ثبت أن الخفافيش التي تعيش في كهوف الحجر الجيري في شمال لاوس تحمل فيروسات كورونا التي تشترك في سمة رئيسية مع فيروسات "سارس– كوف– 2" (SARS-CoV-2)، مما يجعل العلماء أقرب إلى تحديد سبب مرض كوفيد -19.
فتش الباحثون في معهد باستير الفرنسي وجامعة لاوس عن فيروسات مشابهة للفيروس المُسبب لمرض كوفيد بين مئات الخفافيش من نوع حدوة الحصان. ووجدوا ثلاثة منها ذات نطاقات ارتباط لديها مستقبلات متطابقة بشكل وثيق، وهو جزء من البروتين الشوكي لفيروس كورونا المستخدم لربط إنزيم محول للـ"أنجيوتنسين2 البشري" (ACE-2)، وهو الإنزيم الذي يستهدفه لإحداث عدوى.
يُظهر الاكتشاف، الذي نُشر في ورقة بحثية صدرت يوم الجمعة، تخضع للمراجعة للنشر من قبل مجلة "نيتشر" العلمية، أن الفيروسات المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بفيروس (سارس- كوف -2) موجودة في الطبيعة، بما في ذلك العديد من فصائل خفاش رينولوفيس أو حدوة الحصان. يدعم البحث فرضية أن الوباء بدأ من انتشار فيروس يحمله الخفافيش. وجدت دراسة يوم الثلاثاء أن حوالي 1000 إصابة من هذا القبيل قد تحدث يومياً في جنوب الصين وجنوب شرق آسيا في مناطق بها أعداد كبيرة من الخفافيش من نوع رينولوفوس.
قال مارك إلويت، رئيس قسم اكتشاف مسببات الأمراض في معهد باستير في باريس، ومؤلفون مشاركون إن الفيروسات الثلاثة الموجودة في لاوس، والتي يطلق عليها أسماء "BANAL-52" و"BANAL-103" و"BANAL-236"، هي "أقرب أسلاف فيروس سارس- كوف-2" المعروفة حتى الآن. أضافوا: "قد تكون هذه الفيروسات قد ساهمت في أصل فيروس (سارس - كوف - 2) وقد تشكل في جوهرها خطراً مستقبلياً للانتقال المباشر إلى البشر".
تعد نطاقات الربط ذات المستقبلات لثلاثة فيروسات كورونا في لاوس أقرب إلى فيروس (سارس - كوف - 2) من فيروس "أر أيه تي جي 13" (RaTG13) الذي جرى رصده في خفافيش رينولوفيس أفينيس من منجم موجيانغ في مقاطعة يوهان، والذي كان يعتبر أقرب سلالة وبائية. وفقاً للورقة البحثية، يحتوي فيروس "BANAL-236" على نطاق ربط ذي مستقبل متطابق تقريباً مع الفيروس الوبائي.
وفي تغريدة: "يمكن أن يكون هناك ما هو أسوأ. وهذا ما يبقيني غير قادر على النوم في الليل من شدة القلق".
كشفت دراسة أن الآلاف من الحالات المشابهة لـ "كوفيد -19" تزيد من خطر انتشار الأوبئة في المستقبل وفقا لدراسة نفذها @dukenus و @EcoHealthNYC. ويشرح كيفية ذلك @PeterDaszak.
قال إدوارد هولمز، عالم الأحياء التطورية بجامعة سيدني، والذي لم يكن مشاركاً في الأبحاث: "بدا نطاق ارتباط مستقبلات (سارس - كوف – 2) غير عادي عندما تم اكتشافه لأول مرة نظراً لوجود عدد قليل جدا من الفيروسات لمقارنته به".
تتبع الأسلاف
نوه هولمز في رسالة بريد إلكتروني يوم السبت إلى أنه "الآن بعد أن أخذنا عينات أكثر من الطبيعة، بدأنا في العثور على هذه الأجزاء وثيقة الصلة من تسلسل الجينات". تابع: "في النهاية، مع المزيد من أخذ العينات، سيتم الكشف عن الأصل الطبيعي لجينوم (سارس - كوف – 2) بأكمله".
لا يحتوي أي من فيروسات الخفافيش المعزولة في لاوس على ما يسمى بموقع انزيم "فورين" البروتيني لإحداث الانشقاق الموجود في الشوكة التي تسهل اختراق الخلية. إنها إحدى سمات فيروس (سارس - كوف - 2) التي دفعت بعض العلماء إلى افتراض أنه جرى تخليقه في المختبر.
الصين تتهم الولايات المتحدة بتضخيم نظرية تسرّب فيروس كورونا من مختبر
لم يظهر أي دليل يدعم نظرية تسرب المختبر. استبعد مجتمع المخابرات الأمريكي، الشهر الماضي، احتمال أن تكون الصين قد طورت فيروس (سارس -كوف -2) كسلاح بيولوجي، لكن لم يتم التوصل إلى توافق في الآراء بشأن أصله.
ويعود سبب الافتقار إلى انزيم فورين لإحداث الانشقاق إلى عدة أسباب، قد يكون بعضها: أخذ عينات غير كافية في الخفافيش، أو عن طريق الاستيلاء على موقع انزيم فورين لإحداث الانشقاق أثناء سلاسل الانتقال في مضيف حيواني بديل، أو أثناء الدورة الدموية غير المعروفة في البشر في المراحل المبكرة من التفشي عندما كان الفيروس يسبب أعراضا محدودة، بحسب المؤلفين.
أضافوا: "تشير نتائجنا إلى وجود فيروسات خفافيش جديدة يبدو أن لديها نفس القدرة على إصابة البشر مثل السلالات المبكرة من سارس- كوف- 2".
جامعو ذرق الطائر
يعتبر الأشخاص الذين يقضون وقتاً في الكهوف أو بالقرب منها، مثل جامعي ذرق الطائر، معرضون بشكل خاص لخطر الإصابة. هناك حاجة إلى مزيد من التحقيقات لتقييم ما إذا كان الأشخاص الذين تعاملوا مع الخفافيش قد أصيبوا بأحد هذه الفيروسات وما إذا كانت لديهم أجسام مضادة قد توفر الحماية ضد عدوى (سارس - كوف - 2) اللاحقة.
الصين تدرس المرحلة الثانية من خطة "منظمة الصحة العالمية" لمعرفة منشأ فيروس "كورونا"
قالت ماريا فان كيركوف، القائدة الفنية لمنظمة الصحة العالمية لوباء كوفيد -19، في رسالة بريد إلكتروني: "هذه الورقة البحثية مثيرة للاهتمام حقاً ونحتاج إلى مزيد من الأبحاث مثلها".
وفي تغريدة، قالت كيركوف: "مع الشكر للباحثين في معهد باستير، وجامعة لاوس والمؤسسات الأخرى لمشاركة هذه النتائج مع منظمة الصحة العالمية قبل النشر. فقط من خلال العلم الصارم والتعاون ومشاركة النتائج والدراسة الشاملة مع وبدون السياسة سنفهم بطريقة أفضل.
درس الباحثون 645 خفاشاً من 46 نوعاً تم صيدها من أربعة مواقع - في منطقتي فوينغ وميث بمقاطعة فيينتيان، وفي مقاطعتي نامور وكساي في مقاطعة أودومكساي – في الفترة بين يوليو 2020 ويناير 2021. تعيش الخفافيش في التضاريس الكارستية الجيرية الشائعة في الصين ولاوس وفيتنام في منطقة شبه جزيرة الهند الصينية.
قال هولمز إن الورقة البحثية تسلط الضوء على تنوع الفيروسات الشبيهة بفيروس (سارس - كوف - 2 ) الموجودة في الخفافيش في جنوب شرق آسيا.
أضاف: "عملية أخذ العينات المستمرة هي الطريقة الوحيدة لفهم أصول هذا الفيروس، ومن المهم أن نحصل على المزيد من العينات في جميع أنحاء الصين، لأن هذا لا يزال هو المكان الأكثر احتمالا للمنشأ". "تؤكد هذه الدراسة أن فيروسات كورونا الخفاشية التي لديها القدرة على إصابة البشر موجودة بسهولة في الطبيعة، ويمكن أن تظهر في أي وقت. هذا هو الخطر الواضح على المستقبل".