تحبذ الجامعات الراقية أن تصف نفسها بالشمولية لكنها تكتسب سمعتها من كونها انتقائية

تايلر كوين: النفاق متجذر في الجامعات النخبوية الأميركية

طلاب جامعة كورنيل يسيرون في الحرم الجامعي في إيثاكا بنيويورك  - المصدر: بلومبرغ
طلاب جامعة كورنيل يسيرون في الحرم الجامعي في إيثاكا بنيويورك - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

جدد النواب الديمقراطيون في الكونغرس سعيهم لحظر المحاباة في قبول أرقى الجامعات الأميركية للطلاب بناءً على صلات قرابة مع خريجيها، ونتاج ذلك أنه بإمكان الجميع تقريباً أن يتوقعوا شيئاً واحداً من ذلك، وهو الحرج من هذا الفكر.

إن قبول الطلاب على أساس القرابة جزءٌ من نظام أوسع تحابي فيه الجامعات والكليات النخبوية في الولايات المتحدة العائلات الثرية في ما يخص القبول، إذ يمكنك أن تضمن مكاناً لك في تلك المؤسسات مقابل المال، سواء كان ذلك لأنك نشأت في أسرة لها سجل في الانتماء لجامعة ما، ويُرجّح أنها تُقدِّم تبرعاً لها، أو أنك ابن لشخص يُقدِّم تبرعاً كبيراً لتلك الجامعة.

نحو 43% من الطلاب أصحاب البشرة البيضاء الذين قبلتهم جامعة هارفرد، التحقوا بها بسبب إنجازات في الرياضة، أو على أساس القرابة، أو عبر لائحة العميد التي ترتبط عادةً بالتبرعات، أو لأنهم من أبناء أعضاء هيئة التدريس والعاملين بالجامعة.

هناك عدد كبير من الدوافع وراء ممارسات قبول الطلاب هذه، لكن أحد أكبر تلك الدوافع هو الرغبة في جلب مزيد من المال وتعزيز مصادر الجامعة.

باعتباري على اليمين السياسي من أغلب زملائي من أعضاء هيئة التدريس والإداريين، ليست لدي مخاوف في ما يتعلق بقبول حجّة أن الجامعات والكليات بحاجة لأن تزداد ثراءً. قد يعني ذلك التسامح مع مختلف أشكال عدم المساواة على المدى القصير، وذلك لأن الوسط الأكاديمي سيولّد على المدى الأطول مزيداً من الابتكار الذي يفيد الجميع فعلياً، بمن فيهم الفقراء.

النفاق أم الحرج؟

لا يجد كثيرون ممن يتبعون التيار اليساري مثل هذه الحجّة جذابة. فعلى سبيل المثال، عادة ما ينتقد المنطق القائل إن عدم المساواة في السياسة الضريبية على المدى القصير قد تجلب منافع على المدى الأطول باعتبارها من ضروب "الاقتصاد المتدرج من أعلى إلى أسفل". رغم ذلك، فإن أياً من أنصار الجامعات التي تنتمي لما يسمى "آيفي ليغ" (رابطة اللبلاب) عليه أن يتبنّى الفكرة المتمثلة في أن أفضل دفاع عن سياسات القبول في أكثر جامعات الولايات المتحدة مكانةً، هو حجّة أقرب للفكر اليميني لا ترتاح لها تلك الجامعات بتاتاً.

اقرأ أيضاً: الديمقراطيون يخططون لخفض الضرائب على الجامعات الأميركية مقابل دعم الطلاب

لذا فهي تبذل جهداً كبيراً لتبدو منفتحةً ومنصفة، إذ تتبنى أفضل الجامعات الأميركية ما يُعرف باسم سياسات "التنوع والإنصاف والشمول" للترويج لهذه المبادئ، وذلك لتعزيز صورتها وتقليل الدعاوى المرفوعة ضدها، وربما لتهدئة شعورها بالذنب على المستوى المؤسسي أيضاً.

الشمول في تلك المعادلة هو أصعب عناصرها من حيث قدرتها على الدفاع عنه. إذ تقبل أكثر الجامعات المرموقة نسبة ضئيلة فقط من المتقدمين لها. فمثلاً، قبلت "ستانفورد" أقل من 4% من الطلاب المتقدمين للالتحاق بها خلال العام الماضي، ما يطرح تساؤلاً: "إلى أي مدى تطبق تلك المؤسسات مبدأ الشمول؟".

الجميع يعلم أن تلك الجامعات نخبوية قلباً وقالباً، وأنها تشجع طلابها وأعضاء التدريس العاملين بها، بشكل مباشر أو غير مباشر، على أن يفخروا بالانتماء لتلك المؤسسات الانتقائية. والأهم من ذلك هو تشجيع الآباء الأثرياء على أن يشعروا بالفخر أيضاً. إذاً مَن المخدوع تحديداً في هذا؟

لذا تواجه أفضل الجامعات خيارين: إما أن تبدو منافقة، أو أن تدافع عن نفسها باستخدام الخطاب الذي يميل للفكر اليميني. لذا هي تفضل صورة النفاق.

توترات أيديولوجية

بالطبع يضر ذلك بسمعة تلك المؤسسات. قد لا يحيط الأميركيون بمعظم تفاصيل أحدث القضايا المثيرة للجدل في جامعة "برينستون" أو جامعة "كولومبيا"، لكنهم يشعرون بقوة، أن مثل تلك الجامعات النخبوية منافقة، حين يتعلق الأمر بممارسات القبول لديها.

تعاظم هذا الشعور بسبب التجاذبات والاحتجاجات بشأن الحرب بين إسرائيل وحماس في أروقتها. إن معظم الأميركيين لا يولون هذا الأمر اهتماماً كبيراً، لكن الجامعات ربما تواجه وقتاً عصيباً في إقناع عامة الناس بأنها تعامل المحتجين والنشطاء بعدالة، وذلك لأن عامة الناس يعتقدون أنها لا تعامل الساعين للقبول لديها بعدالة.

هناك أيضاً توترات أيديولوجية على جانب الفكر اليميني. اعتاد المحافظون على اتهام أفضل الجامعات بالإفراط في الفكر اليساري، وهو ادعاء تدعمه البيانات. قد يكون لهم رأي مختلف في التعليم العالي النخبوي، إذا اعتبروه أحد الممارسين الرواد لمبدأ الاقتصاد المتدرج من أعلى لأسفل.

اقرأ أيضاً: صندوق وقف جامعة "ييل" يواصل الربحية للعام 14 على التوالي

سيتطلب حظر القبول في الجامعات على أساس القرابة، إقحام الحكومة الاتحادية في نشاط وممارسات قبول الطلاب بجامعات القطاع الخاص، خصوصاً حين يتعلق الأمر بالقضايا المتعلقة بالإنفاذ. لنتخيل الرد: "نحن لم نقبلك لمجرد أن والدك تخرج من هذه الجامعة". رغم ذلك، لا أتوقع أن يتعارك الساسة المحافظون من أجل جامعة "ييل" أو جامعة "دارتموث"، رغم أن التيار التحرري في فكر الحزب الجمهوري قد يميل لأن يقترح ذلك.

توسع غير مبرر

في ما يخصني، أنا أدرِّس في جامعة تابعة لولاية، وهي "جورج مايسون"، التي تقبل نحو 90% من إجمالي المتقدمين للالتحاق بها. إذا كان لدى شخص ما فرصة لأن ينجح، فنحن نقدم له الفرصة لإثبات ذلك. لا يمكن لكل المؤسسات أن تعمل بهذه الطريقة أو ينبغي أن تفعل ذلك، لكن المؤسسة التي أعمل لديها، جامعة تطبق مبدأ الشمول، وأنا فخور بذلك.

تبعاً لذلك، أنا أستطيع أن أناهض مشروع القانون الذي يعارض قبول الطلاب في الجامعات على أساس القرابة لسببين يدعم كل منهما الآخر. الأول هو أن هذا يعكس توسعاً غير مبرر للصلاحيات الاتحادية على التعليم العالي. حتى لو كنت من مناهضي سياسة قبول الطلاب على أساس القرابة، أو تود أن تكبح جماح الجامعات المنتمية للـ"آيفي ليغ"، فقد لا ترضى بكيفية استخدام تلك الصلاحيات الاتحادية في المرة المقبلة.

الأمر الثاني، أنني لا أناهض فكرة عالم تطبق فيه أفضل الجامعات الأميركية مبدأ الاقتصاد المتدرج من أعلى لأسفل وتتبناه ضمناً. فعلى جهة ما أن تحمل الراية وتمضي بها قدماً، وربما سيثبت حصان طروادة هذا يوماً ما أنه عامل حاسم في معركة فكرية. في تلك الأثناء، يمكنني الضرب بسلاح نفاق نخبة قطاع التعليم، وأن أشعر بالرضا عن نفسي أيضاً.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك