أظهر قليلاً من الاهتمام حيال فرض عقوبات على بوتين باعتبار أن العقوبات تعرقل الحل عبر المفاوضات

العدوان الروسي على أوكرانيا يضع أردوغان في مأزق

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان - المصدر: بلومبرغ
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

قال رئيس تركيا رجب طيب أردوغان خلال مكالمة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين الأربعاء إنه "لن يعترف بأي خطوة ضد سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها"، ونصحه بعدم القيام بعمل عسكري.

كان أردوغان، بالطبع، يشير لقرار بوتين للاعتراف بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين، وإرساله لجنود روس إلى شرق أوكرانيا.

قال مكتب الرئيس التركي بعد الاتصال الهاتفي، إن هذا يعكس "مقاربة أردوغان المستندة للمبادئ" لهذه الأزمة. يتفق هذا مع موقف أنقرة منذ فترة طويلة بشأن استيلاء روسيا على أراضي أوكرانية، فقد أدانت تركيا الاستيلاء على شبه جزيرة القرم في 2014، وهو الموقف الذي أكده أردوغان خلال زيارة إلى كييف في 2020.

ستحظى ملازمة أردوغان لهذا الموقف باستحسان نظرائه في الولايات المتحدة وأوروبا، الذين قلقوا لسنوات من انجراف أردوغان عن الغرب تجاه روسيا.

أثارت تركيا، المنضوية تحت لواء حلف شمال الأطلسي، غضب أعضاء آخرين في التكتل العسكري، بسبب شراء أنظمة دفاع صاروخي روسية. كما رتبت أنقرة مع موسكو في سوريا وهاجمت الميليشيات الكردية التي تعتبرها الولايات المتحدة وأوروبا حليفاً هاماًِ في القتال ضد ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية.

وجه أردوغان في خطاباته بانتظام انتقادات لاذعة للقادة الأمريكيين والأوروبيين، الذين أقصوه في كثير من الأحيان عن مداولاتهم بالمقابل.

لكن سيكون من الخطأ تفسير موقفه إزاء أوكرانيا على أنه إشارة على أنه يريد رأب الصدع. عدا عن إعلانه رفض مغامرة بوتين الإقليمية، أظهر أردوغان قليلاً من الاهتمام حيال فرض عقوبات على الزعيم الروسي، حيث، أكدت أنقرة أن العقوبات من شأنها عرقلة التوصل إلى حل عبر المفاوضات.

اقتصاد وسياسة ومبادئ

يتعلق هذا الأمر بالاقتصاد والسياسة محلياً وإقليمياً كما يتعلق بالمبدأ. روسيا إحدى أفضل 10 وجهات، تستقبل صادرات تركيا وواحدة من أكبر ثلاثة مصادر للاستيراد.

بقدر أهمية النفط والغاز من روسيا، يعتمد الاقتصاد التركي على السياحة الوافدة من روسيا بشكل أكبر الآن مع بدء تعافي السياحة من التباطؤ نتيجة تدابير مواجهة كوفيد.

لا تريد تركيا، التي تحتفظ بعلاقات تجارية قوية مع كل من روسيا وأوكرانيا، شيئاً أفضل من التوصل لحل سريع للخلافات بينهما، حتى أن أردوغان تطوع لتقديم خدماته باعتباره صانعاً للسلام.

ستكون الحرب التي تعيق التجارة مع أوكرانيا سيئة بما يكفي، لكن العقوبات التي تقيد التجارة مع روسيا ستكون مدمرة للاقتصاد التركي، الذي يكافح للتعافي من الآثار المجتمعة للوباء، وانخفاض العملة وسياسات أردوغان الاقتصادية غير التقليدية.

أردوغان: كان على الناتو وقوى الغرب اتخاذ موقف أكثر حزمًا في أوكرانيا

يدرك أردوغان من الذاكرة الحديثة، ألم تركيا أثناء عرقلة العلاقات الاقتصادية مع روسيا. كانت آخر مرة واجهت فيها التجارة بين البلدين قيوداً شديدة في 2015، بعد ذلك، فرض بوتين القيود رداً على إسقاط تركيا لطائرة عسكرية روسية.

انخفض عدد السائحين الروس الذين يتدفقون إلى تركيا واضطر زعيم تركيا للاعتذار.

يسعى الرئيسان بعيداً عن ضرورات الاقتصاد لتحقيق طموحات متضاربة. يعتبر أردوغان جوار تركيا والمنطقة التي كانت تغطيها الإمبراطورية العثمانية والمجموعة العرقية التركية الممتدة من المناطق المتاخمة للبحر الأسود عبر أجزاء من القوقاز ومعظم آسيا الوسطى، على أنها في عهدته، وخارج نطاق سلطة الغرب وروسيا.

إمبراطوريات وزعماء

يضعه هذا الموقف أحياناً على خلاف مع بوتين، الذي ينطلق من رؤية مماثلة لإعادة تأكيد النفوذ على مناطق الاتحاد السوفيتي القديم وإمبراطورية القياصرة.

كان الزعيمان في الآونة الأخيرة على خلاف بشأن الحرب بين أذربيجان وأرمينيا، حيث أثبتت مساعدة أنقرة العسكرية لـلدولة ذات الأغلبية العرقية التركية، أنها حاسمة في قلب التوازن الدقيق الذي فرضته موسكو على الجمهوريات السوفيتية السابقة.

كما أزعج أردوغان روسيا في أوكرانيا عبر تزويد حكومة الرئيس فولوديمير زيلينسكي بطائرات عسكرية بدون طيار وتقنية تصنيعها.

أعلنت تركيا بتحد هذا الشهر أنها لن تسمح للغضب الروسي بمنع تعميق التعاون العسكري بين أنقرة وكييف.

يقوم التاريخ بدور هنا أيضاً، حيث كانت أجزاء كبيرة من أوكرانيا الحديثة خاضعة لحكم الدولة العثمانية حتى أواخر القرن الثامن عشر، حين أدى الغزو الروسي لنزوح كثير من سكان القرم. لدى تركيا الآن أقلية كبيرة من تتار القرم، وتشعر بالمسؤولية تجاه أولئك الذين بقوا في وطنهم التقليدي.

لكن حتى إن اعتبر أردوغان أن بوتين يتعدى سوره، فهو يحتاج للدعم الروسي لمتابعة أهداف السياسة الخارجية التي تتعارض مع أهداف الغرب.

لن يكون هجومه على الميليشيات الكردية، التي تعتبرها أنقرة تهديداً مميتاً بسبب ارتباطها بالمتمردين الأكراد في تركيا، ممكناً بلا دعم موسكو الضمني جراء نفوذها العسكري الكبير في سوريا الذي تدعم عبره ديكتاتورية بشار الأسد.

أداة ضغط

كما تمثل روسيا شوكة مفيدة ضد الغرب. حيث يستخدم أردوغان تقربه من موسكو باعتباره حيلة مساومة مع شركاء الناتو، حيث يهدد بشكل دوري بشراء طائرات روسية إذا حرم الغرب تركيا من حيازة أحدث الطائرات المقاتلة.

ستجعل اختيارات أردوغان نتيجة كل هذه الأسباب "مقاربته المستندة للمبادئ" إزاء أوكرانيا مقتصرة على تلك المكالمة الهاتفية.

لكن إن قرر الرجل على الجانب الآخر من المكالمة إرسال قواته غرباً، فقد يضطر الرئيس التركي أخيراً لفعل ما تجنبه ببراعة حتى الآن، وهو اتخاذ موقف أو الانحياز لطرف.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات
الآراء الأكثر قراءة