خفّضت الصين المدة الزمنية التي يجب على المسافرين والمخالطين المباشرين قضاؤها في الحجر الصحي، كما خفّضت إجراء الفحوصات، في إطار مراجعة كبيرة لسياسة "صفر كوفيد" التي تسببت بعزل ثاني أكبر اقتصاد في العالم وأثارت غضب المواطنين.
سيطلب من الوافدين إلى الصين قضاء خمسة أيام في فندق أو منشأة حجر صحي حكومية، ويتبعها قضاء ثلاثة أيام حجر في المنزل، وفقاً لبيان صادر عن اللجنة الوطنية للصحة في الصين يوم الجمعة. تتطلب القواعد الحالية الحجر الصحي لمدة 10 أيام في المجموع، مع قضاء أسبوع في فندق ثم ثلاثة أيام في المنزل.
ستطبق فترة الحجر المقصرة نفسها على المخالطين المقربين للمصابين، ما يقلل من الإجراءات المربكة لتتبع المخالطين، التي شهدت إلقاء الملايين في المرافق المركزية بينما يتسابق المسؤولون لاحتواء تفشي الفيروس. كما ورد في البيان أنه لن يتم تحديد المخالطين المقربين من المخالطين المباشرين.
هناك مزايا أخرى دخلت على حركة السفر الدولية، حيث من المقرر إلغاء نظام مثير للجدل يعاقب شركات الطيران على نقلها ركاب مصابين إلى البلاد، بحسب البيان. تعتبر جميع التغييرات جزءاً من مجموعة جديدة تشمل 20 إجراء جديداً تهدف إلى توجيه المسؤولين في احتواء كورونا.
ذكرت "بلومبرغ نيوز" في أكتوبر ونوفمبر أن المسؤولين يناقشون هذه التعديلات فيما بينهم.
تفاؤل مفرط بتخفيف القيود
تعد مجموعة التعديلات الجديدة أحدث إصلاح شامل للنهج المعتمد في الصين لاحتواء الفيروس منذ انتشاره، وربما تمثل بداية تحرك البلاد للانضمام إلى عالم يتعايش مع الوباء.
على ضوء هذه الأخبار، واصلت مؤشرات الأسهم الصينية ارتفاعها على خلفية هذه الأخبار، في حين ارتفعت قيمة اليوان الصيني وارتفعت أسعار السلع.
تعكس حقيقة التخفيف من القيود المتشددة في وقت ارتفعت فيه حالات الإصابة بفيروس كورونا في جميع أنحاء البلاد إلى أعلى مستوى لها في ستة أشهر، مع تفشي الوباء بشكل كبير في قوانغتشو وبكين، تغييراً لا لبس فيه في موقف الرئيس الصيني شي جين بينغ بعدم التسامح مطلقاً.
في خطاب أكثر اعتدالاً بشكلٍ ملحوظ من ذي قبل، أصدر كبار القادة السبعة في البلاد، برئاسة شي، يوم الخميس، تعليمات باتباع نهج أكثر استهدافاً وحسماً تجاه كورونا.
ومع ذلك، ما يزال هناك قدر كبير من عدم اليقين حول ما إذا كانت هذه هي الخطوات الأولى للصين نحو إسقاط جميع قيود كورونا في نهاية المطاف، أو مجرد الوضع الجديد للبلاد إلى أجل غير مسمى. ما تزال الصين البلد تفرض نظاماً هو الأكثر ارهاقاً لمكافحة الفيروس على مستوى العالم.
في هذا الشأن، اعتبر بروس بانغ، كبير الاقتصاديين ورئيس الأبحاث لشؤون الصين الكبرى في شركة "جونز لانغ لاسال" (Jones Lang LaSalle Inc)، أن بعض تفسيرات السوق للإعلان الجديد "متفائلة للغاية". وقال: "لن يتم ضبط سياسة كورونا إلا على المدى القصير، مع تحول التركيز بين القضاء على الحالات واتخاذ تدابير أكثر دقة".
أثر التزام الصين بسياسة "صفر كورونا" -إلى جانب تراجع سوق العقارات- على النشاط الاقتصادي هذا العام، ما أدى إلى تراجع ثقة المستهلكين والشركات، حيث علق السكان في دوامة من تفشي المرض وعمليات الإغلاق وإعادة فتح البلاد. كما أثر الاضطراب الناجم عن ضوابط كورونا على الطلب المحلي، ما أثر على التجارة؛ حيث تتعرض الصادرات بالفعل لضغوط من تباطؤ الطلب العالمي، ما يؤدي إلى تفاقم مشاكل الاقتصاد.
دعوة للتمهل في فتح البلاد
من بين المبادئ التوجيهية الـ20 الجديدة تدابير أخرى لتخفيف عبء سياسة "صفر كوفيد" على الشعب الصيني: يجب على الوافدين إلى الصين الآن إجراء اختبار واحد فقط قبل مغادرة بلادهم، بدلاً من إجراء اختبارين. وعند تفشي الوباء، يُطلب من المسؤولين المحليين تجنب إجراء اختبارات جماعية على مستوى المدينة، إلا في حال عدم وضوح سلاسل انتقال العدوى.
ومع ذلك، يُرجّح أن تظل عملية إعادة فتح الصين بطيئة وحذرة، حيث ما يزال الملايين من كبار السن في البلاد يعانون من نقص التطعيم، والخوف العام المتجذر من كورونا بعد سنوات من الدعاية التي تشوه مواقف الدول الغربية المتساهلة تجاه الوباء.
تعليقاً على ذلك، قال جين دونغ يان، عالم الفيروسات في جامعة هونغ كونغ "بالنسبة للصين، فإن التمهل في اتخاذ القرارات هو الخيار الأكثر استقراراً. قد يؤدي التسرع في اتخاذ القرارات إلى انقلاب الوضع رأساَ على عقب، لأن المشكلة الأكثر شيوعاً تتمثل في عدم تكوين المقيمين في الصين مفهموماً صحيحاً عن كورونا". مُضيفاً: " تسير التغييرات في السياسة المعتمدة في الاتجاه الصحيح. لكن إذا أردت أن تصل الصين إلى المرحلة النهائية من الوباء على الفور، فهذا غير ممكن".