من المرجح أن تعرقل "قومية اللقاحات" في دول مثل الولايات المتحدة والهند، جهود منظمة الصحة العالمية لتقديم ملياري جرعة إلى الدول الفقيرة والمتوسطة الدخل بحلول نهاية العام، وفقاً لرئيس أكبر مصنع للقاحات في العالم.
وقال آدار بوناوالا، الرئيس التنفيذي لمعهد "سيروم إنستيتيوت أوف إنديا" (Serum Institute of India Ltd)، إن الدول تتمسك بشدة بإمداداتها وتُقيّد الوصول إلى المواد اللازمة لإنتاج المزيد. وتتولى الشركة توفير أكثر من نصف الجرعات المستخدمة حتى الآن في برنامج "كوفاكس" (Covax)، المدعوم من قبل منظمة الصحة العالمية، والذي يهدف إلى توفير الوصول العادل للقاح في جميع أنحاء العالم.
ترسيخ عدم المساواة
وفي مقابلة مع "بلومبرغ لايف" تم بثها الأربعاء بقمة "بلومبرغ للمساواة"، قال بوناوالا، إن العديد من الشركات المُصنّعة، بما في ذلك "سيروم"، قد فاته بالفعل الجداول الزمنية والالتزامات، مشيراً إلى أن الأمر سيستغرق من شهرين إلى ثلاثة شهور لكي تنتقل الشحنات إلى برنامج" كوفاكس" فعلياً، وسيكون الوصول إلى هدف ملياري جرعة بحلول عام 2021 أمراً صعباً. وتوقع بوناوالا، أن "يمتد الأمر لبضعة شهور".
وتسلط تعليقات بوناوالا الضوء على التحدي المستمر المتمثل في عدم المساواة في توزيع اللقاحات، وهو الأمر الذي يهدد بإطالة أمد الوباء، بعد أن سارعت الدول الغنية إلى تخزين الإمدادات. وتلقّى عدد قليل من الدول الأفريقية شحنة واحدة من الجرعات قبل شهر مارس، فيما تلقى أكثر من 20% من السكان في دول مثل إسرائيل، وبريطانيا، والبحرين، والولايات المتحدة جرعة واحدة على الأقل.
وسعت الهند، بصفتها عملاق تصنيع، إلى تصوير نفسها على أنها المتبرع السخي من خلال دبلوماسية اللقاحات المستهدفة، وذلك لكي تتغلب على الصين، منافستها الإقليمية. وفي الوقت نفسه، سيطرت نيودلهي بشدة على توزيع الجرعات التي حصلت عليها، والتي تم توفيرها في الغالب من قبل معهد "سيروم"، الذي يقوم بتصنيع الجرعات التي طورتها "أسترازينيكا" وجامعة أكسفورد.
وبحسب بوناوالا، طَلَبَ المسؤولون الهنود من الشركة أيضاً عدداً أكبر من اللقاحات يفوق ما كان متوقعاً في البداية. وقال بوناوالا: "كان علينا تكريس قدر كبير من طاقتنا، وهو ما لم يكن مخططاً له في الأصل للهند. نحاول موازنة ذلك بقدر الإمكان، ولكن خلال الشهور القليلة الأولى، تم توجيهنا مرة أخرى إلى إعطاء الأولوية للإمدادات إلى الهند وبعض البلدان الأخرى التي تعاني من عبء مرض مرتفع".
فجوة رهيبة
ربط المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، بطء انطلاق برنامج "كوفاكس" بالشركات والبلدان التي تعطي الأولوية للصفقات الثنائية قبل عملية موافقة الهيئة الصحية. وكرر بوناوالا مخاوفه بشأن الاختناقات الوشيكة التي تسببها "قومية المواد الخام"، بعد أن لجأت الولايات المتحدة إلى قانون الإنتاج الدفاعي هذا الشهر، من أجل حماية إمدادات العناصر مثل الحقائب، والمرشحات، لصالح مصنّعيها.
وقال بوناوالا: "لقد أرسلت الرسالة التالية إلى جميع صانعي القرار في الولايات المتحدة؛ من فضلك لا تفرض حظراً على المواد الخام المهمة التي يحتاجها مصنّعو اللقاحات العالميون الآخرون".
وكان الرئيس التنفيذي لـ"سيروم" قال في وقت سابق من هذا الشهر، إن حظر التصدير قد يلحق الضرر بخططه لإنتاج حوالي مليار جرعة من لقاح كورونا التابع لشركة "نوفافاكس" هذا العام. ورغم هذه التحذيرات، توقع بوناوالا أن يمنح المنظمون في الهند الموافقة على إطلاق لقاح "نوفافاكس" المرشح في شهر أغسطس، والذي سيبدأ "سيروم" بتخزينه بدءاً من الشهر المقبل. وبحلول ذلك الوقت، يأمل بوناوالا أن يتم فتح سوق لقاحات مخصص بالكامل في جميع أنحاء الهند.
ويُسمح حالياً للمستشفيات والعيادات الخاصة فرض مبلغ قدره 250 روبية (3.45 دولاراً) على كل جرعة من اللقاح، شريطة أن يقوموا بشراء هذه اللقاحات مباشرة من الحكومة. ويمكنهم إعطاء الجرعة فقط للأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 60 عاماً أو أكثر، أو أولئك الأكثر عرضة للخطر من سن 45 فما فوق.
تحرير السوق
يريد "سيروم" تحرير القواعد بحيث تسمح للعملاء من الشركات بالتفاوض مباشرة، وربما شراء الإمدادات بتكلفة أعلى، فيما يتم الآن توفير لقاحاتها "بسعر مدعوم ومنخفض للغاية" من خلال الحكومة.
ورغم أن فتح السوق الخاص سيساعد في تسريع جهود التطعيم في الهند، إلا أن هناك مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى التلاعب بالأسعار، والوصول غير المتكافئ، في بلد تنتشر فيه فجوات هائلة في الثروة. وحتى الآن، تم إعطاء حوالي 32 مليون جرعة فقط في الهند، وهو عدد يقل عن الوتيرة المطلوبة، لكي تصل إلى تطعيم 300 مليون شخص بحلول شهر أغسطس.
وقال بوناوالا، إن السوق الحرة ستسمح للشركات بتحصين القوى العاملة لديها بسرعة، مما سيؤدي إلى "تسريع فتح الاقتصاد". وقال: "هذه قضية مستمرة، وتحدثنا فيها مع أعلى المستويات في الحكومة. إنها دعوة صعبة للحكومة أو لأي شخص آخر".