من بين النزاعات العديدة في الشرق الأوسط، يُعدّ الصراع بين إيران وإسرائيل الأقرب إلى الانفجار، حيث يتوعد المسؤولون الإيرانيون بشكل متكرر بمحو إسرائيل من على وجه الأرض، فيما تحيط الشكوك بسعي طهران للحصول على أسلحة نووية، وهو الأمر الذي يدعم ذلك التهديد.
من جانبها، تعهدت إسرائيل -التي يُعتقد بامتلاكها لأسلحة مماثلة- بفعل ما يلزم لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي.
على مدى سنوات، انخرط الطرفان في حرب ظلال، يهاجم فيها كل منهما الآخر بهدوء، جواً وبحراً، وفي بعض الحالات بالوكالة. وغالباً ما سعى الجانبان إلى تجنّب المواجهات العلنية التي تجازف بالتصعيد إلى حرب شاملة، معتمدَين بدلاً علن ذلك على مبدأ التصرف، ومن ثم الإنكار المعقول. لكن مؤخراً، اتخذت المواجهات شكلًا أكثر وضوحاً. فبعد مهاجمة مستودع ذخيرة إيراني في هجوم بالمسيرات في 28 يناير، صرّحت صحيفتان أميركيتان أن إسرائيل هي المسؤولة عن هذا الهجوم.
1) ما سبب العداوة بين إيران وإسرائيل؟
كانت إيران وإسرائيل حليفتين في خمسينيات القرن الماضي، خلال حكم آخر ملوك إيران، الشاه محمد رضا بهلوي، إلا أن الصداقة انتهت فجأة مع الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، حيث تبنّى القادة الجدد موقفاً قوياً معادياً لإسرائيل، منتقدين الدولة اليهودية باعتبارها قوة إمبريالية في الشرق الأوسط. وقد دعمت إيران الجماعات التي تقاتل إسرائيل بانتظام، لا سيما حزب الله في لبنان، وحركة حماس الفلسطينية. وتعتبر إسرائيل أن امتلاك إيران القدرة على صنع أسلحة نووية، يشكّل تهديداً وجودياً لها، ولذلك يُعتقد أنها تقف خلف حملة التخريب ضدّ برنامج طهران النووي.
2) ماذا حدث في مستودع الذخيرة الإيراني؟
صرّح مسؤولون إيرانيون بأن ثلاث طائرات من دون طيار استهدفت مجمع وزارة الدفاع قرب مدينة أصفهان في وسط إيران، كما قالوا إن واحدة منها أصابت أحد المباني وألحقت به أضراراً طفيفة. وكانت صحيفتا "وول ستريت جورنال" و"نيويورك تايمز" ذكرتا أن إسرائيل تقف وراء هذه الضربة، فيما يأتي هذا الهجوم في ظل إدانات غربية لإيران لتزويدها روسيا بطائرات حربية من دون طيار لاستخدامها في الحرب على أوكرانيا.
3) أين بدأت الحرب الخفية؟
يُعتبر لبنان الجبهة الأقدم في المعركة غير المباشرة بين البلدين. غزت إسرائيل جنوبي لبنان في 1982، ورداً على ذلك الغزو شكّل المسلمون من الطائفة الشيعية في لبنان -وهي الطائفة السائدة في إيران- ميلشيا، أصبحت فيما بعد حزب الله. وقد باتت هذه الجماعة إلى حد ما، وكيلة لقوة الأمن الأولى في إيران، الحرس الثوري الإسلامي.
منذ الحرب الأخيرة بين إسرائيل ولبنان في 2006، بنى الجناح العسكري لحزب الله ما تقول عنه إسرائيل إنه ترسانة كبيرة من الصواريخ العادية والموجهة على طول الحدود. وطالما قصفت القوات الإسرائيلية خط إمداد حزب الله بالصواريخ داخل لبنان، فيما ردّت الميليشيا في بعض الأحيان بإطلاق صواريخ على إسرائيل ومهاجمة القوات الإسرائيلية على امتداد الحدود، وفق تقارير إعلامية. اتسعت رقعة المعركة بين إسرائيل وإيران إلى دولة مجاورة في 2011، حين اندلعت الحرب الأهلية في سوريا.
4) ماذا حدث في سوريا؟
على الرغم من مسار الحرب في سوريا، زادت إيران من وجودها العسكري في البلد لدعم حليفها، الرئيس بشار الأسد، ولتسهيل النقل البري للأسلحة المطلوب إرسالها إلى حزب الله من إيران إلى لبنان عبر العراق وسوريا. وفي محاولة من إسرائيل لمنع تدفق السلاح ومواجهة العدو الثاني على حدودها الجنوبية، شنّت ضربات جوية في سوريا على أهداف مرتبطة بإيران، قُتل فيها بعض الإيرانيين، وفقاً لوسائل التواصل الاجتماعي.
5) ماذا عن الهجمات البحرية؟
بدأت الهجمات المتبادلة على السفن التجارية في 2019. وعلى الرغم من أن أياً من إسرائيل أو إيران قبِل تحمّل المسؤولية عن الهجمات على السفن المرتبطة بالبلد الآخر، إلا أن الاعتقاد الشائع هو أنهما تقفان خلفها. نادراً ما كانت تُسجل خسائر في الأرواح، لكن في يوليو 2021، لقي اثنان من طاقم إحدى السفن، أحدهما بريطاني والآخر روماني، حتفهما، حين هاجمت طائرة من دون طيار سفينة تشغّلها إسرائيل في خليج عُمان. وربط المسؤولون الأميركيون بين المسيرة وإيران. تضمّنت الأهداف السابقة ناقلات نفط إيرانية تتجه إلى سوريا، وسفينة إيرانية بالقرب من سواحل اليمن استُخدمت كقاعدة عائمة للحرس الثوري، وسفن شحن يملكها إسرائيليون أو ترتبط بهم.
6) ماذا عن الهجمات السابقة داخل البلدين؟
على الرغم من أن إيران احتوت الضربات الإسرائيلية على الأهداف التابعة لها في سوريا، أطلقت قواتها هناك في 2018 وابلاً من الصواريخ على المواقع الإسرائيلية في هضبة الجولان السورية التي احتلتها إسرائيل في حرب 67 وألحقتها بأراضيها فيما بعد. وردت إسرائيل باستعراض أكبر للقوة.
فيما يتعلق بإسرائيل، يُعتقد على نطاق واسع أنها هي التي تقف خلف اغتيال خمسة علماء نوويين إيرانيين في طهران منذ 2010، فضلاً عن العديد من الهجمات على مواقع نووية داخل إيران.
في أبريل 2021، حمّلت إيران إسرائيل المسؤولية، وأقسمت على الردّ على انفجار وقع في أكبر منشآتها لتخصيب اليورانيوم في نطنز، يُقال إنه تسبب في ضرر جسيم لأجهزة الطرد المركزي بالمنشأة. كانت تلك المرة الثانية في أقل من عام التي يُصاب فيها الموقع بانفجار مشبوه. ولم تعلن إسرائيل أو تنفي مسؤوليتها عن أي من الهجومين. وفي أكتوبر 2021، صرّح جنرال إيراني بأن إسرائيل تقف على الأرجح خلف الهجمات الإلكترونية التي شلّت محطات الوقود في أنحاء إيران.
7) هل هناك احتمال لاندلاع حرب شاملة؟
يرتبط خطر الحرب الشاملة الأكبر ببرنامج إيران النووي. فقادة إيران يصرّحون بأنهم لا يطمحون لصنع أسلحة نووية، بينما تشير إسرائيل إلى مستندات كانت مخبأة في إيران وهرّبتها استخباراتها سراً في 2018، على أنها توضح العكس. ولطالما ألمح المسؤولون الإسرائيليون أنه في حالة اقتراب إيران من حافة امتلاكها للأسلحة النووية، فإنهم سيهاجمون برنامجها النووي بالطائرات، كما فعلوا في العراق عام 1981، وسوريا في 2007.