هل تُغيِّر "الأقراص" المضادة للفيروسات قواعد اللعبة في مواجهة كورونا؟

العلاج الذي يجري تطويره لإنتاج حبوب مضادة لفيروس كورونا قد يكون أكثر سهولة وأماناً من اللقاحات - المصدر: بلومبرغ
العلاج الذي يجري تطويره لإنتاج حبوب مضادة لفيروس كورونا قد يكون أكثر سهولة وأماناً من اللقاحات - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

لقد غيَّرت اللقاحات قواعد اللعبة في المعركة المشتعلة ضد كوفيد-19، إذ قدَّمت حماية فعالة حتى ضد السلالات شديدة العدوى والمُمرِضة مثل متحوِّر "دلتا"، لكن مع استمرار عدم تلقيح الكثيرين في العالم، وتزايد الحالات- بما في ذلك بين الذين تمَّ تلقيحهم- أصبح من الواضح أنَّنا سنحتاج إلى أكثر من جرعات تلقيح للسيطرة على الفيروس.

وهنا، يجيب سام فاضيلي، أحد الكتاب المساهمين في "بلومبرغ رأي"، الذي يغطي قطاع الأدوية في "بلومبرغ إنتليجنس"،على أسئلة متعلِّقة بالإنجاز التالي الكبير المحتمل في علاجات كوفيد، مثل الحبوب المضادة للفيروسات التي ماتزال قيد التطوير من قبل شركة "ميرك آند كو"، وشركات صناعة الأدوية الأخرى.

تمَّ تحرير المحادثة واختصارها.

ما أهمية مضادات الفيروسات وكيف يمكن أن تساعدنا في إدارة الوباء؟

هناك إدراك متزايد بأنَّنا لن نكون قادرين على تلقيح سكان العالم بشكلٍ كامل بالسرعة المرغوبة أو المفترضة. وهذا يرجع جزئياً إلى صعوبة تصنيع اللقاحات برغم أنَّ لدينا بالفعل مليارات الجرعات المعطاة، والمزيد قادم، لكنَّ المشكلة تكمن في أنَّ العديد من هذه الجرعات انتهى بها المطاف في أذرع الذين يعيشون في الدول من متوسطة إلى مرتفعة الدخل.

أما بعض الدول النامية، فلديها معدلات تطعيم منخفضة للغاية، أو تستخدم لقاحات ليست فعَّالة، مثل اللقاحات القائمة على الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA) التي تنتجها شركة "فايزر إنك- بيونتيك"، أو "موديرنا".

وبالنسبة لتلك الدول؛ يمكن أن تساعد الأدوية الفموية الآمنة، والفعَّالة، والقابلة للتطوير في تقليل عبء المرض، وتخفيف بعض الضغط على النظم الصحية التي تنتظر اللقاحات.

ويمكن أن تساعد هذه الأدوية أيضاً في علاج حالات العدوى المفاجئة بين الملقَّحين. كما أنَّ الأدوية المضادة للفيروسات مفيدة أيضاً للأشخاص الذين يعدُّ التطعيم محفوفاً بالمخاطر بالنسبة لهم، نظراً لظروفهم الصحية الحالية، وكذلك أولئك الذين

لا يستجيبون جيداً للقاحات، مثل الأفراد الذين يعانون من نقص المناعة.

كيف تعمل مضادات الفيروسات؟

الهدف من أيِّ دواء مضاد للفيروسات هو التدخُّل في قدرة الفيروس على نسخ نفسه أو التكاثر، لكن هذا يتناقض مع الأجسام المضادة- سواء التي تمَّ إنتاجها بواسطة لقاح أو حقنها مباشرة- التي تمنع دخول الفيروس إلى الخلايا.(اللقاحات تحفز أيضاً الاستجابة المناعية التي تسعى للبحث عن الخلايا المصابة والتخلُّص منها، وبالتالي الحد من من تكاثر الفيروس).

تمَّ تطوير بعض الأدوية المضادة للفيروسات لتشبه المكوِّنات الأساسية التي يستخدمها الفيروس في مادته الوراثية، التي لا تعدُّ حمضاً نووياً ريبوزياً منقوص الأكسجين (DNA)، بالحمض النووري الريبوزي (RNA)، في حالة"سارس-كوف-2" (SARS-CoV-2). وهي تعمل عن طريق إغراق جينوم الفيروس بالطفرات أو الأخطاء التي تجعل جيناته عديمة الفائدة، وبالتالي تُوقف تكاثر الفيروس في المسارات التي يسلكها. كما أنَّ هذه الطريقة هي التي يعمل بها عقار "مولنوبيرافير" (molnupiravir) الخاص بشركة "ميرك" المرخص من قبل شركة "ريدجباك بايوثيربيوتكس" (Ridgeback Biotherapeutics LP).

في عالم الشركات التي أغطيها، هناك عقاران آخران قيد التطوير أراقبهما، أحدهما من إنتاج شركة "فايزر"، والآخر من شركة "روش هولدينغز" (Roche Holding AG)، وذلك بالشراكة مع "آتيا فارماسيوتيكال" (Atea Pharmaceuticals).

وللعقارين "آلية عمل" مماثلة، إذ يعيقان وظيفة الإنزيم الذي يحتاجه الفيروس لتجميع نفسه. كما أنَّهما أظهرا نشاطاً مضاداً للفيروسات في الدراسات التي أُجريت على الحيوانات وخلايا الأنسجة، في حين أظهرت شركة "روش" بعض الانخفاضات في الحمل الفيروسي في التجارب البشرية المبكرة.

لماذا لا تستطيع العلاجات المعتمدة بالفعل مثل المضادات الحيوية أو الريمديسفير إتمام هذه المهمة؟

أثبتت الأجسام المضادة الصادرة عن شركات، مثل تحالف "إيه بي سيريلا بيولوجيكس"، و "إيلي ليلي اند كو"، وتحالف "غلاكسو سميثكلاين"، و"فير بيوتكنولوجي" (Vir Biotechnology)، وشركة "ريجينيرون فارماسيوتيكلز"، فعاليتها في الحدِّ من حالات دخول المستشفى، إذا استخدمت مبكراً بما فيه الكفاية.

وفي تجربة التعافي على مستوى المملكة المتحدة، ثَبُت أنَّ مزيج "ريجينيرون" مفيد بالنسبة لحالات بعض المرضى الذين نُقلوا إلى المستشفيات، لكنَّه باهظ الثمن، ويتطلَّب عمليات تصنيع متطورة، وغالباً ما يحتاج إلى بعض المواد المستخدمة نفسها في صنع اللقاحات.

في حين أنَّ عقار "الريمديسفير" يُستخدم بمجرد دخول الأشخاص إلى المستشفى، لذلك فهو ليس مفيداً كعقار لمنع حالات المرض الشديدة، والوجود بالمستشفيات. وحتى في حالة الموافقة على استخدامه، تكون الفائدة هامشية قائمة على تكلفته.

يجب أن أشير أيضاً إلى أنَّ هذه العقاقير يصعب تخزينها وإدارتها، ويتمُّ إعطاؤها عن طريق الحقن أو النقل عبر الدم، وتعدُّ الأقراص بديلاً أكثر قابلية للتحكُّم فيه.

هل من المحتمل أن يكون الدواء المضاد للفيروسات عرضة للمتغيرات أو أقل فعالية ضدها؟

لقد تطورت كل المتغيرات المثيرة للقلق تقريباً استجابة لتطور مناعة الأشخاص المصابين بالفيروس، ويمكن أيضاً، وإن كان ذلك أقل احتمالاً، أن تتطور متغيرات جديدة لدى الأشخاص الذين لا توفِّر لهم اللقاحات حماية كافية. كما يمكن أن تؤدي مضادات الفيروسات الجزيئية الصغيرة بالتأكيد إلى سلالات فيروسية قادرة على مقاومة العلاج.

لكن هناك طريقة يمكن اتباعها لإيقاف مقاومة العقاقير المضادة للفيروسات، وهي استخدام عقارين في آن واحد لهما آليات عمل مختلفة، أو استخدام دواء يستهدف جزءاً من الفيروس لن يتغير على الأرجح. مع ذلك، تعدُّ المقاومة مخاطرة يجب مراقبتها عن كثب.

إلى أي مدى تبدو مضادات الفيروسات وكأنَّها تحمي من مرض كوفيد طويل الأمد؟

سأجيب على هذا السؤال من خلال الإشارة أولاً إلى المعلومات التي نتعلَّمها عن اللقاحات، التي قد يكون لها تأثير على مضادات الفيروسات.

تشير البيانات الناشئة إلى أنَّ التطعيم يؤدي إلى ظهور أعراض كوفيد طويلة الأمد في أكثر من 50% من أولئك الذين يتمُّ تلقيحهم. كما أنَّ هناك نظرية تقول، إنَّ الاستجابة المناعية للتلقيح تؤدي إلى إزالة جيوب العدوى الفيروسية الدائمة بالجسم.

إذا كان الأمر كذلك بالفعل؛ فإنَّ مضادات الفيروسات قد يكون لها فائدة أيضاً في مساعدة الأشخاص المصابين بكوفيد طويل الأمد من خلال المساعدة في التخلُّص من الفيروسات والعدوى المستعصية.

كيف يمكننا نشر مثل هذا الدواء بشكلٍ أفضل لتحقيق أقصى استفادة إذا أصبح متاحاً؟

النبأ السار هنا هو السهولة النسبية لصنع هذه العقاقير مقارنة بصنع اللقاحات والمستحضرات الدوائية الحيوية، كما أنَّ المقوِّمات اللازمة لذلك متاحة في جميع أنحاء العالم.

أعتقد أنَّ هذا هو السبب الرئيسي في أنَّ نجاحاً واحداً أو أكثر من مضادات الفيروسات يمكن أن يغيّر قواعد اللعبة. كما أنَّ التصنيع الأسهل يجب أن يؤدي إلى خفض الأسعار التي يمكن أن تساعد في تسريع التوزيع على الفئات السكانية الأكثر ضعفاً.

في الوقت نفسه، يجب أن يدفع العالم المتقدِّم أعلى قيمة بالدولار، في حين أنَّ بقية العالم ينبغي أن يتلقى تسعيراً عاماً رخيصاً. وفي الواقع، أبرمت شركة "ميرك" بالفعل صفقات مع شركات تصنيع الأدوية المختلفة حول العالم من أجل عقار "مولنوبيرافير".

متى يمكننا أن نتوقَّع توفُّر هذه العقاقير؟

لقد رأينا بالفعل بعض البيانات السريرية المبكِّرة لدواء "ميرك"، الذي تمَّ تطويره بالشراكة مع "ريدجباك"، فقد خفَّض بوضوح حالات الدخول للمستشفى، لكن كانت هناك بعض الأمور غير الواضحة في البيانات، مما يصعب التوصل إلى استنتاجات ملموسة.

من المقرر إصدار بيانات المرحلة الثالثة اللاحقة في الأشهر القليلة المقبلة، ليس من قبل شركة "ميرك" فقط؛ بل من شركتي "روش"، و "فايزر" أيضاً.

هذا يفتح الباب أمام الائتلافات المحتملة. وإذا سارت الأمور بشكل جيد مع التجارب؛ فإنَّ هذه العقاقير قد تصبح متاحة في وقتٍ مبكر من عام 2022.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

الآراء الأكثر قراءة