يسعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لدور أكثر فاعلية في منطقة الشرق الأوسط، ضمن جولة حصدت صفقات عسكرية ناجحة، يختتمها اليوم بزيارة للسعودية، ويستهدف منها مشاركة الدولة الخليجية الأكبر في حل القضايا الإقليمية.
تأتي الجولة الخليجية للرئيس الفرنسي في أعقاب صفعة أسترالية استُبدل فيها بصفقة غواصات فرنسية أخرى أمريكية، وهو ما أثار حفيظة ماكرون باعتبارها تفرض تحدياً جديداً في معركته الانتخابية التي سيخوضها في أبريل المقبل.
ويوم أمس الجمعة اتفقت الإمارات على شراء 80 طائرة مقاتلة من طراز "رافال" من فرنسا، في إطار صفقة قيمتها 17 مليار يورو (19 مليار دولار)، جرى توقيعها خلال زيارة ماكرون للدولة الخليجية ضمن جولته التي شملت قطر.
جرى الكشف عن الاتفاق الذي طال انتظاره في بيان صادر عن الرئاسة الفرنسية، عقب اجتماع بين ماكرون والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لدولة الإمارات، على هامش معرض إكسبو 2020 دبي، في إشارة إلى نجاح ماكرون في تعويض جزء كبير من صفقة أستراليا المفقودة.
استغرقت المناقشات بين باريس وأبوظبي بشأن الطائرات المقاتلة أكثر من 10 سنوات، حسب "بلومبرغ"، لكن تلقت المفاوضات دفعة جديدة بسبب شكوك إزاء شراء الإمارات مزيد من مقاتلات "إف-35" من الولايات المتحدة، إذ تضع واشنطن كثيراً من القيود على تسليمها للدولة الخليجية.
الموقف من القضايا الإقليمية
تتزامن زيارة ماكرون للسعودية مع موسم فعاليات ترفيهيّ يبرز صورة مختلفة للمملكة، إذ يسعى الأمير محمد بن سلمان ولي العهد لإبراز حضور دولته في قطاعات أخرى غير نفطية.
مرت العلاقات بين ماكرون والسعودية دون التوافق في كثير القضايا، خصوصاً المتعلقة بدول مثل لبنان واليمن وإيران، ولكن مع ذلك يحافظ البلَدان على العلاقات في مجالات مثل الدفاع، فيما تشارك فرنسا على نطاق واسع في تطوير منطقة "العلا" التاريخية في المملكة العربية السعودية، التي يريد ولي العهد تحويلها إلى وجهة سياحية عالمية.
كانت آخر زيارة للزعيم الفرنسي إلى المملكة العربية السعودية في عام 2017، وجاءت بشكل مفاجئ بعد استقالة رئيس الوزراء اللبناني آنذاك سعد الحريري دون مقدمات عبر بث تليفزيوني من الرياض.
وقال ماكرون يوم الجمعة قبل زيارته للسعودية إنه من الضروري الحوار مع السعودية، "الدولة الخليجية الأولى من حيث الحجم"، للتمكّن من "العمل على استقرار المنطقة".
وفي ردّ ماكرون على أسئلة الصحفيين بشأن تجاوز أزمة خاشقجي، قال: "هذا لا يعني أننا راضون عن الوضع، ولكن يتوجب علينا تحدُّث بعضنا مع بعض وأن نظل على تواصل".
استقالة قرداحي قبل زيارة ماكرون
ينوي ماكرون الدفاع أمام الأمير محمد بن سلمان عن قضية لبنان، حسب وكالة الأنباء الفرنسية، إذ تفاقمت التوترات بين لبنان ودول خليجية بسبب أزمة دبلوماسية بدأت في أكتوبر الماضي، وفي مقدمتها السعودية التي جمّدت وارداتها من لبنان بسبب انتقاد وزير الإعلام اللبناني لمواقف سعودية.
ويفترض أن تستفيد مساعي ماكرون للتقريب بين البلدين من استقالة وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي التي أُعلنت الجمعة، إذ سبّبت تصريحاته وانتقاده التدخل العسكري للرياض في اليمن ذلك التفاقم، فيما رحب إيمانويل ماكرون باستقالة قرداحي وأعرب عن أمله في "إعادة إشراك جميع دول الخليج في العلاقة مع لبنان".
ويسعى ماكرون منذ عام بجد من أجل مساعدة لبنان على الخروج من أسوأ أزمة اقتصادية واجتماعية في تاريخه. وتوترت العلاقات بين بيروت ودول الخليج في السنوات الأخيرة بسبب تنامي نفوذ حزب الله الموالي لإيران.