قد لا يكون أول اختبار كبير لطموحات جو بايدن العارمة تجاه الطاقة النظيفة إقرار تشريع مناخي شامل يتطلب موافقة الكونغرس، بل كيفية إدارته لقضية سلسلة توريد صناعة الطاقة الشمسية بعد تأثرها باحتجاز ألواح صينية مستوردة.
احتجزت موانئ أمريكية أخيراً مكوّنات لحصاد الطاقة الشمسية استوردتها شركات عدة، في أعقاب حظر إدارة بايدن للمعدات التي قد تدخل فيها مواد خام من شركة "هوشاين سيليكون إندستري" (Hoshine Silicon Industry)، وفقاً لأشخاص مُطّلعين طلبوا عدم كشف هوياتهم عند طرح أمور حساسة تتعلق بالصناعة.
يأتي احتجاز البضائع في ظل التماسات من بعض مُصنّعي الطاقة الشمسية الأمريكيين لفرض رسوم جمركية على مصانع المرتبطة بالصين في فيتنام، وماليزيا، وتايلاند، أكبر موردين للألواح "الضوكهربية" الى الولايات المتحدة. تُهدد كل تلك التطورات بإعاقة سوق الطاقة الشمسية الأمريكي، ما قد يُهدد هدف بايدن لتخليص قطاع الكهرباء من الكربون بحلول 2035.
قالت أبيغيل روس هوبر رئيسة رابطة صناعات الطاقة الشمسية في رسالة إلكترونية للأعضاء بعد ساعات من تقديم الالتماسات: "لا يُمكن التقليل من شأن التأثير المُعرقل والضار للالتماسات التجارية الجديدة، ولإجراءات سلطة الجمارك وحماية الحدود التنفيذية... قد تكون اعاقة سوق الطاقة الشمسية الأمريكي شديدةً".
حجز طلبيات سبقت الحظر
يتخبط مطورو الطاقة الشمسية الآن محاولين إثبات أن البضائع الواردة تخلو من المواد الخام التابعة لشركة "هوشاين"، مع أن بعض الطلبيات سبقت حظر بايدن بأشهر. حذّرت شركة كبرى لتصنيع الألواح الشمسية هذا الأسبوع أن جميع هذه الواردات الصينية معرّضة لاحتجاز لدى هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية.
تعتبر "هوشاين" أكبر شركة عالمية لتصنيع السيليكون المعالج الذي ينقى للوصول إلى البولي سيليكون، وهو المادة الرئيسة المستخدمة في الألواح الشمسية. قال فيليب شين، وهو محلل لدى "روث كابيتال بارتنرز" (Roth Capital Partners)، في مذكرة بحثية أن المادة تدخل في خطوات تصنيعية تسبق بمراحل الخطوة الأخيرة لاكتمال الألواح، إلى درجة عدم إمكانية إثبات أن أي وحدة وصلت الولايات المتحدة لا تحتوي على منتج "هوشاين".
لم تمر بعض جوانب الطاقة الشمسية بفترة أكثر إشراقاً وازدهاراً في الولايات المتحدة، حيث تزدهر أعمال تركيب التجهيزات. يبدو بايدن متجهاً لجعل رئاسته الأكثر تقدمية فيما يتعلق بمسألة المناخ في تاريخ البلاد، خصوصاً كونها تأتي في أعقاب إدارة تمسكت بتعزيز الوقود الأحفوري. إلا أن سلسلة التوريد في الصناعة تعرّضت لضربة بسبب ارتفاع التكاليف شاملة الألواح والشحن.
تعزيز حظوظ الصناعة المحلية
ترتفع تكلفة الألواح الشمسية فعلياً في الولايات المتحدة عن بقية العالم بنسبة 40%، ويُمكن أن تتسبّب التعريفات الموّسعة في صعود الأسعار بشكل أكبر، وفقاً لجيني تشيس، رئيسة أبحاث الطاقة الشمسية العالمية في "بلومبرغ إن إي إف". قالت تشيس: "ستعاني الشركات التي تطوّر وتبني المشاريع بالتأكيد على المدى القصير حيث سترتفع أسعار الألواح الأمريكية أكثر".
فيما قد يتضرّر المطوّرون، فإن أي تحرّكات تجعل الواردات أغلى بشكل أكبر قد تساعد في منح فرص متكافئة للشركات الراغبة في تصنيع مُعدّات الطاقة الشمسية على الأراضي الأمريكية. سيشكل ذلك دفعة لجزء آخر من أجندة بايدن وهو توفير الوظائف النقابية.
قال تيموثي فوكس، نائب رئيس "كلير فيو إنيرجي بارتنرز" ClearView Energy) (Partners، في مقابلة: "قد تتعارض الإجراءات التجارية ضد منتجات الطاقة الشمسية المستوردة مع جدول أعمال الرئيس بايدن للمناخ... لكنها قد تّعزّز أيضاً من جدول أعماله النقابي والتصنيع المحلي".
لم يرد متحدث باسم البيت الأبيض فوراً على طلب للتعليق.
الحجز طال العينات
أعلنت شركة "كانيديان سولار" (Canadian Solar) أن مسؤولين حجزوا الأسبوع الماضي أربع عيّنات ألواح شحنت من الصين إلى مكتبها في الولايات المتحدة بسبب مشكلة تتعلّق بالمصادر، وأن جميع الشحنات الصينية عرضة للضبط عند الحدود.
كما تأثرت شركات أخرى بحجز حاويات متعددة لها في موانئ مختلفة، وفقاً للأشخاص المُطّلعين على الإجراءات. قال أحد الأشخاص أن تكلفة حجز المنتجات في مرافق الجمارك الأمريكية باهظة، ما يدفع شركات أخرى للتساؤل حول جدوى المخاطرة بالاستيراد إلى الولايات المتحدة.
قالت جمعية الطاقة النظيفة الأمريكية، التي تمثل مطوّري الطاقة المتجددة، أنها تعارض بشدة أي ممارسات عمل قسرية، محذّرة من أن "التنفيذ بشكل مسؤول" أمر بالغ الأهمية لتحقيق أهداف المناخ، إذ يسعى المطوّرون لتنفيذ سلسلة مشاريع طاقة شمسية بطاقة 40 غيغاواط.
قالت رئيسة الجمعية التنفيذية هيذر زيكل في رسالة إلكترونية: "تتجاوز الإجراءات التنفيذية الأخيرة والالتماسات حول التجارة الدولية الهدف المنشود، وتخاطر بالتأثير على نشر الطاقة الشمسية في الولايات المتحدة بشكل كبير".
التماسات حمائية
إبان الاحتجازات، قدّمت مجموعة تسمى "مُصنّعي الطاقة الشمسية الأمريكيين ضد التحايل الصيني" يوم الإثنين التماسات إلى وزارة التجارة تسعى لتوسيع الرسوم على المنتج الصيني لتشمل مصانع الشركات الصينية في دول جنوب شرق آسيا الثلاث. لم تحدد المجموعة أعضائها، ورفضت شركة "فيرست سولار" (First Solar)، أكبر شركة تصنيع للمنتج في الولايات المتحدة ، الإفصاح عمّّا إذا كانت جزءاً من التحالف.
تأتي الالتماسات فيما يسعى فيه بعض مُصنّعي الطاقة الشمسية المحليين إلى تمديد التعرفة التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترمب على الطاقة الشمسية، وتتزامن مع خطة ضرائب وإنفاق بحجم 3.5 تريليون دولار قدّمها الديمقراطيون وربما تفيد مطوّري الطاقة الشمسية ومُصنّعي الطاقة النظيفة على حد سواء.
قد يخفض توفر ألواح مستوردة رخيصة تكاليف نشر الطاقة الشمسية في الولايات المتحدة ويُساعد في تحقيق أهداف بايدن نحو الطاقة النظيفة، إلا أن ذلك قد يأتي على حساب العمالة المُنظّمة والأسر العاملة، وهي مخاوف لا تحلّها أهداف بايدن التجددية بشكل تلقائي.
قال بنجامين سالزبوري، وهو محلل لدى "هايت كابيتال ماركتس" (Height Capital Markets): "الأمر ليس ولم يكن ببساطة قول أن بايدن يريد طاقة متجددة... خطط بايدن لا تسعى لتقليص الوظائف النقابية المحلية ولا لزيادة الإنتاج الصيني".