كان البنك المركزي الكوري الجنوبي الأول في اقتصاد آسيوي متقدم في رفع سعر الفائدة منذ تفشي وباء كوورنا، لكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد.
حين تبدأ البنوك المركزية خفض أو رفع سعر الفائدة، نادراً ما يقتصر ذلك على خطوة واحدة، لأن تحريك الفائدة لمرة واحدة له أثر محدود على الاقتصاد الكلي. كما يواجه صانعو السياسة أيضاً معضلة الرأي العام، إن تراجعوا عن استراتيجيات جديدة بسرعة.
لذا فكر محافظ المركزي الكوري الجنوبي، لي جو يول، ملياً قبل اتخاذ هذا القرار. السؤال القائم حالياً هو ما إذا كان الوباء سينضبط.
بنك كوريا يرفع الفائدة معتبراً تنامي القروض أخطر من سلالة "دلتا"
رفع بنك كوريا الخميس سعر الفائدة القياسي ربع نقطة مئوية إلى 0.75%، مستنداً لمخاوف حول فقاعات الأصول والاختلالات المالية الأخرى. كانت ديون الأسر المعيشية في ارتفاع، كما هو حال سوق العقارات. في غضون ذلك، يبدو محافظ المركزي الكوري الجنوبي غير مكترث لمخاطر سلالة دلتا المتحولة.
قال بنك كوريا المركزي في بيان: "سيعدل المجلس تدريجياً درجة توافق السياسة النقدية حيث من المتوقع أن يواصل الاقتصاد الكوري نموه السليم، وأن يتجاوز التضخم 2% لبعض الوقت، رغم عدم اليقين المستمر بشأن الفيروس".
أي أن تفشي سلالة دلتا المتحولة لن يمنع رفع أسعار الفائدة.
نقاط مضيئة
يتوقع أليكس هولمز من "كابيتال إيكونوميكس"، نظراً للتعليقات الصقورية، رفع الفائدة للمرة التالية في نوفمبر، واستمرار دورة تشديد السياسة النقدية في 2022.
هناك بعض النقاط المضيئة في الاقتصاد المحلي، فمن المتوقع أن يسجل معدل نمو 4% في 2021. قال لي، إن النمو المتوقع يفترض أن تبدأ حالات الإصابة بالفيروس بالانخفاض خلال أكتوبر ، في حين أن التضخم سيرتفع إلى 2.1%، متجاوزاً الهدف بشكل طفيف.
لماذا زحزحت إصابة كوفيد واحدة بنك نيوزلندا المركزي عن مساره؟
حققت الصادرات أداءً قوياً بفضل طلب قوي على التكنولوجيا في عصر العمل من المنزل، كما صمدت ثقة الشركات، ولا يزال التفاؤل سائداً بين المستهلكين.
قال لي للصحفيين إنه في ظل هذه الظروف، فإن مستويات الفائدة مواتية وأدنى من محايدة، ما يعني بلغة البنوك المركزية "أدنى من أن تكون مريحة". قال بعض النقاد إن لي، انتظر طويلاً لرفع أسعار الفائدة. مع ذلك، فإن كوريا الجنوبية ترفع أسعار الفائدة في بيئة إقليمية ودولية يلفها الغموض.
يكفي النظر إلى نيوزيلندا، التي كانت محور كثير من المقارنات في الفترة التي سبقت إعلان أمس الخميس، حيث كان بنك الاحتياطي النيوزيلندي المرشح الأبرز لرفع أسعار الفائدة الأسبوع الماضي، إلى أن أدت إصابة واحدة بكوفيد إلى إغلاق البلاد، فتراجع عن الخطوة. انقسم الاقتصاديون في توقعاتهم لدى اجتماع المسؤولين الكوريين.
ترددات دلتا
تتردد البنوك المركزية الكبرى أيضاً إزاء رفع أسعار الفائدة. فقد أشارت الصين إلى أن خفض معدلات الاحتياطي الإلزامي لدى البنوك في يوليو لا يرجح أن يكون الأخير، ويعتقد البنك المركزي الياباني أن سلالة دلتا المتحولة ستؤجل الانتعاش.
أقر لي، أن عدم اليقين بسبب الفيروس لا يزال مرتفعاً، وأكد أن رفع أسعار الفائدة في حد ذاته، لن يضر الاقتصاد. في حين أشار إلى رفع أسعار الفائدة مستقبلاً، شدد على أن البنك سينفذ خطواته تدريجياً.
البنك المركزي الأوروبي لن يماشي سرعة أقرانه في تغيير سياسته
بإمكانكم لوم الوباء على عسر التعبير لإيصال هذه الرسالة، لكن نقاط التحوّل في السياسة النقدية لطالما كانت عصية على الإيضاح.
يمكن لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، التعاطف مع ذلك. من المتوقع أن يبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في التراجع عن التسهيل الكمي خلال الأشهر المقبلة. تنحصر مهمة الاحتياطي الفيدرالي حتى ذلك الحين في توضيح إحراز بعض التقدم نحو تحقيق أهدافه، ولكن ليس بالضرورة "تقدم إضافي جوهري"، وهو عتبة بدء خفض التسهيل الكمي.
باول: من غير الواضح مدى تأثير سلالة دلتا على الاقتصاد الأمريكي
من المؤسف أن كوريا الجنوبية ليس لديها برنامج تيسير كمي مثل برنامج الاحتياطي الفيدرالي أو بنك إنجلترا أو البنك المركزي الأوروبي. كان ذلك ليتيح للمركزي الكوري خيار تقليص برنامج التسهيل الكمي قليلاً، حال وجوده، وهو إجراء أقل حدة بكثير من رفع أسعار الفائدة.
لقد أثبت الوباء ضرورة أن يكون صانعو السياسات سريعي الاستجابة، لكن رفع أسعار الفائدة يهدد فقط بأن يجد لي نفسه محاصراً.