مع رفع القيود وانتشار دلتا... مخاوف "كوفيد طويل الأمد" تزداد في بريطانيا

عدد كبير من المصابين بفيروس كورونا في بريطانيا يعانون من "كوفيد طويل الأمد" حيث تستمر الأعراض لمدة قد تزيد على سنة  - المصدر: بلومبرغ
عدد كبير من المصابين بفيروس كورونا في بريطانيا يعانون من "كوفيد طويل الأمد" حيث تستمر الأعراض لمدة قد تزيد على سنة - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

لا يزال مليون شخص تقريباً في جميع أنحاء المملكة المتحدة يعانون من وباء "كوفيد-19"، الأمر الذي تسبب في الشعور بالإرهاق وضيق التنفس ومشاكل في الإدراك ومشاكل صحية أخرى.

وفي ظل استعداد المملكة المتحدة لرفع كافة القيود الوبائية تقريباً حتى مع ارتفاع الإصابات مرة أخرى، يشعر العلماء بالقلق من إمكانية ارتفاع أعداد المتأثرين بما يعرف باسم "كوفيد طويل الأمد" بشكلٍ أكثر من ذلك بكثير.

في محاولة لفهم المزيد من الأمور، أعلن المعهد الوطني للبحوث الصحية في المملكة المتحدة يوم الأحد الماضي عن تقديم تمويل بنحو 20 مليون جنيه إسترليني (27.5 مليون دولار) لصالح 15 دراسة تحلل أسباب الكوفيد طويل الأمد وتأثيره على الصحة البدنية والعقلية.

التعايش مع كورونا

استطاعت حملة التطعيم السريع في بريطانيا تقديم التطعيم الكامل لـ53.2% من سكان بريطانيا، بحسب مؤشر تتبع اللقاح الخاص بـ"بلومبرغ". وهو الأمر الذي دفع الحكومة إلى إعلان أن الصلة بين العدوى ودخول المستشفى قد ضعفت.

ويقول رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، إن الناس بحاجة لتعلم التعايش مع فيروس كورونا.

مع ذلك، لا يزال الملايين عرضة للخطر. وأولئك الذين استمرت معهم الأعراض لأسابيع أو شهور- أو أكثر من عام- يقولون إن تهديد كوفيد طويل الأمد يتم تجاهله، حيث يُركز صناع السياسات على أعداد الإصابات ودخول المستشفيات والوفيات.

مع انتشار سلالة "دلتا" المتحورة الأكثر عدوى، فإن البلدان الأخرى التي تحاول إدارة المرحلة التالية من الوباء على الأرجح ستجد نفسها تواجه معضلة مماثلة.

طريح الفراش من قبل كوفيد

أفادت كريستينا بارات، مديرة مبيعات سابقة بمانشستر، وتبلغ من العمر 51 عاماً، وعانت من أعراض كوفيد لأول مرة في أواخر مارس 2020: "لم تكن هناك إشارات إلى كوفيد طويل الأمد عندما تحدثت الحكومة عن إعادة فتح البلاد".

في الوقت نفسه، فكرة إعطاء الأولوية لتلقيح الفئات العمرية الأكبر سناً الضعيفة تدل على أن نسبة أقل من الشباب البريطانيين حصلوا على جرعات اللقاح في الوقت المناسب لإنهاء القيود. هذا الأمر يشعر "بارات" بالقلق. فقد قالت: "الشباب يشعر بأنه محصن، لكن هذا المرض قد يصيب أي شخص".

كانت "بارات" طريحة الفراش لعدة أشهر بعد إصابتها بكوفيد، وفي بعض الأحيان كانت تشعر بضعف شديد لدرجة أنها لم تستطع الحركة. كما أنها كانت تشعر أحياناً بأنها في غيبوبة رغم أنها مستيقظة. خلال هذه الفترة، فقدت "بارات" وظيفتها وعانت منذ ذلك الحين من أعراض جديدة، مثل التنميل والوخز والحقن والإرهاق المزمن.

بالنسبة لـ"بارات"، فإن أحد أكبر الصعوبات التي تواجهها هي إبلاغ الأخرين، مثل الأطباء وحتى العائلة والأصدقاء، بالمحنة التي مرت بها. فقد قالت: "المرض يصبح جزءاً من هويتك".

وبينما دافعت الحكومة عن خطتها، قال وزير الصحة البريطاني، ساجيد جافيد، إن حالات الإصابة قد تصل إلى 100 ألف حالة يومياً. كما حذَّر كبير المسؤولين الطبيين في إنجلترا، كريس ويتي، من إمكانية ارتفاع حالات الإصابة بكوفيد طويل الأمد، خاصة بين الشباب. وتوقعت المملكة المتحدة يوم الجمعة الماضي إمكانية استعادة بعض القيود في وقت لاحق من العام.

مخاوف طويلة الأمد

تعرضت الاستراتيجية البريطانية لانتقادات حادة. فقد شارك أكثر من 120 عالماً في توقيع رسالة نشرت بالمجلة الطبية "ذا لانسيت" في 7 يوليو، يحذِّرون فيها من أن تزايد حالات العدوى يمكن أن يترك مئات الآلاف من الأشخاص يعانون من المرض والعجز "لعقود قادمة". ثم انضم الخبراء الدوليون إلى نظرائهم البريطانيين عبر شبكات الإنترنت لإصدار تحذير آخر في 16 يوليو.

وعانى نحو 962 ألف شخص، أو 1.5% من السكان، من أعراض كوفيد طويلة الأمد المبلغ عنها ذاتياً في المملكة المتحدة، بحسب بيانات مكتب الإحصاء الوطني التي نُشرت بداية هذا الشهر. أكثر من ثلث هؤلاء الأشخاص قالوا إنهم عانوا لأكثر من عام.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

أعراض مستمرة

من ناحية أخرى، وجدت دراسة من جامعة إمبريال كوليدج لندن، نُشرت في يونيو أن 38% من الأشخاص الذين أصيبوا بالفيروس أبلغوا عن استمرار واحد أو أكثر من الأعراض لـ12 أسبوعاً على الأقل. وبشكلٍ عام، قدَّر الباحثون أن أكثر من 2 مليون بالغ في إنجلترا ربما أصيبوا بكوفيد طويل الأمد حتى الآن.

من المقرر أن يساعد التمويل المعلن يوم الأحد في استكشاف مجموعة واسعة من أعراض كوفيد طويلة الأمد، ودراسة كل شيء من الأكسجين الذي تمتصه الرئتان إلى وظائف المخ إلى مستوى الرعاية والدعم الذي ينبغي تقديمه.

ويعد انتشار الحالة المعروفة باسم "الضباب الدماغي" واحداً من عشرات الأعراض التي يقول الخبراء إنها تبرر الدعوات المطالبة ببرنامج فحص وطني.

ويوضح دينيس تشان، الباحث الرئيسي في كلية لندن الجامعية، طريقة تأثر الدماغ بفيروسات مثل "سارس-كوف-2" (SARS-CoV-2)، وهو فيروس كورونا الذي يسبب كوفيد-19. وقال في إحاطة إعلامية قدمها للصحفيين: "لم نشهد شيئاً بهذا الحجم الهائل من قبل".

في غضون ذلك، يبدو أن حالات الإصابة الجديدة بفيروس كورونا طويل الأمد آخذة في الارتفاع. حيث تقدر دراسة لأعراض فيروس كورونا (ZOE Covid) أن المملكة المتحدة تعاني حالياً من ظهور 500 حالة إصابة جديدة يومياً بفيروس كورونا طويل الأمد بين الأشخاص غير الملقحين.

يقول تيم سبيكتور، كبير العلماء في الدراسة: "اللقاحات ساهمت بشكل كبير في خفض الإصابات الشديدة، كما أن كوفيد بعد اللقاح يعد مرضاً أخف بكثير بالنسبة لمعظم الناس".

وأضاف أستاذ علم الأوبئة الجينية في كينجز كوليدج لندن: "الشاغل الرئيسي حالياً هو خطر كوفيد طويل الأمد".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك