منظمة الصحة العالمية تصنف الأسبرتام "مادة يحتمل تسببها في السرطان" والجرعات الكبيرة أصابت الفئران بأورام خبيثة

المشروبات الغازية الخالية من السكر ضارة ولو لم تسبب السرطان

زجاجات "كوكاكولا" معروضة - المصدر: بلومبرغ
زجاجات "كوكاكولا" معروضة - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

هناك أسباب مقنعة لتجنب المنتجات المحتوية على الأسبرتام، مادة التحليّة الصناعية، حتى قبل أن تصنفها منظمة الصحة العالمية على أنها "مادة يُحتمل أن تتسبب في الإصابة بالسرطان" في الأسبوع الماضي. لكن حالياً، قد يرغب محبو المشروبات الغازية الخالية من السكر في التوقف عن تناولها.

لكن أولاً، إليكم نظرة عامة: "مادة يُحتمل أن تتسبب في السرطان" هي الأضعف بين 3 فئات تصنف بها المنظمة أي شيء له علاقة ولو بعيدة بالسرطان في أي نوع من الدراسات. فتصف المواد الأشد ارتباطاً بالسرطان على أنها "مادة يُرجح تسببها في السرطان "، وإذا كانت الأدلة قوية للغاية، تُصنف على أنها "مادة مسببة للسرطان". تضم الفئة الوسطى من هذا التصنيف مواداً يستخدمها كثير منا بشكل معتاد، مثل المشروبات الكحولية والمشروبات الساخنة للغاية (التي رُبطت بسرطان المريء).

الأدلة على المواد المحتمل تسببها في السرطان أكثر ضعفاً. وتضم تلك الفئة الإشعاع منخفض التردد المنبعث من الهواتف الجوالة، حيث أشارت الدراسات إلى ارتباطه الضعيف للغاية بإصابة الحيوانات بالسرطان.

مخاطر الأسبرتام تعادل مخاطر السكر الطبيعي

في حالة الأسبرتام، أظهرت بعض الدراسات أن الفئران التي تناولت جرعات كبيرة منه يُرجح إصابتها بسرطان المخ وأورام خبيثة متنوعة أخرى. أما ما فاقم من المخاوف فهي دراسة كبيرة أجريت في 2022 تتبعت أكثر من 100 ألف شخص في فرنسا، واكتشفت زيادة ضئيلة محتملة في خطر إصابة مستخدمي المُحلِّيات الصناعية بكثرة بالسرطان.

لكن الدراسات من هذا النوع لا يمكنها إثبات تسبب المُحليات في السرطان. فيُحتمل أن المجموعة التي تستهلك قدراً أكبر من المُحليّات تناولت كمية أزيد من الأغذية المعالجة، أو كان معدل السمنة فيها أكبر، أو كان هناك رابط آخر بشكل ما.

هناك طريقة أفضل لجمع المعلومات، وهي معاملة البشر بشكل أكبر مثل فئران التجارب، إعطاء بعض الناس الأسبرتام ومقارنتهم بالمجموعات المرجعية. حال حدوث ذلك، فالخطوة التالية هي إجراء ما يعرف باسم التجربة العشوائية المضبوطة لم تُجر الدراسة لاكتشاف رابط بالسرطان، لكنها ربطت المُحليّات الصناعية بالمخاطر ذاتها المرتبطة بالسكر.

ربطت دراسات عديدة أخرى الأسبرتام، بوجه خاص، بارتفاع مفاجئ في سكر الدم، وفي المدى الأطول، بارتفاع السكر وزيادة محيط الخصر. قد لا يوجد مشروب غازي خالٍ من المخاطر.

تأثير رمسفيلد

علق اعتماد هيئة الأغذية والأدوية الأميركية (FDA) للأسبرتام عام 1981 في جدل سياسي. كان دونالد رمسفيلد يشغل مناصب الرئيس التنفيذي، والمدير العام، ورئيس مجلس إدارة الشركة المنتجة للأسبرتام، "جي دي سيرل آند كو" (G.D. Searle & Co.)، كما كان في غضون ذلك عضواً بفريق الرئيس رونالد ريغان الانتقالي. (في تلك الفترة كان رمسفيلد شَغل منصب وزير الدفاع في فترة رئاسة جيرالد فورد، وهو منصب شغله مرة أخرى في عهد الرئيس جورج بوش).

فور انتخاب ريغان، عيّن رئيساً جديداً لهيئة الأغذية والأدوية، يقال إنه استمال لجنة علمية للتعجيل باعتماد الأسبرتام. حالياً، يدخل الأسبرتام في أنواع المشروبات والعلكة والآيس كريم والبودنغ وحبوب الإفطار والأغذية المعبأة الأخرى التي تُسوق على أنها خالية من السكر. لكن هل كانت تلك المادة ستُعتمد لولا نفوذ رمسفيلد؟ الإجابة هي ربما.

لم تقع موجات هائلة من الوفيات بعد إضافة الأسبرتام إلى النظام الغذائي الأميركي، لكن في الوقت نفسه، لم يحدث تحسن في المعدلات المتزايدة لمن يعانون من السمنة أو عدد مرضى داء السكري من النوع الثاني. السكر الزائف لم يحسّن من صحة الأميركيين. لكن تلك التجربة العشوائية المضبوطة فسرت السبب.

هل تؤثر المُحلِّيات على الميكروبيوم؟

نُشرت الدراسة في دورية "سِل" (Cell)، وقارنت بين 6 مجموعات، 4 تستهلك كل مجموعة منها نوعاً مختلفاً من المُحليّات الصناعية، ومجموعتين مرجعيتين. كانت المحُليّات المستخدمة هي السُكرالوز، والأسبرتام، والستيفيا، والسَكرين. أما المجموعتان المرجعيتان، فلم تحصل إحداها على أي مُحليّات، بينما حصلت الأخرى على مقدار ضئيل من السكر الطبيعي، وهي الكمية نفسها التي أضيفت إلى أكياس المُحليّات الصناعية لتخفيف مذاقها المُر.

قال لي مدير الدراسة، إران إليناف من معهد وايزمان للعلوم في إسرائيل، إنه كان مهتماً بدراسة احتمال تأثير المُحليّات الصناعية على مجموعة الميكروبات التي تعيش في أمعائنا، المعروفة باسم الميكروبيوم. قال لي في البداية إنه أراد العثور على متطوعين لا يستخدمون أي مُحليّات صناعية من قبل، وبعد فحص أكثر من 1,300 شخص، تعين عليه تقليل العدد إلى 120 مشاركاً في الدراسة كانت نُظمهم خالية من المُحليّات الصناعية بدرجة كافية.

لم يظهر على المجموعتين المرجعيتين أي تغيرات في تركيب الميكروبيوم أو مراقبة سكر الدم. لكن المجموعات الأربع التي تناولت المُحليّات الصناعية ظهرت عليها تغيرات في الاثنين بعد أسبوعين فقط من استهلاك مقدار مشابه لما قد يحصل عليه المستهلكون من شرب عدد من عبوات المشروبات الغازية الخالية من السكر يومياً.

نتائج مثيرة ومتباينة

قال إليناف إن المشكلة هنا أن تلك المواد ليست "خاملة"، أي أنها لا تمر عبر الجسم دون ضرر. (اعتاد عديد من الكيميائيين استخدام المصطلح نفسه لوصف الفاعلات بالسطح الفلورية (PFAS)، حالياً يطلق عليها الكثيرون "الكيماويات الدائمة"، والتي رُبطت أيضاً بمشكلات صحية).

أضاف أن النتائج التي توصل إليها مثيرة للاهتمام، حيث تباينت ردود أفعال المشاركين في الدراسة الذين تناولوا المُحليات الصناعية تبايناً شديداً، فلم يظهر على بعضهم أي تغيير، بينما ظهرت تغييرات كبيرة في المجموعات الميكروبية وسكر الدم.

حتى احتمال الخطر المنخفض قد يكون سبباً كافياً ليتحول البعض إلى شرب المياه أو المشروبات غير المحلاة، نظراً للطريقة التي أثارت بها الدراسات الحديثة الشكوك في تحقيق أي فائدة في التمثيل الغذائي.

لكن، ماذا سيفعل محبو الحلوى؟ قال إليناف إنه لا يريد أن يفسر الناس دراسته بأنها تدعو إلى العودة إلى المشروبات المحلاة بكميات كبيرة من السكر الطبيعي أو شراب الذرة، فهما مرتبطان بجميع أنواع المشكلات الصحية، بما فيها السرطان.

لكن إثبات أن أي شيء، حتى الهواتف الجوالة، لن يتسبب في إصابة أي شخص، في أي مكان، بالسرطان هو أمر مستحيل. لذا، يتعين علينا الموازنة بين المخاطر والمنافع. عندما حاورت رئيس جمعية السرطان الأميركية، أوتيس براولي، بخصوص الهواتف الجوالة، أقر باحتمال وجود علاقة، لكن كلينا كان يتحدث عبر الهاتف الجوال حينها. وعندما تحدثت مع إليناف، لم يكن يشرب مياهاً غازية خالية من السكر، وأخبرني أنه يفضل المياه.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

فى هذا المقال

الآراء الأكثر قراءة