الحركة تعمل على ضبط خطابها لتحقيق نجاح أكبر والدليل على ذلك الانتصارات الانتخابية في معاقل حزب المحافظين

حزب الخضر قوة صاعدة في المملكة المتحدة

ملصق حزب الخضر، في 2 يوليو 2024 في بريستول، إنجلترا - المصدر: بلومبرغ
ملصق حزب الخضر، في 2 يوليو 2024 في بريستول، إنجلترا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

صعود "حزب إصلاح المملكة المتحدة" حظي بتوثيق جيد ومناقشة واسعة، بعد أن حصل ذلك الحزب الشعبوي اليميني الذي يقوده نايجل فاراج على خمسة مقاعد في الانتخابات العامة التي أجريت الأسبوع الماضي. غير أن هناك زاوية أخرى يستدعي نجاح الحزب إلقاء نظرة عليها.  

منذ عام 2010، شغل "حزب الخضر" مقعداً واحداً فقط في مجلس برايتون بافيليون، وهي دائرة تقع في جنوب إنجلترا. لكنه حصل على ثلاثة مقاعد أخرى في تصويت الناخبين يوم الخميس الماضي، ما زاد إجمالي أعضائه في البرلمان إلى أربعة، ونصيبه من الأصوات إلى 7%، ارتفاعاً من 3% في عام 2019. 

جاء تقدم "حزب إصلاح المملكة المتحدة" أسرع من ذلك وأكثر درامية، إذ احتشد الناخبون خلف قضايا الهجرة، وعبروا عن خيبة أملهم في "حزب المحافظين". بيد أن مكاسب "حزب الخضر" تحققت بجزء ضئيل جداً من الاهتمام الإعلامي والتمويل الحزبي. وعلى الرغم من مساهمة عوامل كثيرة في نجاح الحزب، فإن انتصاره يكشف عن رغبة واضحة في العمل على حماية البيئة في بريطانيا.

حزب
حزب - بلومبرغ

واتضح أن "الخضر"، الذين يشتهرون بجذب الشباب الليبراليين من سكان الحضر، استفادوا من غضب الناخبين من موقف "حزب العمال" من غزة ومن قضايا العابرين جنسياً في مدينتي بريستول وبرايتون التقدميتين. فقد دعا "حزب العمال" إلى فرض عقوبات على إسرائيل، بينما ينص بيانه على أنه "سيطلق حملة من أجل حق العابرين وغير الثنائيين جنسياً في التحديد الذاتي للهوية الجندرية". 

غير أن المقاعد التي فاز بها الحزب فوزاً مريحاً في معاقل "حزب المحافظين" الريفية، أهم كثيراً من الفوز في بريستول سنترال. 

فازت عضو البرلمان إيلي شونز بمقعد هيرفوردشاير نورث، وهي منطقة ريفية سيطر المحافظون عليها منذ عام 1906، بينما فاز زميلها في الحزب أدريان رامساي في ويفني فالي – وهي دائرة انتخابية جديدة على الحدود بين نورفولك وسافولك، وتصنفها شركة "إليكتورال كالكولاس" الاستشارية باعتبارها "معقلاً يمينياً".  

يعاني حزب الخضر من نقص التمويل للدفاع عن القضايا البيئية التي يتصدى لها
يعاني حزب الخضر من نقص التمويل للدفاع عن القضايا البيئية التي يتصدى لها - بلومبرغ

قال رامساي لمحطة "بي بي سي" إن هناك قضيتين أثيرتا بانتظام خلال حملته الانتخابية: "تراجع الخدمات المحلية، لا سيما النقص الكامل في أطباء الأسنان التابعين لهيئة الخدمات الصحية الوطنية في ويفني فالي... وفي الوقت نفسه، فضيحة مياه الصرف الصحي في أنهارنا والتدهور البيئي".

كذلك كان تلوث الأنهار والفيضانات من القضايا المحلية الرئيسية في هيرفوردشاير، حيث أدى التوسع السريع في مزارع الدجاج الصناعية في المنطقة إلى تحويل نهر واي الثمين، من إحدى عجائب الطبيعة التي كتب عنها أمثال الشاعر ويليام وردزورث إلى نهر لزج لا حياة فيه. فمع تسرب الروث –حيث ينتج الدجاج 160 ألف طن متري سنوياً– إلى المياه، مما يتسبب في تكاثر الطحالب، اختفت تقريباً الأسماك والنباتات الرئيسية.

نجحت شونز في استغلال هذه المشكلة المحلية خلال حملتها الانتخابية. فقد اختبرت مستويات التلوث بنفسها، وخرجت إلى المجتمع المحلي، وزارت المزارع والمنازل لكسب تأييد السكان. وقد دعا "حزب الخضر" إلى إنشاء منطقة حماية حول النهر، ومضاعفة الدعم المالي الحكومي للمزارعين ثلاثة أضعاف، للانتقال إلى زراعة صديقة للطبيعة.

تُظهر هذه المقاعد إقبالاً واضحاً بين البريطانيين على دعم اتخاذ إجراءات بيئية قوية، تعتبر طريقاً أمام الحزب نحو تحقيق المزيد من المكاسب من خلال العمل على القضايا المحلية بأجندة أوسع وأشمل. وكشف الحزب عن قدرته على أن يكون أكثر من مجرد فصيل سياسي يتحلق حول قضية واحدة، حيث تناول قضايا مثل الرعاية الصحية والمساواة أيضاً. 

سياسة "ليس في عقر داري"

ومنذ فوزهما، قالت زميلتهما في قيادة الحزب كارلا ديناير إنها والنواب الآخرين من "حزب الخضر" سيدفعون "حزب العمال" لـ"يصبح أكثر شجاعة" في التعامل مع قضايا المناخ والبيئة. غير أنهم سيواجهون تحديات، لا سيما في ما يتعلق بالنفاق المتصور عندما يتعلق الأمر بموقف الحزب من أعمال التطوير والبناء. 

واجه كثير من أعضاء المجلس من "حزب الخضر" اتهاماً بـ"النيمبية" (ليس في عقر داري: نزعة يرفض المؤمن بها بناء مشروع ما قرب مكان سكنه). هناك أمثلة على معارضة مزارع الطاقة الشمسية، ومشاريع الإسكان، والسكك الحديدية عالية السرعة، وحتى مطعم للنباتيين. 

كذلك يعارض القيادي في الحزب رامساي أبراجاً لحمل الأسلاك تمتد على مسافة 100 ميل تمر عبر دائرته الانتخابية الجديدة في ويفني فالي، ويطالب باستبدالها بشبكة بحرية وكابلات برية مدفونة تحت الأرض. 

وعلى الرغم من أن النشطاء يقولون إن الأبراج هي البديل الأرخص، تحذر الشركة التي تشغل شبكة الكهرباء من عدم وجود خيار واحد يحقق قيمة تعادل ما سينفق من أموال، مع سهولة توفير الخدمة، وتقليل التأثير على السكان المحليين إلى الحد الأدنى، وأنه يجب عمل موازنات جدية.

تحتاج المملكة المتحدة إلى مزيد من أبراج نقل الكهرباء ومصادر الطاقة المتجددة والبنية التحتية للشبكة حتى تنجح في التخلص من انبعاثات الكربون، في حين أن خطوط السكك الحديدية الجديدة ستساعد في جعل النقل أكثر استدامة وفائدة. 

تتعارض نزعة "ليس في عقر داري"، تعارضاً مباشراً مع طموحات "حزب العمال" في البرلمان القادم. وقد كشفت وزيرة المالية راشيل ريفز فعلاً عن عدد من الإصلاحات في مجال التخطيط، من بينها إنهاء الحظر الفعلي على مزارع الرياح البرية.

وستكون هذه التغييرات أساسية لبلوغ أهداف الحكومة المتمثلة في الوصول إلى شبكة كهرباء صفرية الانبعاثات بحلول عام 2030، وبناء 1.5 مليون منزل جديد في السنوات الخمس المقبلة.

سيحتاج "الخضر" إلى صوت موحد يوائم بين وجهات نظرهم حول المناخ والسياسات المحلية. مع حصولهم على أربعة مقاعد مقابل 411 مقعداً، يبقى أن نرى إلى أي مدى يمثل الحزب شوكة في خاصرة "حزب العمال"، ولكن الفشل في تصحيح ذلك سيضر بمصداقية ديناير ورامساي في مهمتهما الأساسية.

وبفضل قاعدتهم الشابة وتزايد الاهتمام بقضايا المناخ في بريطانيا، يستطيع "حزب الخضر" أن يواصل توسيع نطاق انتشاره في الانتخابات المقبلة. وعلى أقل تقدير، فإن زيادة حضورهم في مجلس العموم تعزز من سلطة حزب العمال في تحقيق صفر الانبعاثات.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

الآراء الأكثر قراءة