استعدوا للمعارك السياسية الكبيرة حول كيفية احتساب الكربون

كومة ضخمة من الفحم في ميناء نيوكاسل. نيو ساوث ويلز، أستراليا - المصدر: بلومبرغ
كومة ضخمة من الفحم في ميناء نيوكاسل. نيو ساوث ويلز، أستراليا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

لقد تعلمنا عدداً جديداً من المصطلحات طوال الجائحة مثل الرقم "آر R"، والسلالات المتحورة، ومناعة القطيع، والمرسال "إم آر إن إيه" (mRNA)، وما إلى ذلك.

غالباً ما تكون هذه المفاهيم غريبة ومعقدة، لكنها تساعد كلاً من صانعي السياسة والأشخاص العاديين على فهم الأزمة. عندما نواجه تحدياً وجودياً، نتعلم جميعاً شيئاً من المصطلحات العلمية.

سيتعين علينا القيام بهذا الأمر عندما نتعامل مع تغير المناخ أيضاً. ضع في اعتبارك ادعاء رئيس الوزراء الأسترالي، سكوت موريسون، في أبريل أن أستراليا خفضت انبعاثاتها بنسبة 19% خلال عام 2019 مقارنةً بمستويات عام 2005. كانت هذه محاولة لتلميع صورة بلاده، الملطخة بالفحم، في قمة المناخ التي عقدها الرئيس الأمريكي، جو بايدن. وتبين أنها كانت خدعة حسابية أنيقة. خلصت دراسة جديدة من معهد أستراليا إلى أن البلاد أحرزت تقدماً ضئيلاً نحو الهدف المتمثل في تحقيق صفر صافي من الانبعاثات، وتأتي انبعاثاتها من بين الأسوأ في العالم المتقدم.

وجدت الدراسة أيضاً أن إدعاء التخفيض قد يكون ممكناً في حال الإدخال في الحساب قطاع استخدام الأراضي، الذي يشمل الغابات والزراعة والانبعاثات الأخرى ذات الصلة. وبدون ذلك، فإن انبعاثات أستراليا من استخدام الوقود الأحفوري والصناعة تكون قد ارتفعت بنسبة 6% خلال عام 2018، مقارنة بعام 2005.

"><figcaption style="font-style: normal; text-align: right; direction: rtl;

صعوبة قياس انبعاثات الزراعة

"في عالم خالي من الانبعاثات، نعلم أن القلق الكامن لمعظم البلدان هو الوقود الأحفوري"، هكذا يقول بيب كاناديل، كبير علماء الأبحاث في مركز علوم المناخ التابع لمنظمة الكومنولث للبحوث العلمية والصناعية. ويضيف: "لا يمكنك ترك خفض الانبعاثات الناتجة من قطاع الطاقة حتى اللحظة الأخيرة، إذ أنها مشكلة تكلف مليارات الدولارات ويمكنك تغييرها على مدى عقود".

ليس الأمر لأن الانبعاثات الناتجة من استخدام الأراضي غير مهمة؛ بل يُظهر أحدث التحليلات من "غلوبال كاربون بروجكت" أن هذا القطاع أضاف نحو 6.5 مليار طن من الانبعاثات على مستوى العالم خلال عام 2019. وهذا ما يقرب من خمس الانبعاثات الناتجة عن الوقود الأحفوري في ذلك العام.

وفي هذا الإطار، "من المهم التمييز، لأن لدينا شكوكاً كبيرة في الانبعاثات الناتجة عن استخدام الأراضي"، بحسب كاناديل.

على عكس احتساب الوقود الأحفوري، يصعب قياس وحساب الانبعاثات الناتجة من الزراعة والغابات، وغالباً ما تعتمد هذه المقاييس على طرق تمنح الانبعاثات بعض الخفض بناءً على تجنب نشاط ملوث فرضي.

التمويه الأخضر ومقايضة التعويضات

هذه الأساليب المحاسبية ليست مجرد نجاح منفرد لحكومة منفردة. وستكون انبعاثات استخدام الأراضي حاسمة في المفاوضات القادمة خلال مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في مدينة جلاسكو خلال شهر نوفمبر. سيتعين على البلدان إيجاد طريقة للاتفاق على القواعد المحيطة والمتعلقة بالمادة 6 من اتفاقية باريس التي ستنشئ سوقاً جديداً لمساعدة الكيانات العامة والخاصة على مقايضة التعويضات.

الهدف من هذه السوق المُزمع إنشاؤها هو تقليل الانبعاثات. ولكن بدون محاسبة واضحة ولوائح صارمة، سيكون هناك مخاطرة كبيرة من التمويه الأخضر.

فكروا في "تجنب إزالة الغابات"، وهو النوع الأكثر شيوعاً لتعويض الكربون المتاح في الأسواق الطوعية اليوم. يعمل هذا النوع على مبدأ أنه في محاولة لتحقيق أهداف المناخ، سيتعين على العالم تجنب قطع الغابات. ولأن الكثير من الناس يعتمدون على الغابات في معيشتهم ، فربما يكون من الممكن الدفع لهؤلاء الأشخاص لإيجاد بدائل تساعد في الحفاظ على الغابات.

لقياس ما إذا كان قد تم تجنيب إزالة الغابات، يتعين على مطوري المشروع افتراض معدل أساسي معين لإزالة الغابات، على سبيل المثال 1% سنوياً. وبعد إطلاق المشروع، إذا انخفض معدل إزالة الغابات إلى 0.5%، فيمكن لمطور المشروع إنشاء بعض التعويضات بناءً على 0.5% من الانبعاثات التي تم تجنيبها، حيث أن بعض الأشجار لم يتم قطعها. يمكن للشركات بعد ذلك شراء هذه التعويضات لتقليل الانبعاثات من ميزانياتها الكربونية.

اعتراضات دولية على الحساب المزدوج

لكن هذه الأسواق الطوعية غالباً ما تفشل. فبدون اللوائح الصارمة، يمكن للبائعين التلاعب بالقواعد الأساسية لإنشاء أكبر عدد ممكن من أرصدة التعويضات. وهذا يتناسب مع المشترين الذين يتوفر لديهم حجم كبير من الأرصدة بأسعار رخيصة. لم يتم تحفيز أي من الطرفين لخفض الانبعاثات فعلياً، على الرغم من أن هذه هو الفرضية التي جمعت بينهما.

حتى لو أدى التعويض في الواقع إلى خفض الانبعاثات، فهناك أيضاً مخاطرة الحساب المزدوج. يحق للشركة حذف الانبعاثات من حساباتها الخاصة، كما تقوم الدولة التي يوجد بها مشروع التعويض بإلغاء نفس الكمية من الانبعاثات من قوائم الجرد الوطنية.

هذه ليست مجرد نظرية، إذ يرجع أحد أسباب فشل مفاوضات المادة السادسة، في اجتماعات مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ السابقة، هو أن البرازيل اعترضت على عبارة "العد المزدوج" التي تظهر في كتيب القواعد الذي يحكم سوق الكربون الجديدة.

ونظراً لأن العالم أصبح أكثر جدية بشأن معالجة تغير المناخ، استعدوا للمزيد من معارك احتساب الكربون باللغة التقنية والفنية، والتي سنضطر جميعاً إلى التعرف عليها بشكل أكبر.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك