مرشحة الحزب الديمقراطي تركز في خطاب اليوم على وعود خفض التكاليف الأساسية للمعيشة

ما خطة هاريس لمعالجة المخاوف الاقتصادية للناخبين الأميركيين؟

نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس خلال فعالية في أبر مارلبورو بولاية ماريلاند في الولايات المتحدة الأميركية بتاريخ 15 أغسطس 2024 - بلومبرغ
نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس خلال فعالية في أبر مارلبورو بولاية ماريلاند في الولايات المتحدة الأميركية بتاريخ 15 أغسطس 2024 - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

من المنتظر أن تطرح نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس مقترحات تتضمن تقديم دعم جديد واسع النطاق على المستوى الفيدرالي للآباء ومشتري المنازل والمواطنين الأميركيين من ذوي الدخل المنخفض، إلى جانب برامج جديدة للحد من الزيادات في إيجارات المساكن وأسعار مواد البقالة، وذلك في إطار مساعى إقناع الناخبين بأنها ستتحرك بسرعة لمعالجة أحد أهم اهتماماتهم المتمثلة في ارتفاع تكاليف المعيشة.

مرشحة الحزب الديمقراطي، التي ستكشف عن خططها بعد ظهر اليوم في ولاية نورث كارولينا ضمن سباقها الانتخابي الذي يستمر 3 شهور، تعتزم استهداف بعض النفقات الأساسية للحياة اليومية -تكاليف الغذاء والإسكان والأدوية بوصفة طبية- مع إجراء إصلاح شامل لنظام الضرائب الفيدرالي.

خطة هاريس

تقترح خطة هاريس زيادة الإعفاء الضريبي لكل طفل معال في الأسرة ليصبح 3600 دولار بدلاً من ألفي دولار، مع اعتماد إعفاء أكبر بقيمة 6 آلاف دولار للمواليد الجدد. تقترح هاريس أيضاً توسيع الإعفاء الضريبي على الدخل المكتسب للعاملين بأجر منخفض الذين ليس لديهم أطفال، وزيادة الدعم لأولئك الذين يشترون تأميناً على منصات الخدمات الصحية الفيدرالية.

تشمل خطط نائبة الرئيس أيضاً فرض قيود جديدة على أسعار مواد البقالة، وتوسيع القيود المفروضة على أسعار الأدوية بوصفة طبية التي يتحملها المريض لتشمل كافة المواطنين الأميركيين. ستُنفق عشرات المليارات من دولارات الدولة لتحسين توافر وجودة المساكن التي تقدمها الحكومة الفيدرالية، بينما تعهدت هاريس بتطبيق قواعد جديدة للحد من فرض الشركات ومالكي العقارات أسعاراً باهظة.

يأتي هذا الجهد بوقت تحاول فيه مرشحة الانتخابات الرئاسية عن الحزب الديمقراطي بسرعة التعريف بنفسها للشعب الأميركي، قبل أقل من 3 شهور من انتخابات نوفمبر. تتضمن رسالتها اعترافاً بأن العديد من الأميركيين غير راضين عن الوضع الاقتصادي الحالي، في تحول ملحوظ عن إصرار الرئيس جو بايدن على الدفاع عن سجل الأداء الاقتصادي لإدارته، والذي أسهم في مخاوف الزعماء الديمقراطيين من أن الناخبين يرون أنه منفصل عن الواقع.

ينقسم خبراء الاقتصاد حول مدى جدوى وفاعلية بعض مقترحات هاريس، لا سيما جهود وضع حد أقصى للأسعار.

وصف البنك الدولي في عام 2022 قيود الأسعار المؤقتة بأنها "ثاني أفضل خيار"، نظراً لأنها قد تكون غير فعالة ومكلفة، رغم أن البنك يقر بدورها في إبقاء توقعات التضخم تحت السيطرة، شريطة أن تُصمم بطريقة جيدة. يُهدد اقتراحها بتقديم مساعدة 25 ألف دولار لمشتري المنازل لأول مرة للحصول على رهن عقاري بزيادة أسعار المساكن بصورة أكبر.

تكلفة باهظة

تنطوي عناصر أخرى من مقترحات هاريس على تكلفة كبيرة.

 يرجح أن يكلف توسيع إعفاء ضرائب تربية الأطفال مئات المليارات أو تريليونات الدولارات على مدى العقد المقبل، رغم أنه قد يحظى بدعم الحزبين حيث اقترح أيضاً جي دي فانس، (المرشح لمنصب نائب الرئيس مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب)، زيادة الائتمان إلى 5 آلاف دولار لكل طفل. من المقرر أن تنخفض قيمة الإعفاء الضريبي الذي يحظى بشعبية مع نهاية 2025، ما يعني أن من يفوز في انتخابات الرئاسة الأميركية سيعاني من ضغوط لتجديد العمل به.

رغم ذلك، يعتقد المستشارون أن التركيز على القضايا المالية يوفر إطاراً مناسباً للناخبين الذين ما زالوا يعتبرون الاقتصاد ضمن أكبر اهتماماتهم. وتمثل أيضاً فرصة لهاريس لتسليط الضوء على السنوات التي أمضتها إبان توليها منصب مدعي عام ولاية كاليفورنيا في الدفاع عن المستهلكين في قضايا تثبيت الأسعار.

حتى مع إشارة خبراء الاقتصاد إلى أن اضطرابات سلاسل التوريد وإنفاق الحكومة الفيدرالية خلال فترة وباء كورونا يشكلان العاملين الرئيسيين في ارتفاع الأسعار، يحتج الديمقراطيون بأن التضخم في الولايات المتحدة، الذي بلغ أعلى مستوياته خلال 40 سنة عند 9.1% منتصف 2022، كان مدفوعاً بارتفاع هائل لأرباح الشركات. وجد مستشارو هاريس في استطلاعات الرأي ومجموعت نقاشية تركز على قضايا محددة أن العديد من الأميركيين يتفقون مع هذا الرأي.

عقد ترمب، سعياً منه لمواجهة الاهتمام المتوقع بشأن هذه المقترحات، مؤتمراً صحفياً أمس في نادي الغولف الخاص به في نيوجيرسي وصف فيه خطة هاريس بأنها ذات صبغة "شيوعية" وحذر من أن جهود السيطرة على أسعار مواد البقالة ستسفر عن "نقص الغذاء وفرض نظام توزيع الحصص التموينية المقننة والجوع وارتفاع التضخم في الولايات المتحدة بصورة كبيرة".

تفاصيل قليلة

في حين ستكشف هاريس عن بعض التفاصيل السياسية في خطابها المقرر بعد ظهر اليوم أمام حشد من الجماهير، لا يُنتظر أن تطرح الكثير من التفاصيل خلال خطابها. بدلاً من ذلك، يقول داعمون لها إن  إيصال رسالة توضح أنها تتفهم الصعوبات الاقتصادية التي يواجهها الناخبون وأنها ستقاتل للحد منها يعتبر أمراً أكثر أهمية من الناحية السياسية.

قال آدم جرين، المؤسس المشارك لـ"لجنة حملة التغيير التقدمي"، التي عملت بطريقة وثيقة مع حملة هاريس بشأن الرسائل الاقتصادية، مستندة إلى استطلاعات رأي أسبوعية تجريها مؤسسة "داتا فور بروغريس" (Data for Progress): "نحن مهتمون أكثر بطريقة تقديم الرواية أكثر من أمور السياسة الدقيقة. هاريس محقة في البدء بأسعار مواد البقالة، لأنها أكثر نقطة مثيرة للمتاعب في حياة الأشخاص بطريقة هائلة".

تدخل هاريس خطاب اليوم الجمعة متقدمة بفارق ضئيل في استطلاعات الرأي حول الاقتصاد الأميركي، في موقف نادر لمرشح رئاسي عن الحزب الديمقراطي.

أفاد استطلاع للرأي أجرته صحيفة "فاينانشيال تايمز" وكلية "روس" للأعمال بجامعة ميشيغان، نُشر الأحد الماضي أن 42% من الناخبين المسجلين يثقون بها في التعامل مع الاقتصاد، بينما قال 41% إن ترمب سيؤدي بطريقة أفضل. تأخر بايدن عن ترمب بفارق 6 نقاط عندما أُجري استطلاع الرأي الأخير يوليو الماضي.

التخوفات الاقتصادية

عموماً، جاءت البيانات الاقتصادية الأميركية الأخيرة قوية. ارتفعت الأسهم يوم الخميس بعد أن أظهرت التقارير أن الإنفاق على قطاع التجزئة وسوق العمل ما يزالان يتمتعان بقوة جيدة. أفاد تقرير مكتب إحصاءات العمل أمس الأول بأن التضخم الأساسي الأميركي تراجع على أساس سنوي للشهر الرابع على التوالي، ما يُبقى بنك الاحتياطي الفيدرالي على مسار تخفيض أسعار الفائدة سبتمبر المقبل.

رغم ذلك، ظهرت بعض بوادر القلق التي دفعت المحللين إلى زيادة احتمالات الركود الاقتصادي. ارتفع معدل البطالة في يوليو الماضي إلى 4.3%، ليصل لأعلى مستوياته منذ 3 أعوام. رغم الأخبار الاقتصادية الإيجابية بصفة عامة، فإن التشاؤم يهيمن على توقعات الناخبين. في استطلاع رأي "فاينانشيال تايمز" وجامعة ميشيغان، وصف 73% من المشاركين الأوضاع الاقتصادية الأميركية بأنها سلبية.

بينما تتعهد هاريس بالتصدي لممارسات شركات الأدوية في حال فوزها في الإنتحابات الرئاسية، يمكنها أيضاً الإشارة إلى ما فعلته إدارة بايدن بالفعل لتخفيض التكاليف. للمرة الأولى منذ انسحابه من سباق الإنتخابات، انضم بايدن إلى هاريس في ظهور علني أمس للإعلان عن الأسعار المخفضة التي حصلوا عليها من شركات الأدوية للمشتركة في برنامج الرعاية الطبية لكبار السن (فوق 65 عاماً). 

تقول هاريس إنها ستحث الحكومة على التفاوض للحصول على وفورات إضافية بصورة أسرع، ووضع حد أقصى للتكلفة الشهرية للأنسولين عند 35 دولاراً لكافة المواطنين الأميركيين.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك