توصل الائتلاف الحاكم في ألمانيا إلى اتفاق متأخر بشأن ميزانية بقيمة 481 مليار يورو (521 مليار دولار) للعام المقبل، واتخاذ تدابير جديدة لتعزيز الاقتصاد، منهياً بذلك أسابيع من الخلافات أثار تساؤلات حول قدرة التحالف الثلاثي على الحكم.
أقر المستشار أولاف شولتس من الحزب "الديمقراطي الاجتماعي"، ووزير الاقتصاد روبرت هابيك من حزب "الخضر"، ووزير المالية من الحزب "الديمقراطي الحر" كريستيان ليندنر، الاتفاق خلال أحدث جولة من المحادثات التي بدأت أمس الخميس، واستمرت حتى صباح الجمعة.
يواجه مشروع خطة الميزانية الآن مرحلة صعبة لتمريره في البرلمان، حيث لا يزال بعض أعضاء الائتلاف غير راضين بشدة عن التخفيضات التي فرضها عليهم ليندنر المتشدد مالياً.
أصر شولتس على أن تسوية الميزانية ستدعم الحكومة في وقت تسود فيه حالة عدم اليقين التي تؤججها حرب روسيا على أوكرانيا، والقلق بشأن تغير المناخ، وصعود القوى المتطرفة في جميع أنحاء أوروبا.
وقال في مؤتمر صحفي، بحضور هابيك وليندنر، إن الأولويات في خطة الإنفاق تشمل الأمن الداخلي والخارجي والتماسك الاجتماعي والإعفاء الضريبي للمواطنين والشركات وحماية المناخ والنمو الاقتصادي.
أضاف: "سعيد لأننا تمكنا من وضع ميزانية توفر الإجابات الصحيحة على أسئلة نواجهها اليوم".
واجه المستشار والوزراء ضغوطاً من أجل إثبات أن الائتلاف لا يزال قادراً على الاستمرار، بعد الأداء الكارثي في انتخابات البرلمان الأوروبي الشهر الماضي.
دفع ذلك المحافظين المعارضين الرئيسيين، الذين يحظون بتقدم قوي في استطلاعات الرأي، إلى المطالبة بإجراء الانتخابات الوطنية المقبلة بشكل عاجل، والتي كان مقرراً إجراؤها في خريف عام 2025.
هزيمة أخرى في سبتمبر
تتجه الأحزاب الحاكمة إلى مواجهة هزيمة أخرى في سبتمبر في ثلاث انتخابات إقليمية بشرق ألمانيا، حيث تظهر استطلاعات الرأي أن حزب "البديل من أجل ألمانيا" من أقصى اليمين هو الكتلة الأقوى.
تعثرت المفاوضات بشأن أحدث مشروع قانون تمويلي؛ بسبب إصرار ليندنر على استعادة فرض سقف صارم على الاقتراض الجديد الصافي هذا العام، والذي تم تعليقه للمساعدة في التعامل مع أزمتي كورونا والطاقة.
أجبر زعيم "الحزب الديمقراطي الحر" جميع زملائه في مجلس الوزراء على التقشف في الإنفاق باستثناء وزير الدفاع بوريس بيستوريوس، الذي سيحصل على ما يكفي من المال لضمان استمرار تلبية ألمانيا لهدف "الناتو" بإنفاق 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الجيش.
قال ليندنر إن مشروع الميزانية يتوقع استثمارات تبلغ حوالي 100 مليار يورو، واقتراضاً جديداً صافياً بقيمة 44 مليار يورو، بما يتماشى مع السقف الذي حدده الدستور، والمعروف باسم "كابح الديون". أضاف أن رقم الاقتراض الجديد يأتي في مقابل حوالي 51 مليار يورو هذا العام، بما في ذلك 11 مليار يورو إضافية في ميزانية تكميلية.
من جانبه، ذكر هابيك أن حزمة النمو - التي تأتي في مقدمة مجموعة مماثلة من تدابير تم سنّها في وقت سابق من العام الجاري - يمكن أن تضيف 0.5 نقطة مئوية إلى معدل النمو الضعيف في ألمانيا.
تتضمن الحزمة تدابير مصممة لتعزيز الاستثمار الخاص والعام، وتسريع توسع مصادر الطاقة المتجددة، وتقديم إعفاءات ضريبية إضافية للشركات، وحوافز للأشخاص للعمل لفترة أطول. كما ستمدد الحكومة الإعفاء الضريبي على تكاليف الكهرباء للمصنعين، وتكثّف الجهود للتخلص من البيروقراطية.
سعى شولتس في البداية إلى الحصول على موافقة مجلس الوزراء على ميزانية 2025 يوم الأربعاء الماضي، لكن ذلك تم تأجيله حيث أُثير جدل بين الوزراء بشأن التخفيضات. من المقرر الآن أن يوقعوا على الخطة في 17 يوليو.
أبدى ممثلو حزب "الخضر" انزعاجهم بشكل خاص من التخفيضات التي أصبحت ضرورية؛ بسبب إصرار ليندنر على استعادة كبح الديون.
موافقة متأخرة على الميزانية
تمسكت وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك بموقفها حتى اللحظة الأخيرة، ولم توافق على الميزانية إلا في وقت مبكر من يوم الجمعة تجنباً لحدوث انقسام في الائتلاف الحاكم، وفقاً لشخص مطلع على رؤيتها.
أضاف الشخص المطلع الذي طلب عدم الكشف عن هويته لسرية المداولات، أن اتفاقية الميزانية تضم بنداً يضمن مرونة إضافية في حالة حدوث أزمة عالمية مفاجئة.
قال رولف موتزينيش، رئيس كتلة "الحزب الديمقراطي الاجتماعي" بمجلس النواب، يوم الجمعة، إن خيار تعليق نظام كبح الديون لا يزال مطروحاً للنقاش، رغم أن ليندنر استبعد ذلك مجدداً.
بمجرد إقرار مشروع الميزانية من قبل مجلس الوزراء، سيُرسل إلى البرلمان لتدقيقه من قبل النواب. من المتوقع بعد ذلك أن يحظى بموافقة كل من مجلس النواب أو "بوندستاغ"، والمجلس الأعلى في البرلمان "بوندسترات" الذي يضم ممثلين من 16 منطقة بألمانيا، وذلك بنهاية العام الجاري.