شدد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، على أنه يجب الوصول إلى حل بشأن القضية الفلسطينية، عند الحديث عن تطبيع العلاقات مع إسرائيل في حال تم التوصل لاتفاق بشأن ذلك، لافتاً إلى استمرار المفاوضات مع الإدارة الأميركية، في حين أكد أنه "إذا امتلكت إيران سلاحاً نووياً، فسينبغي على السعودية أن تحصل عليه أيضاً"، لكنه انتقد سعي أي بلد للحصول على سلاح نووي.
وقال ولي العهد السعودي، خلال مقابلة مع قناة "فوكس نيوز"، عند سؤاله عن تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن "تسعى لتحقيق ذلك"، لكنه أضاف "بالنسبة لنا فإن القضية الفلسطينية مهمة للغاية، ويجب الوصول لحل بشأنها، لدينا مفاوضات جيدة، ولا تزال مستمرة حتى الآن، سنرى إلى أين سنصل".
وعبر الأمير محمد بن سلمان، عن أمله في "الوصول إلى حيث يمكن تحسين حياة الفلسطينيين، وجعل إسرائيل لاعباً في المنطقة".
نووي إيران
ورداً على سؤال "فوكس نيوز"، عما إذا كانت المملكة قلقة من إمكانية حصول طهران على سلاح نووي، أكد الأمير محمد بن سلمان، أن الرياض "قلقة من حصول أي بلد على سلاح نووي لأنه تحرك سيئ"، معتبراً أنه "لا حاجة لامتلاك سلاح نووي لأنه لا يمكنك استخدامه"، بما في ذلك إيران، لأن "أي بلد يستخدم سلاحاً نووياً فسيعني ذلك أنه في حرب مع بقية العالم".
وأضاف ولي العهد السعودي: "العالم لا يستطيع أن يتحمل هيروشيما أخرى، إذا شهد العالم سقوط 100 ألف ضحية، فهذا يعني أنك في حرب مع بقية العالم، لذا من غير المجدي امتلاك سلاح نووي فأنت لا تستطيع استخدامه دون دخول مواجهة عنيفة مع بقية العالم".
وبشأن رؤية الرئيس الصيني 2030، وقضية تايوان، قال ولي العهد: "صرحنا بسياساتنا المتعلقة بالأمر، نحن نؤمن بمبدأ الصين الواحدة، وأعتقد أن الولايات المتحدة تؤمن بنفس الشيء".
وأضاف "هناك بعض الترتيبات المتعين التقيد بها هناك، ولكن أعتقد أن الصينيين يحترمون ذلك إلى غاية الآن. وبالتالي نحن ننتظر ما ستؤول إليه الأمور".
جهود الوساطة في أزمة أوكرانيا
وعن الغزو الروسي لأوكرانيا، قال ولي العهد السعودي، إنه "أمر سيئ، لا أحد يريد رؤيته، أن تغزو بلداً هو أمر يعارض قواعد الأمم المتحدة، مشيراً إلى أن السعودية "صوتت السعودية ضد هذا الغزو"، وتابع "الروس لديهم حجة لما قاموا به، بسبب توسيع الناتو وما إلى ذلك، ولديهم قائمة حجج. غزو أي بلد هو أمر سيئ".
ولفت الأمير محمد بن سلمان، إلى أن المملكة، لديها "علاقات جيدة مع روسيا. كما أن لدينا علاقات جيدة مع أوكرانيا. لدينا علاقات تجارية مذهلة وجوهرية مع كل من أوكرانيا وروسيا. فمن جهتنا، سوف نسعى جاهدين للمضي قدماً لحل هذه المشكلة".
ونفى ولي العهد السعودي، الذي تعد بلاده من أكبر منتجي ومصدري النفط في العالم، أي ارتباط لقرار تحالف "أوبك +" بخفض إنتاج النفط، بدعم روسيا، ففي حين رأى مذيع "فوكس نيوز" أن ارتفاع أسعار النفط الناجم عن خفض الإنتاج "يعزز جهود روسيا في الحرب"، قال الأمير محمد بن سلمان "إذن أنت تتكلم عن الداعمين لأوكرانيا، لكن ماذا عن رئيس أوكرانيا؟ ماذا قال رئيس أوكرانيا؟ لقد قال عكس ذلك تماماً. لقد قال إن المملكة تدعم أوكرانيا، وتدعم الوصول إلى حل بين روسيا وأوكرانيا، وأنها تلعب دور الوسيط بين البلدين".
وأضاف ولي العهد السعودي، في إطار تعليقه، "إذا كنا سنعقد اتفاقاً مع دول (أوبك +) لدعم روسيا، فإن إيران إحدى البلدان الأعضاء في التحالف، وآنذاك كانت إيران عدوتنا، لم يكن لدينا معهم الاتفاق الذي بيننا اليوم، فكيف لنا أن ندعم إيران؟ هذا ليس منطقياً".
وشدد على أنه "في السعودية ندرس فقط معادلة العرض والطلب، عندما يكون هناك نقص في العرض أو الإمداد، فإن دورنا في (أوبك +) هو تغطية ذلك النقص، أما إذا كانت هناك زيادة في الإمداد، فإن دورنا في المنظمة هو موازنة ذلك من أجل تحقيق الاستقرار في السوق".
العلاقات الأميركية السعودية
وفيما يتعلق بالعلاقات السعودية الأميركية، وإدارة الرئيس جو بايدن، خاصة بعد وصفه المملكة بـ"الدولة المنبوذة"، ثم زيارة الرياض، قال ولي العهد إن
"الشيء الوحيد الذي لا يتغير في السياسة هو التغيير نفسه، وبالتالي دائماً ما تغير من سياستك بما يخدم أهدافك كدولة، اليوم لدينا عمل عظيم مع الرئيس بايدن، ونعمل على الشبكة الواسعة التي نقوم ببنائها بين الهند والمملكة وأوروبا".
وأضاف، و"نعمل على ترتيبات السلام بين إسرائيل وفلسطين، لدينا أطول وقف لإطلاق النار في اليمن، وهناك الكثير من التقدم الجيد لإيجاد الحل السياسي، ولدينا الكثير من العمل في أمن واستقرار المنطقة وفي ما هو أبعد منها، في أوكرانيا أيضاً".
وعن مجالات التعاون بين البلدين، أكد ولي العهد السعودي "قمنا بعمل عظيم في التكنولوجيا والبحث والتطوير والاستثمار في تقنية الجيل السادس ومجال الفضاء والعديد من المجالات، لذا فإن مجالات العمل المشتركة بين السعودية والولايات المتحدة، مثيرة للاهتمام ولدينا علاقة ممتازة مع الرئيس بايدن".
ووصف ولي العهد السعودي، الرئيس الأميركي بايدن، بأنه "دقيق وذو تركيز. هو حقاً ذو تركيز ويحضر جيداً، وهذا ما رأيته"، مشيراً إلى أنه يتابع السياسة الأميركية عن قرب أحياناً، موضحاً: "أغلب ما أحاول متابعته هو ما يؤثر على السعودية، ولكن أتابع الشؤون السياسية الأميركية أحياناً".
تغير الإدارات الأميركية
وعن تغير التعامل بين المملكة والولايات المتحدة مع الإدارات الأميركية المتعاقبة، لفت الأمير محمد بن سلمان إلى "صعوبة، في بعض الأحيان، عندما تتغير الادارة كل 4 أو 8 سنوات"، موضحاً: "التغيير في أي بلد دائماً ما يؤدي إلى فترة من المفاوضات ونحن معتادون على ذلك، وعند تغير أي إدارة في الولايات المتحدة نبدأ التواصل والتفاوض معها، ونبحث عن العقبات الموجودة في العلاقة، وما نوع الفرص الجديدة التي يجب أن نعمل عليها، وبعدها نصل إلى مرحلة تكون لدينا فيها خطة محددة للعمل عليها خلال السنوات المقبلة".
وأوضح ولي العهد السعودي، أن قرار صندوق الاستثمار السعودي، باستثمار نحو ملياري دولار مع صندوق كان يؤسسه ويديره جاريد كوشنر، مستشار الرئيس السابق دونالد ترمب وصهره، نابع من "البحث عن فرص الاستثمار، ولدينا العديد من الاستثمارات في جميع أنحاء العالم مع الكثير من الأشخاص والفرص الاقتصادية".
وأكد ولي العهد أنه إذا عاد ترمب إلى الرئاسة، فإن الصندوق سيبقي على الملياري دولار مع كوشنر، لأنه "التزام من صندوق الاستثمارات العامة، وعندما يكون لصندوق الاستثمارات العامة التزاماً تجاه أي مستثمر حول العالم، نحرص على المحافظة عليه".
ورداً على سؤال بشأن ما إذا كان ذلك الأمر سيؤثر على قرارته تجاه إدارة ترمب الجديدة (في حال عودته للرئاسة)، أكد ولي العهد أن المملكة "كبيرة للغاية، لذا فأنا متأكد أن أي شخص في العالم تقريباً، لديه إما على علاقة مباشرة أو غير مباشرة مع المملكة، وإذا كان هذا سيؤثر على قرار ترمب، إذا أصبحَ رئيساً، فهذا يعني أنه سيؤثر على قرارات كل رئيس في العالم وكل شخص في العالم لأنه إما بشكلٍ مباشر أو غير مباشر، لديه علاقة أو مصلحة معينة تربطه بالمملكة".
ملاحقة المتشددين
ووجه ولي العهد السعودي رسالة إلى عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة، بمناسبة الذكرى الـ22 للأحداث، قال فيها: "أشعر بالأسف الشديد لأي شخص فقد أحد أفراد أسرته، لا أحد يريد أن يفقد أحد أفراد أسرته، خاصةً بطريقة مثل هذه".
وأضاف: "نعم كان هناك 15 سعودياً في الهجوم الذي خطط له أسامة بن لادن، هذا أمر معروف. أسامة بن لادن أيضاً خطط للعديد من الهجمات في المملكة، وبالتالي ليس من المنطقي على الإطلاق أن نعمل مع الشخص الذي ينفذ الهجمات الإرهابية في المملكة في التسعينيات، ويقتل السعوديين والأجانب في ذلك الوقت في المملكة. هو عدونا وهو عدو لأميركا. المحاولة الرئيسية لأسامة بن لادن، وفقاً للتقارير، كانت استقطاب أكبر عدد ممكن من السعوديين ليضمن إحداث مشكلة بين الولايات المتحدة والسعودية، لذا إذا انطلت هذه الخدعة على الشعب الأميركي، فهذا يعني أن أسامة بن لادن نجح في تنفيذ خطته".
ورداً على سؤال بشأن الجهد الكبير الذي بذله في "ملاحقة المتشددين"، قال ولي العهد إن "المملكة كانت متحفظة في السابق، وليس فقط المملكة من كانت متحفظة، حتى الولايات المتحدة كانت متحفظة في السابق. الزمن يتغير، والإصلاحات تأتي، وهذا ما حدث في المملكة".