دليل الأفراد لتقييم مخاطر كوفيد

دليل الأفراد لتقييم مخاطر كوفيد - المصدر: بلومبرغ
دليل الأفراد لتقييم مخاطر كوفيد - المصدر: بلومبرغ
- مقال رأي

غالباً ما يُقال لنا إن البشر فاشلون في تقييم المخاطر، ويبدو أن هذا الأمر تأكد على نطاق واسع بعد الوباء. فما تفسير التردد في أخذ اللقاح، أو ارتداء الأشخاص الأصحاء للأقنعة الطبية أثناء السير بمفردهم في الخارج؟

مع ذلك، رغم أن الأدلة كلها تشير إلى عدم قدرتنا على فهم المخاطر، مازلت متفائلاً بأن بوسعنا فعل ما هو أفضل. وحتى نكون منصفين، تلقينا رسائل عديدة مربكة من مسؤولي الصحة العامة ووسائل الإعلام. إليك هذا المقتطف من مجلة "سميثسونيان":

بلغت فعالية لقاح "مودرنا" نسبة 95%، بينما فعالية لقاح "فايزر - بيونتيك" 80%، ولقاح "جونسون آند جونسون" 60%. وفي المتوسط​​، كانت اللقاحات الثلاثة فعالة بنسبة 86% في منع دخول المستشفيات، و82% في منع دخول غرف الطوارئ أو الحاجة إلى الرعاية العاجلة، بحسب تقارير "فوكس" (Vox).

إقرأ أيضاً: 1.2 مليار جرعة لقاح "كورونا" فائضة عن حاجة الدول الغنية.. أين ستذهب؟

إذا كنت تشعر بالحيرة، فاعلم أنك لست وحدك. كما أن الاحتمالات الرياضية غالباً ما تكون عبثية بالنسبة للناس، فهي اختراع حديث نسبياً، بينما العقل البشري تطور على مدى آلاف السنين لتقييم المخاطر.

إذاً، كيف يمكنك فهم المخاطر التي تواجهها؟

من الممكن ترجمة البيانات لجعلها ذات مغزى، إما بمقارنتها بمخاطر أخرى، أو بتقسيمها إلى فئات تتمثل في مخاطر يجب تفاديها بأي ثمن، أو مخاطر لابد من إدارتها بدقة، أو إدارة بعضها، أو إدارتها بعض الشئ، أو مخاطر لا تستحق القلق بشأنها على الإطلاق.

يفترض تقييمي للمخاطر المقدم خلال هذا المقال، بأنك تلقيت اللقاح بالفعل، وفي هذه المرحلة توضح البيانات أن غالبية الأشخاص تلقوا جرعة اللقاح بالفعل. لكن إذا لم تفعل ذلك بعد، فإن تقييم المخاطر واضح ويقول: خذ اللقاح! الجانب السلبي لعدم التلقيح أكبر بكثير من أي مخاطر مرتبطة باللقاح.

ما مدى احتمالية إصابتك بحالات العدوى التي تقاوم اللقاح؟

ما الذي تعنيه فعالية نسبتها 96% مقابل 80%؟ يبدو أن 20 شخصاً من بين 100 شخص حصلوا على لقاح "فايزر" سيصابون بالفيروس، لكن هذه النسبة البالغة 20% تفترض أن هذه الإصابة ستكون محفوفة بالمخاطر. ضع في الاعتبار دراسة حديثة أجريت في أحد سجون ولاية تكساس، والتي وجدت أن 129 من أصل 185 سجيناً حصلوا على اللقاح أصيبوا بعدوى كورونا المقاومة للقاح. وهذا العدد يشكل 70% من السجناء الملقحين، وهي نسبة أعلى بكثير من الـ20% التي تم إخبارنا بها في الأصل، ويرجع ذلك بشكل كبير إلى أن "متحول دلتا" أكثر عدوى، فضلاً عن أن السجناء يعيشون في ظروف تتسم بالازدحام، والعديد منهم يعاني من عوامل تضر باستجابتهم المناعية.

هذا لا يعني أن 7 من كل 10 أشخاص من بيننا سيصابون بالمرض، لأن تجربة السجن لا يمكن تعميمها على جميع السكان، بل إن الاستنتاج الذي يجب التوصل إليه من هذه التجربة، هو أنه إذا كنت تعيش في ظروف شبيهة بالسجن -أو كنت تتردد على نوادي الرقص المزدحمة باستمرار- فهناك احتمالية كبيرة لإصابتك بعدوى كورونا المقاومة للقاح بعد التطعيم.

إقرأ المزيد: الاتحاد الأوروبي يدرس إعادة قيود السفر على أمريكا بعد زيادة إصابات كورونا

لكن إذا لم يكن أي من هذين الأمرين يمت لحياتك بصلة وكنت بصحة جيدة، فاعلم أنك لا تزال تواجه بعض المخاطر، لكن شدتها ستكون أقل بكثير. وإذا كنت تعيش في منطقة حيث تلقّى أشخاص كثيرين اللقاح، ولا يوجد تفش واسع النطاق للوباء، فإن احتمالات الإصابة بعدوى مقاومة للقاح ستكون أشبه بإصابة 1 من بين 10 آلاف فرد يومياً. وإذا كنت تضع في حسبانك فرص الإصابة بمعدل 1 من 10 آلاف حالة يومياً (كما هو الحال في أسلوب عش حياتك واخرج)، فينبغي العلم أن المخاطر تتضاعف، حيث يمكن أن تصل فرص الإصابة بهذه العدوى إلى 1%، أو 1 من كل 100 فرد، على مدى ثلاثة أشهر.

هل فرص الإصابة بمعدل 1 إلى 100 سبباً للبقاء في المنزل والانعزال؟

كلا، لأن مخاطر الإصابة بالعدوى المقاومة للقاح تندرج ضمن فئة "إدارة بعض المخاطر" أو "إدارة القليل منها"، اعتماداً على درجة تحملك للمخاطر والوضع الشخصي، لكن الكثيرين سيرغبون في تجنب المخاطر تماماً، أو على الأقل "إدارة الكثير" منها على أي حال.

وبالرغم من أن نسبة 1% تبدو منخفضة، إلا أن أدمغتنا يكون أداءها غريب عند مواجهة احتمالات ضئيلة، فارتفاع نسبة المخاطرة من 0% إلى 1% له تأثير أكبر على السلوك مقارنة بارتفاع من 30% إلى 31% على سبيل المثال.

ثمة حاجة حقيقية إلى بعض الإدارة للمخاطر لأن نسبة الـ1% ربما تكون ضئيلة لكنها ليست بسيطة، فإذا أصيب شخص واحد من كل 100 شخص بعدوى مقاومة للقاح، فستعرف أشخاص، وربما عدة أشخاص، ممن يحدث لهم هذا الأمر، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تحور إدراكك للمخاطر أيضاً.

ومع ذلك، هذا الأمر لا يعني ضرورة التوقف عن عيش حياتك لأن احتمالية الإصابة بأعراض كوفيد الخطيرة ضئيلة جداً، وهذا يعني أن مخاطر الإصابة بكوفيد تعادل الإصابة بالإنفلونزا الخفيفة إذا كنت شخصاً في أتم الصحة وحاصل على اللقاح.

مع حصول المزيد من الناس على اللقاح، فإن حالات العدوى المقاومة للقاح سترتفع كنسبة من إجمالي السكان، وربما يكون بعضها حاداً لدرجة تؤدي إلى الوفاة. لكن ينبغي العلم أيضاً أن احتمالات ظهور نتائج سيئة ضئيلة للغاية بالنسبة للأشخاص الملقحين، ولن تكون أسوأ من المخاطر العديدة الأخرى التي نواجهها يومياً، مثل الموت في حادث دراجة، أو الموت مختنقاً أثناء تناول العشاء، أو الموت من التعرض لأداة حادة.

في الوقت ذاته، إذا كنت تعيش مع شخص ضعيف المناعة، فربما ترغب في إدارة المخاطر بشكل أكثر، خصوصاً إذا لم يتلقَ هذا الشخص اللقاح، وربما تتغير حساباتك أيضاً إذا كنت تعيش مع أطفال لا يمكنهم أخذ اللقاح. ومع ذلك، من المهم تذكر أن كوفيد لا يشكل خطراً كبيراً على الأطفال، فمخاطر الموت أو الانتقال إلى المستشفى ضئيلة، لكن ركوب السيارة أو السباحة مخاطرها أكبر على معظم الأطفال.

من المهم الحفاظ على هذا المنظور، حتى عندما يشكل الأطفال نسبة أكبر من حالات الإصابة بكوفيد، والتي ترجع جزئياً إلى متحول دلتا الأكثر عدوى، وأيضاً لأن الأطفال لا يتم تلقيحهم، بينما 93.5% من الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً يتلقون اللقاح.

كيف سيبدو الأمر إذا تلقيت جرعة معززة؟

الجرعات المعززة تحد من خطر إصابتك بالعدوى المقاومة للقاح، لكنها لا توفر الكثير من الحماية الإضافية ضد الحالات المرضية الشديدة، وبالتالي فإن خيار الحصول على جرعة معززة يعتمد على مدى رغبتك في تجنب الإصابة بالمرض تماماً. وبالنسبة إلى البعض، خصوصاً الشباب المعرضين لخطر الإصابة بالتهاب العضلة القلبية، ربما لا يستحق الأمر ذلك العناء.

الأمر الوحيد الذي يجب مراعاته هو أن الملقحين لا يزال بإمكانهم الإصابة ونشر العدوى، وبالتالي فإن عدم التقاط الفيروس من الأساس يعني أنك ستكون مصدراً أقل للعدوى بالنسبة للآخرين. ومن هذا المنطلق، إذا كنت من كبار السن أو تعاني ضعف المناعة -أو تعيش مع شخص به هذه الصفات- فربما تكون فكرة الجرعة المعززة فكرة جيدة.

نحن جميعاً نعمل على إدارة المخاطر الآن، وفي ظل توافر اللقاحات فإننا نملك أداة رائعة للحدّ من المخاطر التي نواجهها. وكشخص حاز على اللقاح بالكامل، فإن خياراتك للمخاطر تؤثر على الآخرين بدرجة أقل بكثير مما كان عليه الوضع قبل اللقاح، لذلك فإن الأمر يتعلق بحسابات شخصية بشكل أكثر. وسواء كنت ترغب في ارتداء قناع طبي أثناء الذهاب إلى محل البقالة أو أخذ جرعة معززة، فإن هذه الخيارات يجب أن تعكس مدى قدرتك على تحمل المخاطر والظروف.

دائماً ما يكون من المحتمل إصابتك المرض بصرف النظر عما تفعله، لكن هذا لن يشكل إخفاقاً شخصياً. وثمة شيء هام آخر ينبغي فهمه بشأن المخاطر، وهو صعوبة تجنبها. ففي الوقت الذي تحاول فيه تجنب الإصابة بكوفيد، ستظل معرضاً للمخاطر أثناء القيادة إلى العمل أو عبور الشارع أو تنظيف سطح منزلك أو التنزه في الجبال. لذلك ابذل قصارى جهدك لإدارة المخاطر المتعلقة بكوفيد، مثل تجنب الحانات والنوادي المزدحمة، لكن لا تتوقع المحافظة على سلامتك، حتى في ظل هذه التدابير.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك