أصبحت الطموحات الأخلاقية محور أسواق الائتمان الأوروبية، بشكل يجعل المنطقة رائدة العالم بلا منازع في التمويل المستدام.
وجرى ربط دولار واحد من كل 5 دولارات جمعتها جهات الإصدار الأوروبية هذا العام بأداء المقترضين في مبادرات "البيئة والمجتمع والحوكمة" (ESG). وتزيد هذه النسبة إلى واحد من كل 3 دولارات لقروض الشركات. وتعدّ هذه الحصص في إجمالي القروض أعلى بعدة مرات من نسب مناطق الأمريكتين وآسيا والمحيط الهادي.
تأتي الصدارة المميزة للمقترضين الأوروبيين في وقت يقود التعافي بعد وباء فيروس كورونا دورة استثمار جديدة، فيما يصرّ المستثمرون أكثر من أي وقت مضى على الالتزامات الأخلاقية التي تشجعها دعوات الاتحاد الأوروبي للتمويل المستدام.
وجمعت جهات الإصدار في المنطقة أكثر من 100 مليار يورو (123 مليار دولار) من القروض المرتبطة بالاستدامة خلال العام الجاري، مسجلة عاماً قياسياً في ستة أشهر فقط.
ويتزايد الاقتراض المرتبط بـ"البيئة والمجتمع والحوكمة" خارج قارة أوروبا أيضاً، لكن بوتيرة أبطأ بكثير. وفي الأمريكتين بلغت نسبة الاقتراض المرتبطة بالاستدامة 5% فقط، وفي آسيا 3%.
تمتد ريادة أوروبا إلى سوق السندات أيضاً. وارتفعت السندات العالمية المرتبطة بإنجازات الاستدامة للمُصدِّر إلى 72 مليار دولار حتى الآن هذا العام، وهو ما يعادل 4.5 أضعاف مبيعات عام 2020 بأكمله. وتمثل الشركات الأوروبية أكثر من نصف الإصدارات.
وفي ما يلي ثلاثة رسوم بيانية توضح كيف تسيطر الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات على الإقراض الأوروبي:
درجة استثمارية
كانت الشركات الأوروبية عالية الجودة أول من أصدر مثل هذه القروض في عام 2017، وشهدت مبيعات قياسية سنوياً حتى وقفتها الجائحة. وانتعش اقتراض الاستدامة هذا العام، مع صفقات قياسية بلغت 69 مليار يورو في النصف الأول من العام، وقد عززت حصة القروض المرتبطة بالاستدامة من إجمالي الحصيلة إلى نسبة غير مسبوقة بلغت 31%، وهو ما يعدّ ضعف النسبة في الأمريكتين و10 أضعاف الرقم في آسيا.
عائد مرتفع
الشركات المصنفة من الدرجة غير الاستثمارية ليست في حالة مزاجية لتُترك متخلفة عن الركب، وتعتمد تلك الشركات على سرعة هيكلة القروض المرتبطة بالاستدامة حتى في تمويل الاستحواذ باستخدام الروافع المالية.
وارتفعت القروض ذات الرافعة المالية في أوروبا بشروط مرتبطة بأهداف الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات للمقترضين إلى 29 مليار يورو هذا العام، وهو ما يقرب من 10 أضعاف الإصدار لعام 2020 بأكمله، ويمثل ربع إجمالي المبيعات.
وقد شهدت الولايات المتحدة 9 مليارات دولار من القروض المرتبطة بالاستدامة في نطاق القروض ذات الرفع المالي، وهو ما يمثل ثلاثة أضعاف حجم الإصدار السنوي السابق.
الديون الألمانية
وحتى في سوق القروض الخاصة بألمانيا فقد بلغ متوسط المبيعات السنوية 25 مليار يورو قبل الجائحة، وترسخ الهيكل المرتبط بالاستدامة ليشكل ما يقرب من ربع إصدارات هذا العام.