مددت رئيسة الوزراء جورجا ميلوني عملية تجديد النخبة الاقتصادية والتجارية في إيطاليا، حيث استبدلت حكومتها قادة بعض أكبر الشركات التي تسيطر عليها الدولة.
تمثل هذه التعيينات الخطوة الكبرى حتى الآن لإعادة تشكيل قيادة الأعمال في إيطاليا مع لاعبين متشابهين في التفكير في منعطف تبعي مع إجراء العديد من التعيينات في الوقت نفسه.
من بين أهم ثلاثة مناصب في الشركات التي اُعلن عنها الأربعاء؛ ما يزال لدى شركة النفط العملاقة "إيني" (Eni) الرئيس التنفيذي نفسه، مع احتفاظ كلاوديو ديسكالزي بوظيفته.
في تنازل لزعيم حزب الرابطة ماتيو سالفيني وأحزاب الائتلاف الأخرى التي تحل التوترات الحكومية، سيرأس فلافيو كاتانيو شركة الطاقة "إينيل" (Enel)، لينهي بذلك فترة ولاية فرانشيسكو ستاراس التي استمرت على مدى ثلاث فترات.
سيحل روبرتو سينغولاني، وزير البيئة في حكومة ماريو دراغي السابقة، محل أليساندرو بروفومو في شركة الدفاع ليوناردو (Leonardo). مع تولي القادة الجدد مناصبهم؛ تُعين ميلوني مديرين تنفيذيين من الموثوق بهم على رأس الشركات الاستراتيجية في قطاعات عدة بدءاً من الطاقة إلى الدفاع، التي توظف أكثر من 200 ألف شخص في إيطاليا وخارجها.
إبقاء الحلفاء في السلطة
تبلغ القيمة السوقية مجتمعة لشركتي "إيني" و"إينيل" وحدهما حوالي 110 مليار يورو (120 مليار دولار)، وتمثلان ما يقرب من 20% من رسملة مؤشر (FTSE MIB) القياسي في ميلانو.
توفر التعيينات، التي تستمر لمدة ثلاث سنوات، فرصة مهمة للائتلاف لترك بصمته في القضايا الاقتصادية عندما تحد القواعد المالية للاتحاد الأوروبي من مجال المناورة بشأن المالية العامة، كما تُحدد أسعار الفائدة في فرانكفورت لمنطقة اليورو بأكملها.
اكتسبت مسألة من يترأس الشركات الاستراتيجية في مختلف القطاعات بدءاً من الطاقة إلى الدفاع أهمية كبرى نظراً لخلفية إعادة تنظيم الأولويات بسرعة في إمدادات الغاز، وإعادة التسلح العسكري مع احتدام الحرب في القارة الأوروبية.
ومع ذلك؛ لم يسمح شركاء ميلوني في الائتلاف لمثل هذه الاعتبارات بإلهائهم عن المطالبة بحصتهم من التعيينات.
أرادت رئيسة الوزراء تعيين ستيفانو دوناروما رئيساً تنفيذياً لشركة "إينيل"، لكنَّها ركزت على إبقاء حلفائها معها في السلطة، وسمحت لهم أيضاً بالدفع من خلال باولو سكاروني كرئيس للشركة.
يشغل سكاروني حالياً هذا المنصب في نادي "إيه سي ميلان" (AC Milan) لكرة القدم، ويعدّ مقرباً من حزب "فورزا إيطاليا" الذي يقوده رئيس الوزراء السابق سيلفيو برلسكوني. وهو الرئيس التنفيذي السابق لشركة "إيني"، إذ عمل على تعزيز العلاقات مع شركة "غازبروم" الروسية.
تلعب شركة "إينيل" دوراً كبيراً في تشكيل سياسات الطاقة الإيطالية وأهداف التحول إلى الطاقة الخضراء، وتزداد أهمية ذلك بعد أن أدى غزو روسيا لأوكرانيا إلى زيادة الحاجة للاستقلال في مجال الطاقة.
تراجع الاعتماد على الغاز الروسي
ينطبق المفهوم نفسه على "إيني"، فقد ساهم رئيسها ديسكالزي في توجيه إيطاليا بعيداً عن الاعتماد على الغاز الروسي. والآن خلال ولايته الرابعة؛ يقود واحدة من أكبر الشركات المنتجة للنفط في أوروبا، التي تنشط في 69 دولة، وهي الشركة الرئيسية في القارة الأفريقية.
يمثل اختيار الوظائف للشركات الحكومية الجولة الثانية من التعيينات الاقتصادية الرئيسية هذا العام بعد تجديد وظائف المسؤولين في يناير.
تمت ترقية ريكاردو باربييري المخضرم في قطاع التمويل في لندن لإدارة أعمال وزارة الخزانة، وهو دور محوري في السياسة الاقتصادية وإدارة الكيانات المملوكة للدولة. كان دراغي يشغل منصب المدير العام في وقت سابق.
ستأتي الخطوة الأخيرة في الخريف عندما تنتهي فترة ولاية إجنازيو فيسكو غير القابلة للتجديد كمحافظ لبنك إيطاليا. إذ سيُلزم ائتلاف ميلوني بإيجاد مرشح جديد لتوليه المنصب، مع الأخذ في الاعتبار أنَّ كل من يتولى المنصب سيصبح عضواً في مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي.
في حين أنَّ استقلال البنك المركزي مضمون بموجب معاهدة؛ يُرجح أن تسعى الحكومة إلى اختيار شخص قريب من وجهات نظرهم. انتقدت ميلوني علناً رفع البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة، مُشيرةً إلى أنَّ قراره سريع للغاية، ويخاطر بإلحاق الضرر بالاقتصاد.