من الممكن أن يتعرض 83 مليون شخص حول العالم -أي ما يعادل عدد سكان ألمانيا- للوفاة بحلول عام 2100 بسبب ارتفاع درجات الحرارة الناجم عن انبعاثات الغازات الدفيئة، بحسب دراسة حديثة قد تؤثر على كيفية تسعير الأسواق للتلوث الكربوني.
يقدم البحث الذي أجراه معهد الأرض في جامعة كولومبيا مقياساً جديداً لمساعدة الشركات والحكومات على تقييم تداعيات التغير المناخي هذا القرن.
ومن شأن حساب "تكلفة وفيات الكربون" منح الملوثين أسباباً جديدة لتنقية الهواء من خلال رفع تكلفة الانبعاثات بشكل كبير.
تكلفة الانبعاثات على حياة البشر
يقول دانييل بريسلر، من جامعة كولومبيا، الذي نشر بحثه يوم الخميس في مجلة "نيتشر كوميونيكيشنز": "استناداً إلى القرارات التي يتخذها الأفراد أو الشركات أو الحكومات، هذا المقياس من شأنه إخبارك بعدد الأرواح التي سوف تفقدها أو تنقذها".
وأضاف: "أنه يحدد مقدار تأثير هذه القرارات على الوفيات" عن طريق خفض الأسئلة إلى "مستوى "شخصي ومفهوم بشكل أكبر".
استطاع بريسلر حساب عددالوفيات المرتبطة مباشرة بالحرارة والتي تنتج عن المسارات الحالية للاحتباس العالمي، من خلال تبني نماذج طورها وليام نوردهاوس، وهو عالم الاقتصاد المناخي بجامعة ييل والحائز على جائزة نوبل. وهذه الحسابات لا تشمل عدد الأشخاص الذين قد يتعرضوا للوفاة بفعل ارتفاع منسوب سطح البحار أو العواصف الخارقة أو تلف المحاصيل أو تغير أنماط الأمراض المتأثرة بارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي.
وهذا يعني أن الوفيات المتوقعة- التي تقارب عدد قتلى الحرب العالمية الثانية- قد يظل "أقل من الواقع"، على حد قول بريسلر.
تكلفة مرتفعة للكربون
من المتوقع أن يتسبب كل 4,434 طن من الانبعاثات الكربونية التي شهدها الغلاف الجوي للأرض في عام 2020 في مقتل شخص واحد هذا القرن، وفقاً للحسابات التي استعرضها النظراء والتي تشير إلى إمكانية ارتفاع درجة حرارة الكوكب إلى 4.1 درجة مئوية بحلول عام 2100.
وحتى الآن، ارتفعت درجة حرارة الكوكب بنحو 1.1 درجة مئوية، مقارنة بعصور ما قبل الثورة الصناعية.
كذلك، تشير التقديرات إلى أن حجم التلوث المنبعث طوال فترة حياة ثلاثة من سكان الولايات المتحدة في المتوسط من شأنه أن يساهم في وفاة شخص آخر.
تعليقاً على الأمر، قال بريسلر، إن أعلى معدلات الوفيات يمكن توقعها في أشد المناطق سخونة وأكثرها فقراً على وجه الأرض، والتي تكمن في أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا.
ومما لا شك فيه أن المقياس الجديد بإمكانه التأثير بشكل كبير على كيفية حساب الاقتصادات لما يسمى بـ"التكلفة الاجتماعية للكربون"، والتي حددتها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بمبلغ 51 دولاراً للطن في فبراير.
وهذا التسعير المحدد للتلوث الكربوني، الذي يكمل أسواق الكربون مثل نظام تداول الانبعاثات في الاتحاد الأوروبي، يساعد الحكومات على وضع السياسات من خلال حساب الأضرار المستقبلية.
وجدير بالذكر أن المقياس الذي كشف عنه بحث بريسلر يشير إلى أن التكلفة الاجتماعية للكربون لابد وأن تكون أعلى بكثير، عند 258 دولاراً تقريباً للطن، إذا كانت اقتصادات العالم تريد خفض الوفيات الناجمة عن الاحتباس الحراري.
إنقاذ الأرواح
في الوقت نفسه، يمكن أن يؤدي ارتفاع تكلفة التلوث الكربوني فوراً إلى خفض أكبر للانبعاثات، وبالتالي إنقاذ الأرواح.
كما يمكن أن يؤدي تحديد الحدالأقصى لمتوسط درجة الحرارة العالمية عند 2.4 درجة مئوية بحلول نهاية القرن إلى إنقاذ 74 مليون شخص من الموت الناجم عن الحرارة، مقارنة بالانخفاض الطفيف في الانبعاثات الذي من شأنه رفع درجة حرارة الكوكب بمقدار 3.4 درجة مئوية.
يقول بريسلر: "يجب ألا يأخذ الناس معدل الوفيات الناجمة عن الانبعاثات بشكل شخصي". كما أن الحكومات بحاجة إلى تبني "سياسات واسعة النطاق مثل تسعير الكربون وتحديد حد أقصى له والتجارة والاستثمار في التقنيات منخفضة الكربون وتخزين الطاقة".