فجرت هذه الأجهزة.

قال مارك مونتغومري، وهو أدميرال متقاعد والمدير التنفيذي للجنة سيبرسبيس سولاريوم كوميشن" (Cyberspace Solarium Commission): إذا كان هذا صحيحاً، أعتقد أن الخلل المادي مقصود، وتم تمكينه بواسطة تقنية سيبرانية أو إشارة تردد لاسلكي".

عرضت قناة المنار التابعة لحزب الله صوراً قالت إنها لأجهزة استدعاء من طراز "موتورولا" كانت تُستخدم قبل الهجوم. وصرح نائب برلماني عن حزب الله، إبراهيم الموسوي، لشبكة التلفزيون التابعة للحزب بأن "هذه الأجهزة جرى تفجيرها بتقنية عالية من قبل العدو الإسرائيلي."

لم تستجب شركة "موتورولا سوليوشنز" فوراً لطلبات بلومبرغ للتعليق على الموضوع.

"اختراق سلسلة التوريد"

قالت ديبا كوندور، أستاذة الهندسة الكهربائية والحاسوبية في جامعة تورنتو، إنها تشتبه في أن الأمر يتعلق بـ"اختراق سلسلة التوريد". أوضحت أنه في مثل هذا الهجوم قد يخترق الجاني سلسلة التوريد الأولية لجهاز البيجر ليصنع مكوناً حساساً يحتوي على شحنة متفجرة مدمجة، دون علم البائع النهائي. يمكن أن يبقى هذا المكون المتفجر داخل جهاز البيجر لشهور أو سنوات قبل تفجيره عند استلام رسالة تؤدي لتفعيل الجزء المعدل.

رغم أن الهواتف المحمولة حلت محل أجهزة البيجر في معظم أنحاء العالم، إلا أن تقريراً من الإذاعة الوطنية العامة (NPR)  أشار مؤخراً إلى أن الأطباء في المستشفيات الأميركية ما زالوا يفضلون هذه الأجهزة لتوصيل الرسائل بسرعة ودقة. كما تُستخدم أجهزة البيجر بصفة روتينية في المرافق الطبية في لبنان.

يستخدم عناصر حزب الله أجهزة منخفضة التقنية مثل أجهزة البيجر وأجهزة الاتصال اللاسلكي لتجنب اعتراض اتصالاتهم من قبل الاستخبارات الإسرائيلية. يمكنهم إرسال رسائل مشفرة دون الكشف عن مواقعهم.

لم تؤكد إسرائيل أو تنف تورطها في الهجمات. لكن ماثيو ليفيت من مؤسسة "واشنطن إنستيتيوت" قال: "إنه، بكل المقاييس، يُعتبر نجاحاً استخباراتياً كبيراً لإسرائيل، ما يعني أنهم اخترقوا قنوات الأمن التابعة لحزب الله".

وأضاف: "إسرائيل تُصعد من الأمور بطرق معينة، لكنها في الواقع تحاول توجيه رسالة إلى حزب الله دون الانخراط في حرب شاملة".

من جهتها، قال مسؤولون أميركيون إنه لم يكن لديها علم مسبق حول انفجار أجهزة البيجر.

عمليات الاستخبارات الإسرائيلية

تُعتبر الاستخبارات الإسرائيلية بارعة في تنفيذ عمليات تخريب سرية دون الاعتراف بتورطها فيها. على سبيل المثال، هجوم "ستوكسنت" (Stuxnet)  الذي اكتُشف خلال 2010، حيث تم زرع برنامج كمبيوتر أدى إلى تدمير ما يصل إلى 1000 جهاز طرد مركزي نووي في إيران من خلال جعله يدور بسرعة ليخرج عن نطاق السيطرة. واعتُبر هذا الهجوم على نطاق واسع ثمرة لجهد مشترك بين إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية.

في عام 1996، قُتل صانع القنابل في حماس يحيى عياش في مدينة غزة عندما انفجر هاتفه المحمول خلال مكالمة أسبوعية مع والده في الضفة الغربية. وأشارت أصابع الاتهام لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي "الشاباك" في تنفيذ عملية القتل. خلال 2001، كما أُلقي باللائمة على إسرائيل في تفخيخ هاتف عمومي في مدينة نابلس في فلسطين، حيث انفجر عندما حاول أسامة جوابرة، عضو في جماعة فلسطينية مسلحة، استخدامه.

وخلال يوليو الماضي، قُتل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في انفجار أثناء إقامته في دار ضيافة في طهران. وكما هو معتاد، لم تؤكد إسرائيل أو تنف تورطها في الهجوم، الذي يُعتقد أنه ناجم عن قنبلة زُرعت في المكان وجرى تفجيرها عن بُعد.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك