"ميرك" توقف برنامجاً لتطوير لقاح مضاد لكوفيد بعد بيانات "مخيبة للآمال"

مقر شركة ميرك في لاندسسل بولاية بنسيلفينيا الأمريكية - AFP
مقر شركة ميرك في لاندسسل بولاية بنسيلفينيا الأمريكية - AFP

أوقفت شركة "ميرك" (Merck) برنامج تطوير لقاحين تجريبيين ضد كوفيد-19 بعدما أظهرت بيانات التجارب الأولية أنَّهما فشلا في توليد استجابات مناعة مشابهة للعدوى الطبيعية أو الأمصال الحالية.

وتبنَّت شركة الأدوية الأمريكية العملاقة، التي لديها تاريخ طويل من تطوير الأمصال الناجحة، استراتيجية مختلفة عن "فايزر إنك"، و"موديرنا"، و"جونسون آند جونسون"، واستخدمت نهجاً تقليدياً يركِّز على الجرعات القائمة على الفيروسات الضعيفة، واستعار أحد الأمصال (V590) التكنولوجيا المطبَّقة في لقاح الشركة ضد الإيبولا، في حين يقوم الآخر (V591) على نهج مصل الحصبة المستخدم في أوروبا.

وتأخَّر المصلان في سباق تطوير اللقاحات، وانتهت "ميرك" من تجنيد أوَّل المشاركين في دراسات السلامة في المرحلة الأولى قرب نهاية 2020 عندما كان المتقدِّمون في السباق مثل "فايزر" و"موديرنا" يستعدون لنشر بيانات المراحل النهائية لفاعلية أمصالهم، في حين حصلت "ميرك" على النتائج الأولية لتجاربها الشهر الجاري.

وقال نيك كارتسونيس، نائب رئيس الأبحاث السريرية للأمراض المعدية والأمصال في معامل أبحاث "ميرك": "كانت النتائج مخيبة للأمال ومفاجئة قليلاً"، وأنتج المصلان أجساماً مضادة محايدة أقل لوقف العدوى مقارنة بأمصال كوفيد-19 الأخرى. كما أنتجا استجابات مناعة أقل مقارنة بالأشخاص الذين أصيبوا وشفيوا من فيروس كورونا بشكل طبيعي.

وقال كارتسونيس في مقابلة يوم الأحد: "لم تسفر النتائج عما نحتاجه للمضي قدماً"، وقررت القيادة العليا في "ميرك" بعد تقييم البيانات وقف البرامج، وتحويل موارد الشركة إلى مجهودات تطوير علاجات كوفيد-19.

القلق من سرعة توزيع الأمصال

بالرغم من أنَّ أمصال "ميرك" لم يكن يُتوقَّع لها أن تكون جزءاً من مبادرة التحصين الأولى في الولايات المتحدة، فإنَّ التطوير يأتي نتيجة ازدياد القلق بشأن إمدادات الأمصال ووتيرة التحصين. كما أثار ظهور سلالات جديدة من فيروس كورونا التساؤلات فيما إذا كانت اللقاحات المعتمدة ستفقد فاعليتها أمام السلالة المتحورة.

وسيؤدي فشل أمصال "ميرك" إلى إبقائها بعيدة عن سوق سيهيمن عليها منافستان أمريكيتان للشركة تاريخياً، وكانت "فايزر" أوَّل شركة أدوية تحصل على اعتماد للقاح مضاد لكوفيد في الولايات المتحدة، وتلتها مباشرة "موديرنا، وفي الأسابيع المقبلة، من المتوقَّع أن تعلن "جونسون آند جونسون" عن بيانات الفاعلية، وتتقدَّم بطلب تصريح استخدام عاجل.

ولم يكن أي لقاح من لقاحي "ميرك" المرشحين من بين الأمصال الستة الأساسية في محفظة عملية "السرعة القصوى" لحكومة لولايات المتحدة، بالرغم من أنَّ قيادتها راقبتهما عن كثب،.وحصلت شركة صناعة الأدوية وشريكتها المبادرة الدولية للقاح الإيدز (IAVI) على بعض تمويلات الأبحاث من الحكومة. وكان المرشحان سيتكونا من جرعة واحدة.

وستتحمَّل "ميرك" الواقعة في كينيلورث بنيوجيرسي رسوماً قبل الضرائب في الربع الرابع في 2020، وهي تكاليف تتعلَّق بوقف البرامج، ولم تكشف الشركة عن قيمة الرسوم يوم الإثنين، وستقدِّم نتائج المرحلة الأولى إلى صحيفة طبية لمراجعة الأقران.

واعتمدت الحكومة الأمريكية لقاحين للاستخدام في البلاد؛ ولكن ارتفاع حالات العدوى سلَّط الضوء على الحاجة للمزيد من خيارات العلاج. وستوجِّه "ميرك" الموارد نحو علاجين لديها في مراحل التطوير النهائية لمكافحة المرض، وفقاً لكارتسونيس الذي قال:

في عالم تطوير الأدوية، لا يعد القتل المبكر لمشروع سيئاً، لأنه يسمح بإعادة توجيه الأصول وتغيير الأهداف

وتوجه "ميرك" العديد من مرافق تصنيع اللقاحات الخاصة بها إلى إنتاج واحد من علاجين مرشحين لكوفيد-19، وهو "MK-7110" المعقَّد وصعب الإنتاج على نطاق واسع. وأدى علاج الحقن الوريدي في الدراسات الأولية إلى تحسُّن كبير في احتمالية وسرعة شفاء المرضى ذوي الأعراض الحرجة الذين يحتاجون أوكسجين، وقلَّص مخاطر الإصابة بالفشل الرئوي والوفاة بأكثر من 50%، ومن المتوقَّع الإعلان عن نتائج التجارب كاملة في الربع الأول.

ويتوقَّع المديرون التنفيذيون أن يمنح المشرّعون الأمريكيون تصريح الاستخدام الطارئ للعلاج بعد الإعلان عن هذه النتائج. وقال كارتسونيس، إنَّه قد يصل إلى المرضى في منتصف العام الجاري، ووافقت الحكومة الأمريكية بالفعل على دفع 365 مليون دولار مقابل 60 ألف إلى 100 ألف جرعة.

حبوب مضادة للفيروس

تعمل "ميرك" أيضاً على حبوب لمرضى كوفيد 19 في المراحل الأولى من المرض، ويعرف الدواء باسم "molnupiravir"، وتمَّ اكتشافه من قبل علماء جامعة إيموري ويتمُّ دراسته في تجارب المرحلة النهائية في بيئات مختلفة في مستشفيات ومرضى خارجيين.

ومن المتوقَّع أن تحصل "ميرك" وشريكتها "ريدجباك بيوثيرابيوتيكس" (Ridgeback Biotherapeutics LP) على البيانات الأولية بشأن فاعلية العلاج في الربع الأول، وأن تنتهي التجارب في مايو، وفقاً لما قالته الشركة في بيان.

وقال مدير التسويق، مايكل نالي، في ديسمبر، إنَّ "ميرك" تتوقَّع الحصول على الموافقة التنظيمية بعد وقت قصير من إعلان الشركة عن البيانات في حال أثبتت نجاح العلاج.

وقال نالي، إنَّ الدواء يؤخذ مرتين يومياً لمدة 5 أيام بإجمالي 10 حبوب، وتتوقّع الشركة أن تكون قادرة على إنتاح أكثر من 20 مليون جرعة من العلاج أو 200 مليون كبسولة في 2021.

ويبرز التوزيع البطيء للأمصال الحاجة لعلاجات دائمة تعمل ضد الفيروسات المستقبلية أيضاً، وفقاً لكارتسونيس.