حين يحتاج أولف إيك للتأمل والانفراد مع أفكاره يقصد حديقة "ريتشموند بارك" في لندن بصحبة كلبه الهجين المالطي يوركي والمدعو "دولار". فهذه الحقول، والغابات، ومراعي الغزلان، التي تمتد على مساحة ألفين و500 فدان، وتقع على بعد 12 ميلاً (1 ميل = 1,6 كم)، جنوب غرب الحيّ المالي في لندن، لطالما قدَّمت متنفَّساً ريفياً بعيداً عن صخب الحياة في المدينة.
في القرن السابع عشر، نقل الملك تشارلز الأول حاشيته، لقصر على مقربة من هذا المكان هرباً من الطاعون. أمَّا إيك، فيأتي إلى هذه الحديقة بحثاً عن وقت مستقطع من جنون أسواق الطاقة. فهو يدرك جيداً كم يمكن أن تكون هذه الأسواق مشحونة بالتوترات، فهو بنفسه كان قد اختبر انهياراً في الأسعار، كلَّفه ثروة طائلة، وسبَّب له شعوراً بالوهن.
في أحد الأيام قرابة نهاية عام 2017، وفيما كان "دولار" يستكشف الحديقة، راح إيك، المؤسس وكبير المديرين الاستثماريين في صندوق التحوُّط "نورثلاندر كومودوتي أدفايزرز"، يفكِّر في بعض الأخبار التي سمعها مؤخراً، التي سيستخدمها لاحقاً من أجل تحقيق أرباح بملايين الدولارات.
في الوقت ذاته في بروكسيل، كان صانعو السياسات في الاتحاد الأوروبي يضعون اللمسات النهائية على خطة إصلاح لنظام تجارة الانبعاثات، وهي عبارة عن سوق كربون أنشأها الاتحاد بهدف خفض الانبعاثات، وذلك من خلال تحويل هذه الانبعاثات إلى سلع قابلة للتجارة، كحبوب الصويا، أو الذهب على سبيل المثال. حينها، لم يكن نظام تجارة الانبعاثات الذي اعتمدته الكتلة يعمل بفعالية، لأنَّ تصميم السوق الذي قام النظام على أساسه، حدَّد سقفاً عالياً للتلوث من خلال تسعير الكربون، وهو ما جعل السوق تفيض برخص الكربون. كانت الأسعار منخفضة جداً لتشكِّل عاملاً محفِّزاً للشركات لوقف التلوث، وهو ما دفع الاتحاد الأوروبي لإعداد إجراءات رفع الأسعار، من خلال سحب تصاريح الكربون من السوق.
بعد سنوات من الركود.. تجارة "الكربون" تنتعش في أوروبا
تجارة الكربون
راح إيك يفكِّر بكيفية استجابة السوق إلى هذه الإجراءات الأوروبية الجديدة، ويخطط في كيفية تعامله معها على الصعيد الشخصي.
إيك السويدي الجنسية، الذي انتقل إلى لندن في عام 1998، عمل في شراء وبيع عقود الكهرباء والغاز الأوروبية طوال عقدين من الزمن، تخللها العمل لدى شركة "إنرون "، ومصرف "دوتشه بنك". كما أنَّه تابع نظام تجارة الانبعاثات الأوروبي، منذ تأسيسه في عام 2005. إلا أنَّه ابتعد عنه لاحقاً، بعد صفقة كارثية، كلَّفته نحو 12 مليون يورو (14.2 مليون دولار)، وذلك بعد بضعة أشهر فقط من إنشاء هذه السوق.
في عام 2017، عاد الأمر ليثير اهتمامه، لأنَّ تأثير القرارات الأوروبية على التصاريح بدا جلياً، ففي حال انخفض العرض، ولم يتغيّر الطلب سترتفع الأسعار في السوق بشكل مؤكَّد.
لكن ربما الأمر ليس بهذه البساطة؛ فخلال نزهاته مع كلبه "دولار" قرب بحيرة بيشوب، وتلة الملك هنري في لندن، راح إيك يفكر في أمر كان قد جعله متردداً بداية في الرهان على صعود أسعار الكربون. ففي خضم المناقشات الأوروبية، بالكاد سُجِّل التغيير في السوق، ولم يكن ذلك منطقياً.
في نهاية المطاف، استنتج إيك أنَّ الجميع كانوا يحسبون ويتوقَّعون أنَّ الأسعار لن ترتفع قبل أن تدخل السياسات الجديدة حيز التنفيذ بعد أكثر من عام. وقال إيك الذي يبلغ اليوم الخمسين من العمر: "أدركت أنَّ الأمر غير منطقي"، مضيفاً: "حين أدركت ذلك، قررت الانطلاق بهذه التجارة".
إيك مسرور؛ لأنَّه لم ينتظر أكثر من ذلك. فبحلول نهاية عام 2018، ارتفعت أسعار الكربون في الاتحاد الأوروبي بأكثر من 200%. وقال: "لقد كنت محقَّاً، وقد حققت الكثير من الأموال، لأني كنت على حق."
أرباح هائلة
كان إيك بين مجموعة قليلة من المستثمرين، بينهم بير ليكاندير من شركة "لانسداون بارتنرز في المملكة المتحدة"، وروبيرت غيبينز في "أوتونومي كابيتال"، الذين خاضوا غمار سوق الكربون الأوروبي مبكِّراً، وحقَّقوا أرباحاُ هائلة.
أسهمت حركة الأسعار التي حقَّقت ثروة لأولئك المستثمرين، في إحداث نقلة نوعية في الحسابات المالية المعتمدة في قطاع إنتاج الطاقة. فقد بدأت المرافق تحرق كميات أقل من الفحم، الذي يعتبر الوقود الأكثر تلويثاً في مجال إنتاج الكهرباء، كما لجأت المرافق بشكل أوسع إلى إحراق الغاز الذي يتسبَّب بانبعاثات أقل. وبحسب الأرقام الصادرة عن "بلومبرغ ان إي اف"؛ شهد العام الماضي إغلاق محطات عاملة على الفحم بسعة إجمالية ذات مستوى قياسي يبلغ 15.5 غيغاواط. ولولا ارتفاع تكلفة الكربون في ظلِّ نظام تجارة الانبعاثات، لكانت العديد من معامل الفحم هذه
ما تزال تعمل، وتدرُّ الأرباح.
منع التلوث.. هو الأقل كلفة
وفي حين رحب نشطاء المناخ برفع الأسعار، شكَّلت هذه الزيادات مصدر قلق للقطاعات الصناعية التي يفرض عليها الاتحاد الأوروبي شراء رخص الكربون. فإذا ارتفعت أسعار الكربون بوتيرة سريعة جداً، لن تتمكَّن العديد من هذه الشركات من تحمُّل تكلفة الاستثمار في التكنولوجيا الخضراء. وقد ظهرت هذا العام بالفعل، أدلة تشير إلى ازدياد أنشطة التداول التي يقودها متداولون مضاربون من أمثال إيك، وهو ما أسهم في إحداث تقلُّبات بالسوق.
بدءاً من السادس عشر من أغسطس؛ فإنَّ ماركوس فيرديناند الاستشاري الأعلى لشؤون الطاقة والكربون في أوروبا، سيصبح ضمن مجموعة "ثيما" الاستشارية في أوسلو. يقول فيرديناند: "ازدياد التقلُّبات يسمِّم الاستثمار الصناعي في المجالات التكنولوجية الهادفة لخفض التلوث"، ويضيف: "هم يحتاجون لوسع الأفق والبصيرة في التخطيط، لتوقُّع ما سيكون عليه سعر الكربون، خلال السنوات الخمس إلى العشر المقبلة".
إلا أنَّ إيك غير مقتنع بهذه النظرية، فهو ينظر إلى مساهمته في الارتفاع السريع بأسعار الكربون كجزء من عملية الانتقاء الطبيعي التي تحدَّث عنها داروين. وقال إيك: "ستبلي الشركات المستعدة بشكل حسن، بينما ستفشل المتكاسلة"، متابعاً: "كلَّما ارتفع السعر بشكل أسرع، ستبادر (الشركات) للاستثمار بوقت أبكر".
حالياً، بدأ الاتحاد الأوروبي في تشديد سياساته المناخية مرَّة أخرى، وهدفه الجديد تحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050. ولهذه الغاية، ينكب المشرِّعون في بروكسل على صقل القوانين التي كانت قد لفتت نظر إيك في البداية. ففي يوليو الماضي، كشفت المفوضية الأوروبية عن مقترح لتحقيق انخفاض أكثر طموحاً بمعدلات التلوث، من خلال تقليص عدد الرخص في السوق.
وبموجب مفهوم "سقف الإصدار، والتجارة"، يضع الاتحاد الأوروبي حدَّاً أقصى لإجمالي الغازات الدفيئة التي يمكن إصدارها من محطات الطاقة، والمعامل وما إلى ذلك. ثم يتمُّ بعدها بيع الأرصدة الكربونية، أو التصاريح الكربونية، من خلال مزاد أو عبر إصدارها مجاناً لجهات محددة، ليتمَّ التداول بها لاحقاً.
كذلك؛ يسعى الاتحاد الأوروبي لفرض ضريبة كربون على الحديد، والإسمنت، والألومينيوم المستورد. وتهدف هذه التغييرات لإقناع المزيد من القطاعات الصناعية، سواء في الاتحاد الأوروبي أو خارجه، بأنَّ الامتناع عن التلويث هو السلوك الأقل تكلفة.
تحالف مفاجئ
تماماً كما حصل في عام 2018، بدأت السوق في هذه المرة أيضاً تستبق السياسات الجديدة، مدفوعةً بمضاربين من طراز إيك. فقد ارتفعت عقود الكربون الآجلة بحوالي 60% مقارنة مع بداية العام، لتصل إلى مستوى قياسي بلغ أكثر من 50 يورو للطنّ المتري. وقد رفع القيّمون على التنبؤات الاقتصادية في "باركليز"، و"بلومبرغ ان إي اف" أهدافهم. فبحلول نهاية العقد، قد يتجاوز سعر الكربون 100 يورو للطنّ المتري، بحسب توقُّعات بعض المحللين، وهو سعر مرتفع بما يكفي لتحويل مجموعة من الوسائل التكنولوجية التي تعدُّ اليوم باهظة التكلفة إلى جزء أساسي من الاقتصاد الأوروبي، مما يسهم في الوقت عينه في التخفيف من انبعاثات الغازات الدفيئة.
أدى هذا الواقع إلى نشوء تحالف مفاجئ ما بين المضاربين الماليين، والناشطين البيئيين. فكلاهما يريان أنَّ كوكب الأرض يحتاج لرفع أسعار الكربون إلى مستويات أعلى بكثير، من أجل الحدِّ من ارتفاع درجات الحرارة. إلا أنَّ طرفاً واحداً من هذا التحالف سوف يحقق المال حين يحصل ذلك. يقول إيك: "إذا اشتريت انبعاثات الكربون، فأنت تدفع سعر الارتفاع.. يمكن للطمع أن يكون أمراً رائعاً حين يأتي لمصلحة البيئة".
الطريق إلى التداول
يذكر أنَّ إيك نشأ في بلدة توريبودا السويدية، على بعد نحو 200 ميل غرب استوكهولم. كانت والدته معلمة مدرسة، فيما امتلك والده شركة بناء صغيرة. وقد غادر مسقط رأسه في عمر 19، ليلتحق بالخدمة العسكرية، ثمّّ توجه للدراسة في كلية الاقتصاد في استوكهولم، التي غالباً ما يشارك أساتذتها في لجنة جائزة نوبل للاقتصاد. وبعد أن نال شهادته الجامعية في التسعينيات، حصل على وظيفة في لندن ضمن شركة "إنرون" التي كانت حينها أكبر شركة تداول في مجال الطاقة.
هناك، تعلَّم إيك تحليل تأثير الإجراءات الحكومية على أسواق الطاقة الخاضعة لقيود ناظمة مشددة في القارة الأوروبية. وكانت المرَّة الأولى التي يرى فيها شركة تحتسب قيمة التغيُّر المناخي ضمن تداولاتها. وتوسَّعت شركة "إنرون" التي كانت تتخذ من هيوستن مركزاً لها بسرعة، وكانت تكلِّف موظفيها بتولي مسؤوليات مختلفة، وسرعان ما بات إيك يقود الاجتماعات مع العملاء، ويبني تداولات معقدة لبيع وشراء عقود الطاقة على امتداد أوروبا.
في مطلع عام 2001، ترك إيك وظيفته لينضمَّ إلى شركة "دينيجي" للطاقة، وذلك قبل بضعة أشهر فقط من إعلان "إنرون" إفلاسها إثر فضيحة محاسبية ضخمة. وفي عام 2002، "دينجي" التي كانت تعتزم شراء "إنرون"، عانت هي الأخرى من تعثُّر مالي، وقامت بتسوية لتهم بالاحتيال، وتخلَّت عن التداولات المضاربة في مجال الطاقة.
خلال العقد التالي، عمل إيك في عدَّة بنوك وصناديق تحوُّط في لندن. وفي 2004، فيما كان يعمل متداولاً في "دويتشه بنك"، قرأ الأخبار التي تحدَّثت عن قرب إطلاق سوق الكربون في الاتحاد الأوروبي. وكالكثير من العاملين في هذا المجال، توقَّع أن ترتفع الأسعار، فقرر الاستثمار.
وهذا بالضبط ما كان يأمله مهندسو نظام تجارة الانبعاثات، بحسب بيتر فيس، الذي كان قد أسهم في تصميم النظام في إطار عمله على إعداد السياسات المناخية لصالح المفوضية الأوروبية، وهو يشغل اليوم منصب كبير الاستشاريين في شركة "رود بيديرسن للشؤون العامة" في بروكسل.
وقد تعمَّد هذا النظام أن يتيح التداول، ليس للشركات الملزمة باحتساب انبعاثاتها فقط؛ بل للجهات المالية الفاعلة والمنظمات غير الحكومية أيضاً، التي يحقُّ لها شراء حصص الكربون في إطار أنشطتها المناصرة للبيئة.
تجارة التلوث.. المضاربون يجنون أرباحاً بعد ارتفاع قياسي لأسعار الكربون
انهيار الأسعار
وقال فيس في رسالة عبر البريد الالكتروني، إنَّ "رفع أسعار الكربون كان الهدف المتعمَّد من أجل معالجة أزمة المناخ"، وأضاف: "تدخُّل الوسطاء الماليين في السوق أضاف الكثير من السيولة، مما أسهم في تحسين نسبة التكلفة إلى الكفاءة في مجال تداول الانبعاثات، الذي يشكِّل أداة في السياسة المناخية".
عند إطلاق السوق، اشترى إيك عقود كهرباء، ليكسب أرباحاً منها لو ارتفعت أسعار الانبعاثات. فبحسب تقديره، تعيَّن على مشغِّلي معامل الطاقة أن يرفعوا أسعارهم بنحو 5 يورو للميغاواط/ساعة، من أجل تغطية تكلفة الكربون.
في وقت لاحق من عام 2005، انتقل إيك إلى مكتب لندن التابع لصندوق التحوُّط الأميركي "أمارانث"، وجلب نشاطه في تداول الكربون معه إلى الصندوق. وقد كان يستثمر نحو 30 مليون يورو في ذلك العام حين حلَّت الكارثة، إذ انطلق في استثماره من المفهوم المستند إلى وجود عدد قليل من التصاريح.
ولكن في ربيع عام 2006، أعلن الملوثون الذين تشملهم السوق عن كمية الانبعاثات الفعلية الناجمة عنهم للمرة الأولى، وتبيَّن أنَّهم ينتجون كمية من ثاني أكسيد الكربون أقل بكثير من الموازنة التي تمَّ تصميم السوق على أساسها.
في صباح يوم الـ26 من إبريل، انهارت أسعار الكربون. وعلى امتداد ذلك اليوم، انكبَّ إيك على العمل لتصفية استثماراته. وبحلول نهاية النهار، كان قد خسر نحو 12 مليون يورو، وانخفضت أرباحه لذلك العام بنسبة الثلث. وقد وصل لمرحلة من الإرهاق جلب معها سلة المهملات إلى جانب مكتبه، لتكون جاهزة في حال اضطر للتقيؤ. ثمّ توجَّه إلى المحلل الذي يعمل معه، الذي كان وجهه شاحباً لكثرة المناوشات معه خلال الصباح، وطلب منه لاحقاً أن يذهب إلى المنزل.
وقال إيك: "كمتداول، تتذكَّر تلك الأيام، وقد دام الجزء الصعب ربما لأربع ساعات فقط، ولكنَّني استهلكت في الساعات الأربع كميةً من الطاقة أكثر ممَّا استهلكته خلال شهر من التداول العادي".
حين انتهى الأمر، اتصل إيك بمديره براين هانتر، وقال له: "ما يزال لديّ استثمارات لهذا العام، لا تطردني"، إلا أنَّ هانتر لم يكن يهتم، وقال له: "إذا أردت أن تضاعف استثمارك، فأنا خلفك".
(تبيّن لاحقاً أنَّ هانتر كان في ذلك الوقت في خضم خسارة مليارات الدولارات في مشروع تداول غاز طبيعي أدى في النهاية لانهيار "أمارانث". وقد أوقعته تداولاته في ورطة مع لجنة تداول السلع الآجلة الأميركية التي اتهمته بمحاولة التلاعب بأسعار عقود الغاز الآجلة. وقد وافق هانتر لاحقاً على دفع مبلغ 750 ألف دولار من أجل تسوية النزاع).
تصميم السوق
استمر إيك في تداول الكربون لحوالي سبع سنوات بعد ذلك، ثمَّ فقد اهتمامه في هذا المجال، ولم يعر سوق الكربون الكثير من التفكير بعدها. فقد عمل في تداول سلع الطاقة، في شركة "بريفان هوارد لإدارة الأصول" وفي "باركليز"، قبل إنشاء "نورثلاندر" في عام 2012. في غضون ذلك، بقيت أسعار الكربون في الاتحاد الأوروبي ثابتةً لنحو عقد من الزمن دون 10 يورو للطنّ المتري. استغرق الأمر حتى عام 2017، تاريخ الإعلان عن تدخُّل الاتحاد الأوروبي في السوق، حتى اقتنع إيك مجدداً أنَّ سوق الكربون ما زال جديراً بالاهتمام.
كذلك، يُذكر أنَّ بيير أندوراند، الذي كان بنى اسماً له، وحقَّق ثروة كمتداول في مجال النفط، يعرف إيك منذ نحو عقد من الزمن. ويرى أندوراند، مؤسس صندوق التحوُّط "أندوراند"، أنَّه من المنطقي أن يتوجه إيك بفعل خبرته في مجال تداول الطاقة والغاز الطبيعي نحو سوق الكربون. وقال: "من الطبيعي بالنسبة له أن يبحث عن الكربون"، وأضاف: "كانت تراودني الشكوك في البداية بما أنَّ هذه السوق كانت مصمَّمة بشكل سيىء".
الآن، يسلك أندوراند المسار نفسه الذي انتهجه إيك. فقد بدأ بتداول الكربون خلال العام الماضي، وهو يُرجع الفضل لذلك النهج في تحقيق صندوقه لعوائد إيجابية في عام 2021.
وقد بدأت شركات تداول ضخمة، مثل مجموعة"فيتول"، و"ترافيغورا"، وقد عُرفتا بشراء وبيع الوقود الأحفوري عادة، من خلال ضمِّ متداولي كربون إلى صفوفها. ويدخل كلّ ذلك ضمن عملية تحوُّل واسعة النطاق، إذ تعيد شركات الطاقة الكبرى تكوين نفسها استعداداً لعالم يسير على الكهرباء بدل الوقود.
بالنسبة لإيك، فقد حان الوقت لمضاعفة رهانه على الكربون. إذ كان قد أطلق صندوقاً جديداً هذا العام، وسمَّاه صندوق "نورثلاندر" البيئي، وهو سيركِّز حصراً على ارتفاع أسعار الكربون ليس في الاتحاد الأوروبي فحسب؛ بل أيضاً في أسواق الكربون الأصغر حجماً في الولايات المتحدة، وربما أيضاً في الأسواق الجديدة التي ستظهر في المملكة المتحدة، وآسيا.
وفي حين كان يتأمل نهر التايمز من شرفة مطلَّة على ضفة النهر قرب مكاتبه ومنزله في ريتشموند، قال إيك: "يمكننا في الواقع جني المال من فرصة ستساعد البيئة..يمكنني أن أسهم في الحدِّ من التغيُّر المناخي بشكل أكثر بكثير من مجرد قيامي بالتبرع للجمعيات الخيرية".