ملف "بريكست" وايرلندا الشمالية في دائرة الضوء من جديد

ملف "بريكست" وأيرلندا الشمالية في دائرة الضوء من جديد - المصدر: بلومبرغ
ملف "بريكست" وأيرلندا الشمالية في دائرة الضوء من جديد - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

دخلت المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي في مواجهة جديدة، إذ دعت بريطانيا إلى الاستبدال ببروتوكول أيرلندا الشمالية، وهو الاتفاق الحاسم الذي تعتمد عليه صفقة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بأكملها.

في تصعيد كبير هذا الأسبوع، دعا ديفيد فروست، وزير "بريكست" البريطاني، إلى إلغاء التسوية الحساسة مع الاتحاد الأوروبي، التي كانت مصممة لمنع إقامة حدود فعلية في جزيرة أيرلندا. بموجب الاتفاقية، يُجرى فحص وتدقيق جمركي على البضائع المنقولة بين المملكة المتحدة وأيرلندا الشمالية.

اقرأ أيضاً: بروتوكول أيرلندا الشمالية يجدد الخلاف في مجلس اللوردات البريطاني

يلقي فروست باللوم على البروتوكول في تعطيل التجارة وتأجيج الاضطرابات السياسية في المقاطعة، فيما يشعر الاتحاد الأوروبي -الذي يقول إنه لا يوجد بديل عن الاتفاقية- بالقلق من أن بريطانيا تتراجع عن معاهدة دولية. وفي خطوة من المرجّح أن تزيد تدهور العلاقات، قال دومينيك كامينغز، كبير مستشاري رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، يوم الأربعاء، إنّ المملكة المتحدة كانت دائماً تخطط "للتخلص" من البروتوكول.

اقرأ المزيد: الأزمات الدبلوماسية الناجمة عن "بريكست" بدأت بالظهور

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

اقترح فروست اتفاقية جديدة من شأنها أن تقلل عمليات الفحص الجمركي المطلوبة، وتلغي دور محكمة العدل الأوروبية في ضبطها، فيما تنظر الحكومة البريطانية إلى محكمة العدل الأوروبية على أنها انتهاك لسيادة المملكة المتحدة.

ماذا سيحدث بعد ذلك؟

سيقدم ماروس سيفكوفيتش، كبير مفاوضي "بريكست" في الاتحاد الأوروبي، خطط الكتلة الخاصة لتعديل البروتوكول يوم الأربعاء. من المرجح أن تتضمن مقترحاته تقليص علميات التدقيق الجمركي بمقدار 50%، و80% في عدد الفحوصات الصحية على الأطعمة التي تعبر البحر الأيرلندي.

ستبدأ بعد ذلك فترة محادثات مكثفة بين مسؤولي المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، في سعيهم إلى إيجاد حل وسط. في هذا السياق، قال فروست إنه يتوقع أن تستمر المحادثات لأسابيع قليلة، وإنه يريد حل القضية بحلول نوفمبر، فيما قال سيفكوفيتش إنه يتوقع إجراء مفاوضات حتى نهاية العام على الأقل، وربما أبعد من ذلك.

هددت المملكة المتحدة أنه في حال فشل المحادثات في التوصل إلى حل، ستعلّق أجزاء من البروتوكول الحالي من طرف واحد، باستخدام الصلاحيات الممنوحة في المادة "16".

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

ما المادة "16"؟

تسمح المادة "16" من البروتوكول لأي من الجانبين باتخاذ تدابير متناسبة من جانب واحد إذا جرى تحويل التدفقات التجارية، أو كانت هناك عواقب اقتصادية أو اجتماعية خطيرة أخرى. من المفترض أن تكون حكماً محدوداً يسمح فقط باتخاذ الإجراءات التي تعالج على وجه التحديد الأضرار التي يسببها البروتوكول. ولا تسمح هذه المادة لأي طرف بإلغاء البروتوكول بالكامل.

يجادل فروست بأن فرض الفحوص الجمركية على البضائع التي تدخل أيرلندا الشمالية من بريطانيا قد تسبب في تراجع التجارة، وبالتالي يبرر تفعيل المادة "16".

إن نطاق ما يمكن أن تختاره المملكة المتحدة بموجب المادة "16" واسع، فيمكنها على سبيل المثال تعليق أجزاء من البروتوكول، ووقف عمليات التفتيش الجمركي على البضائع التي تعبر البحر الأيرلندي. وبدلاً من ذلك، يمكن أن تكون خياراتها توسعية أكثر، فتعلّق قواعد مساعدات الدولة ودور محكمة العدل الأوروبية، بحجة أنها تخلق صعوبات مجتمعية في أيرلندا الشمالية.

هل ستكون المملكة المتحدة قادرة على التصرف فوراً بموجب المادة "16"؟

لا. ما لم تكن هناك ظروف استثنائية، يتطلب البروتوكول من كل جانب إعطاء الطرف الآخر إشعاراً قبل شهر لتفعيل المادة "16"، ويتعين عليهما بعد ذلك إجراء محادثات قبل اتخاذ أي إجراء.

كيف يمكن أن يردّ الاتحاد الأوروبي؟

إذا فعّلت بريطانيا المادة "16" فإن لدى الاتحاد الأوروبي الحق في اتخاذ تدابير فورية ومتناسبة لإعادة التوازن، اعتماداً على إجراءات المملكة المتحدة.

إذا علّق فروست جميع الفحوصات الجمركية على البضائع التي تدخل إلى أيرلندا الشمالية، فسيخلق بذلك معضلة كبيرة للاتحاد الأوروبي: هل ستكون الكتلة الأوروبية مستعدة لبناء حدود خاصة بها بين أيرلندا الشمالية وجمهورية أيرلندا لحماية سوقها الموحدة؟ لطالما قلل مسؤولو الاتحاد الأوروبي من أهمية هذا الاحتمال مراراً وتكراراً.

هل يمكن أن تكون بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي حرب تجارية ؟

من المحتمل جداً. نظراً إلى الصعوبة الرئيسية التي قد يخلقها تعليق بروتوكول أيرلندا الشمالية بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي، فقد يتطلع الاتحاد إلى الانتقام من المملكة المتحدة في مجالات أخرى من اتفاقية التجارة الخاصة بهما. على سبيل المثال، يمكن أن يسعى إلى فرض تعريفات جمركية على الصناعات الحساسة، أو زيادة حدة الفحوصات الجمركية على البضائع التي تعبر القناة الإنجليزية.

مع ذلك، فإن نزاعاً بطريقة "العين بالعين" في مجال التعريفات الجمركية يمكن أن يكسر أيضاً الوحدة التي رسّختها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي خلال عملية إنجاز "بريكست". فبينما يتحدث بعض الدول، بما في ذلك فرنسا، بصرامة في إطار الدفاع عمّا اتُّفق عليه في صفقة "بريكست، قد تشعر عواصم أخرى، بما في ذلك برلين، بالقلق من تأثير الحرب التجارية في شركاتها.

ماذا ستكون العواقب؟

قد تكون الحرب التجارية صداعاً غير مرحّب به للشركات من كلا الجانبين، التي تضرّرت بالفعل جراء كوفيد، وارتفاع أسعار الطاقة العالمية، وأزمة سلسلة التوريد. يُعَدّ الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأكبر للمملكة المتحدة، ووجهة 43% من صادرات بريطانيا، ومصدر 52% من وارداتها. ستفقد الشركات من كلا الجانبين إمكانية الوصول إلى الأسواق، وسيُحرم الصيادون الأوروبيون إمكانية الوصول إلى مياه المملكة المتحدة.

إذا خرج الصراع عن نطاق السيطرة، ففي النتيجة قد يكون السلام والاستقرار في أيرلندا الشمالية في خطر.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك