هل حصل أن صعدت على الميزان في صباح اليوم التالي لعيد الشكر، وظهرت علامات الفزع على وجهك بسبب الرقم الذي تراه؟ فهذا تماماً ما يحدث عادة في مثل هذا الموسم، الذي يمتاز بفترة بقاء الناس داخل المنزل خلال العطلات، التي يكتسبون فيها كيلو غرامات، ثم يعانون كثيراً لخسارتها فيما بعد. أما هذا العام، فهذا الموسم يعدُّ الأسوأ بسبب جائحة (كوفيد-19)، التي قد ينتج عنها نَهمٌ بالأكل جرَّاء التوتر والقلق.
كان معدل السمنة لدى البالغين في الولايات المتحدة الأمريكية، بلغ 42.4% في عامي 2017-2018، وهي آخر فترة زمنية توفَّرت فيها الإحصائيات بناءً على ما أعلنته مراكز السيطرة على الأمراض. وتعدُّ هذه زيادة هائلة بالمقارنة مع نسبة 30.5% في عامي 1999-2000. كما بلغ معدل السمنة المفرطة 9.2% في عامي 2017-2018.
ويعد الشخص مصاباً بالسمنة عندما يصل مؤشِّر كتلة الجسم إلى 30 أو أكثر، أما السمنة المفرطة فهي عندما يصل مؤشر كتلة الجسم إلى 40 أو أكثر.
والولايات المتحدة الأمريكية واحدة من أكثر دول العالم إصابة بالبدانة، وتتفوق عليها فقط 10 دول جزرية صغيرة في المحيط الهادي، بالإضافة إلى دولة الكويت فحسب. وذلك بناء على بيانات منظمة الصحة العالمية لعام 2016. ويبلغ معدل السمنة في الولايات المتحدة للفرد الواحد ثمانية أضعاف مقارنة مع اليابان.
السمنة قضية صحية واقتصادية
في حين تشكل السمنة قضية صحية واقتصادية في الوقت ذاته. وبناء على ما أورده تقرير "حالة السمنة لعام 2020: سياسات أفضل لأمريكا أكثر صحة"، وهو تقرير جديد صادر عن منظمة "تراست فور أميريكاز هيلث" (Trust for America’s Health)؛ فإنَّ السمنة تزيد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2، ومرض ارتفاع ضغط الدم ، وحصول سكتة دماغية، والإصابة بأنواع مختلفة من السرطانات. أما بالنسبة للاقتصاد، فيقول التقرير: "تشير التقديرات إلى أنَّ السمنة تزيد من نسبة الإنفاق على الرعاية الصحية بمقدار 149 مليار دولار سنوياً (التي تقوم بدفع نصفها تقريباً شركتا "ميديكير" و"ميديكيد")، وأنَّ زيادة الوزن أو السمنة هي السبب الأكثر شيوعاً لعدم أهلية الشباب للالتحاق بالخدمة العسكرية."
ثم جاءت الجائحة، وما أدراك ما الجائحة! فالسمنة قد تؤدي إلى ثلاثة أضعاف احتمالية الحاجة إلى استشفاء في حال الإصابة بفيروس كورونا، وذلك بناءً على ما أعلنته مراكز السيطرة على الأمراض.
وركز ماثيو ريس، الكاتب المستقل، الذي كان كاتب خطابات الرئيس جورج دبليو بوش، على هذه القضية بالذات منذ إطلاق موقع على شبكة الإنترنت تحت اسم "حقائق الغذاء والصحة". وكان شعار الموقع هو الصولجان المستخدَم في الولايات المتحدة الأمريكية، الذي يُعدُّ رمزاً لعلوم الطب، ولكنه استبدل الثعابين الملتفِّين حوله بجزرة وساق من الهليون.
استهلاك مفرط للبروتين
وقام ريس منذ شهر أكتوبر بنشر مقالات قصيرة تناولت مواضيع السمنة، وفيروس (كوفيد -19)، وحصص الطعام المتضخمة في المطاعم، والمخاطر الناجمة عن تناول اللحوم المصنعة، والسمنة في الجيش، والإنفاق على إعلانات المشروبات السكرية، وغيرها من هذه المواضيع الكثيرة.
وقد سألت ريس عما إذا كان بصدد كتابة مقال يتمحور حول عيد الشكر، فأجاب بأنَّ أصدقاءه طلبوا منه التخفيف من حدَّة المواضيع الكئيبة والمزعجة في فترة الأعياد والعطلات. (ولكن ذلك لم يمنعني من حثِّه على الكلام). وقال: "هناك استهلاك مفرط، وغير صحي للبروتين الحيواني في هذا البلد، وعيد الشكر هو أحد المناسبات التي تزيد هذا النوع من الاستهلاك." وسارع بعدها مضيفاً: "لكن هذا لا يعني أنني أدعو إلى إنهاء عيد الشكر".
ولكن ما العمل إذاً؟ يضمُّ التقرير الصادر عن منظمة "تراست فور أميريكاز هيلث"، التي تضم من بين مموليها مايكل بلومبيرغ، المالك الأكبر لشركة "بلومبيرج أل بي" (Bloomberg LP)، توصيات بمحاربة السمنة من خلال اتخاذ تدابير من بينها، توفير وجبات مدرسية مجانية، وتوسيع نطاق الحصول على قسائم الطعام.
وذلك حتى يتمكَّن الأمريكيون من ذوي الدخل المنخفض من تناول أطعمة صحية. كما يوصي التقرير، بشكل قد يثير الجدل، بتغيير الحوافز من خلال "إلغاء استقطاعات تكلفة الأعمال المتعلِّقة بالإعلان عن الأطعمة، والمشروبات غير الصحية للأطفال من خلال فرض ضرائب على شركات المشروبات السكرية، ليتمَّ تخصيص عائدات الضرائب هذه في تمويل الجهود المحلِّيَّة للحدًّ من الفروق الصحية والاجتماعية والاقتصادية." ومن الجدير بالذكر أنَّه عندما كان بلومبيرج عمدة نيويورك، تمَّ تحديد وتقييد حجم أكواب الصودا، لكنَّ محاكم الولاية رفضت هذا الإجراء.
لذلك، وإن كنت تعتقد أنَّ هذه الإجراءات ليست جيدة، فأنت مدعوٌّ إلى تقديم بدائل أفضل منها، لأنَّه من الواضح أنه من الضروري اتخاذ إجراء ما.