تعثر "نمط ترمب" الانتخابي في فرنسا

إريك زمور - AFP
إريك زمور - AFP
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

في فرنسا، التلميح إلى أنك قد تترشح للرئاسة أسهل بكثير (وأكثر إثارة) من الانضمام حقيقة إلى السباق. فهذه الدولة تبحث دائماً عن "رجل العناية الإلهية" القادم لينقذها من مخالب الفوضى. لكن الفوز يتطلب الحظ والمهارة والمال في حال كان الشخص دخيلاً على المشهد السياسي.

استطاع إيمانويل ماكرون تحقيق ذلك في عام 2017، فيما لم يستطع الفنان الكوميدي الشهير كوليش، الذي شارك في الانتخابات في ثمانينيات القرن الماضي، تحقيق ذلك.

اقرأ أيضاً:تحالف فرنسي-إيطالي لقيادة أوروبا.. "ماكرون" و"دراغي" يستعدّان لملء فراغ "ميركل"

إريك زمور، المفكر اليميني المتطرف، الذي عوقب بسبب التحريض على الكراهية العنصرية، والذي استدعى المقارنة بينه وبين دونالد ترمب وتاكر كارلسون، يواجه الآن اختباراً واقعياً خاصاً به. لقد أدت التلميحات المشيرة إلى أن الرجل البالغ من العمر 63 عاماً قد يترشح لمنصب الرئيس إلى انطلاق تغطية إعلامية واسعة النطاق، وإلى حصوله على نسبة رضا في استطلاعات الرأي قاربت 20% (ليس بعيداً عن تقدم ماكرون بنسبة 25%) طوال فصل الخريف، لكن نسبته هوت منذ ذلك الحين إلى ما يقرب من 10%.

اقرأ المزيد: التضخم الفرنسي يسجل أعلى معدلاته منذ أكثر من عقد

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

إطلالة غير موفقة

أطلق زمور حملته رسمياً يوم الثلاثاء، في مقطع فيديو باهت على عكس المتوقع. جاءت خطبته القاتمة ضد مجتمع يفترض أنه محطم -على أنغام سيمفونية بيتهوفن السابعة، ومع تلميحات بصرية لدعوة شارل ديغول إلى المقاومة في عام 1940- مع وعود بإعادة صنع فرنسا، وقمع الهجرة، وطرد النخب في باريس وبروكسل. وردّاً، لم يأتِ التوبيخ الأقوى من المعارضة السياسية، بل من المحامين، إذ يبدو أن استخدام مقاطع فيديو غير مصرّح بها قد أدى إلى تهديدات باتخاذ إجراءات قانونية محتملة.

كان ذلك ظهوراً منحوساً، تعارض مع الصور الأكثر إيجابية من ذاك اليوم لحفل تكريم جوزفين بيكر، أول امرأة سوداء تدخل البانثيون الفرنسي (مقبرة العظماء).

كلما زاد سطوع ضوء الشمس على حملة زمور بدا الأمر أقل إثارة للإعجاب، فقد أُلغي حدث خُطّط لانعقاده مؤخراً في لندن في اللحظة الأخيرة، وفقدَ زمور أعصابه في مرسيليا، عندما أومأ بإصبعه الوسطى إلى شخص من الجمهور قاطعه خلال الحدث. انسحب داعمه المالي الممول تشارلز غاف، وفرّ مساعدوه من سفينته، مُلقين باللوم على مدير حملة زمور البالغ من العمر 28 عاماً، بسبب تقديمه فكرة واحدة للناخبين تفشل في معالجة قضايا مثل التضخم أو كوفيد-19، تشبه نغمة: "صوّت لي وإلا ستموت".

دليل ترمب

لا ينبغي لأحد أن يشطب مرشحاً يحصل على 10% في استطلاعات الرأي السابقة للانتخابات، لكن وجهته السياسية تشير إلى أن دليل لعبته الانتخابية يشبه ذاك الذي كان لدى ترمب، لكنه يفتقد بضعاً من صفحاته. لقد تعامل زمور مع ثلاث من القضايا، الهجرة وانعدام الأمن والهوية، وهي قضايا باتت تلقى صداً واضحاً ومتزايداً في فرنسا المحافظة في فترة ما بعد كوفيد. لكنّ الناخبين يريدون حلولاً أيضاً، فدفاع زمور الصارم عن نظام فيشي، وعقوبة الإعدام، وتطبيق قانون فرض التسمية الفرنسية للأسماء الأولى، هي طروحات لم تصل إلى ما هو أبعد من قاعدة اليمين المتطرف. ومع عدم وجود دعم حزبي، يواجه زمور مهمة أصعب في تسلّق الحواجز الموضوعة في الطريق إلى قصر الإليزيه، التي كان قد أنشأها النظام الفرنسي، من نظام التصويت على جولتين إلى جمع 500 تأييد من المسؤولين المنتخبين.

أخبرني المحلل السياسي جان إيف كامو أن زمور يذكّره أكثر بستيفن ميلر، الناشط السياسي والمفكر المشاغب الذي عمل مساعداً كبيراً لترمب، ولا ينظر إليه كمرشح سيفوز في الحملة الانتخابية. إنها مقارنة ذكية. لقد أوضحت عائلة ميلر نفاقه بشأن الهجرة. وأظهر زمور، المنحدر من أصل يهودي جزائري، نزعة خضوع للآراء المعادية للسامية.

حظوظ ماكرون

مع ذلك، فإنه ومع بقاء خمسة أشهر قبل بدء التصويت، لا ينبغي لماكرون أن يهدأ. كأيديولوجيا، لا يزال من الممكن احتواء "الزمورية" من قِبل مرشحين أقوى لديهم موارد مالية أكبر. لم يتخذ يمين الوسط قراراً بشأن زعيم لحزب الجمهوريين، الذي يضم أيضاً -إلى جانب ميشيل بارنييه- إيريك سيوتي الذي يتشارك مع زمور بالاسم الأول والعقلية. يقول بنيامين موريل، الأستاذ في "مدرسة الأساتذة العليا باريس-ساكلي"، إن مارين لوبان لا تزال تمثل خطراً على ماكرون، فوفقاً لاستطلاعات الرأي الحالية من المتوقع أن تواجه الرئيس في الجولة الثانية للانتخابات.

سيكون الاختبار الكبير للقادة الحاليين مثل ماكرون هو سلالات كورونا الجديدة مثل سلالة "أوميكرون" الفيروسية. يمكن أن يعمل تأثير الدعم الشعبي للحكومة الحالية الناتج عن الأزمات في حال احتوت اللقاحات المعززة واللقاحات المعاد تجهيزها الموجة الحالية من تفشي حالات الإصابة بكوفيد. لكن إذا فشل ذلك، فسيفقد ماكرون الصفة التي تميزه عن الآخرين، وهو النهج التكنوقراطي القائل: "الأمر يسير فقط.. ومن دون شرح الأسباب"، الذي دفع إلى ارتفاع نسبة التطعيم في فرنسا لتصبح من أعلى معدلات التطعيم في أوروبا. يمكن أن يؤدي حصول ذلك، إلى جانب معدل التضخم المتصاعد، إلى تمكين المنافسين الشعبويين.

اليوم، حدّدت استطلاعات الرأي وأسواق المراهنات أن ماكرون هو المرشح المفضّل في الانتخابات. لكن إذا فقدت الترشيحات الرئاسية هالتها عند تأكيدها رسمياً، فيجب على ماكرون أن يقلق بشأن ما سيحدث عندما يعلن عن ترشيحه لإعادة انتخابه. لكن على الأقل، بفضل زمور، سيعرف ما الموسيقى التصويرية التي يجب ألا يستخدمها.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

الآراء الأكثر قراءة