شدد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان اليوم السبت على أهمية التعاون لضمان عدم وجود أسلحة دمار شامل في المنطقة، مشيراً خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الإيراني في العاصمة طهران إلى أنَّه سيوجه لرئيس إيران إبراهيم رئيسي دعوة لزيارة السعودية.
عقد الجانبان جلسة مباحثات رسمية جرى خلالها بحث سبل تطوير العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، بالإضافة إلى مناقشة تعزيز التنسيق المشترك في العديد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، بما يحقق الأمن والاستقرار للمنطقة والعالم، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السعودية.
قال وزير الخارجية السعودي، الذي يعد أول مسؤول رفيع يجري زيارة رسمية إلى طهران منذ عودة العلاقات بين البلدين، إنَّ العلاقة مع إيران قائمة على احترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، مشيراً إلى أنَّ الرياض وطهران بلدان مهمان في المنطقة، و"يجمعهما حسن الجوار".
أسلحة الدمار الشامل
كما أعرب عن أمله في أن "تنعكس عودة العلاقات الطبيعية مع إيران على المنطقة والعالم"، مشدداً على "أهمية التعاون بين جميع دول المنطقة لضمان خلوها من جميع أسلحة الدمار الشامل".
كان وزير خارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان، السبت، قد وصل إلى العاصمة الإيرانية طهران في زيارة رسمية هي الأولى لمسؤول سعودي رفيع منذ عودة العلاقات بين البلدين.
تأتي الزيارة بعد عدة لقاءات جمعت الوزيرين على هامش اجتماع أصدقاء "بريكس" في جنوب أفريقيا، وفي العاصمة الصينية بكين، حيث اتفقا على متابعة تنفيذ اتفاق بكين وتفعيله، بما يعزز الثقة المتبادلة، ويوسع نطاق التعاون، ويسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
في مطلع يونيو الجاري، أعادت إيران فتح سفارتها في الرياض، في تفعيل لاتفاق المصالحة الذي تم بوساطة صينية في مارس الماضي، كما اتفقا على تفعيل اتفاقية التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية.
كان وزير المالية السعودي محمد الجدعان قد أكد خلال مؤتمر القطاع المالي المنعقد بنسخته الثانية في العاصمة الرياض في مارس الماضي أنَّ هناك فرصاً كبيرة للاستثمارات السعودية في إيران وبالعكس، مضيفاً أنَّ هذه الاستثمارات يمكن أن تحدث سريعاً جداً.
أمن الملاحة المائية
لفت وزير الخارجية السعودي إلى أهمية التعاون السعودي الإيراني لأمن الملاحة المائية، مضيفاً أنَّ بلاده ستعمل بإيجابية مع إيران لتحقيق المصالح المشتركة، ومشدداً على ترحيب المملكة بالحجاج القادمين من إيران.
أضاف: "أتطلّع للقاء الرئيس الإيراني لأنقل تحيات خادم الحرمين وولي العهد وتطلعهما إلى تلبية فخامته للدعوة الموجهة له لزيارة المملكة قريباً".
من جانبه، شكر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان المملكة على "تسهيل عملية إعادة التمثيل الدبلوماسي"، مشيراً إلى أنَّه اتفق مع نظيره السعودي على "تسريع خطوات عودة العلاقات".
وبيّن أنَّ "استقرار الأمن الإقليمي يحتاج لتنسيق وتعاون بيننا وبين السعودية"، مشيراً إلى أنَّه بحث مع وزير الخارجية السعودي "أهمية التعاون المستدام في الملفات المشتركة"، وتعزيز التعاون في مجال النقل.
بعد المؤتمر الصحافي استقبل رئيسي، الأمير فيصل بن فرحان، في القصر الرئاسي بالعاصمة الإيرانية طهران.
ذكرت وزارة الخارجية السعودية في بيان أنَّه "جرى خلال الاستقبال، استعراض العلاقات الثنائية، وسبل تعزيزها وتطويرها في مختلف المجالات بما يحقق تطلعات البلدين والشعبين"، بالإضافة إلى "مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، والجهود المبذولة بشأنها".
ائتلاف السلام والتنمية
اعتبر مساعد وزير الخارجية الإيراني علي رضا عنايتي زيارة وزير الخارجية السعودي إلى طهران حلقة أخرى من نجاح سياسة الحكومة المبدئية التي تقوم على حسن الجوار، واصفاً العلاقات الإيرانية السعودية بأنَّها ائتلاف من أجل السلام والتنمية، بحسب ما أوردته وكالة "إرنا" الإيرانية.
أشار عنايتي، في مذكرة خاصة بمناسبة زيارة وزير الخارجية السعودي، إلى اعتقاد إيران بأنَّ استمرار المشاكل بين دول الجوار وتحويلها إلى أزمات لم يخدم سوى مصالح قوى من خارج المنطقة، معرباً عن أمله في أن توفر القدرات والتسهيلات الهائلة لبلدان المنطقة في المجالين السياسي والاقتصادي العديد من القدرات لتحقيق التنمية الشاملة للمنطقة.
وختم عنايتي مذكرته مؤكداً على أنَّ تصميم إيران والسعودية وعزمهما وجديتهما على الحوار والدبلوماسية يبشر بأفق مشرق للتعاون الإقليمي وتحقيق الأمن والتنمية الشاملين.
ووصفت "إرنا" إيران والسعودية بأنَّهما قطبان مهمان في المجال السياسي لمنطقة غرب آسيا، وقالت إنَّهما بقدراتهما المتعددة يمكنهما لعب دور حاسم في معادلات الاقتصاد العالمي.
اتفاق بكين
أجرت السعودية وإيران مباحثات عدة استمرت على مدار عامين في بغداد ومسقط التي توّجت باتفاق أبرم في العاصمة الصينية بكين في 10 مارس على عودة العلاقات بين البلدين، وتبادل البعثات الدبلوماسية خلال شهرين من توقيع الاتفاق.
وحظي الاتفاق السعودي الإيراني على استئناف العلاقات الدبلوماسية بترحيب دولي واسع، باعتباره "خطوة تدفع باتجاه الاستقرار والتنمية في الشرق الأوسط".
واعتبر وزير الخارجية السعودي، في أعقاب توقيع الاتفاق بين البلدين، أنَّ استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران يأتي انطلاقاً من رؤية المملكة القائمة على تفضيل الحلول السياسية والحوار، فيما أشار نظيره الإيراني إلى أنَّ عودة العلاقات توفر إمكانات هائلة للبلدين والمنطقة.