في قمة "يوم الأرض" للمناخ، أعلن الرئيس جو بايدن رسمياً ما كان متوقَّعاً منذ أسابيع، إذ ستتعهد الولايات المتحدة بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري 50% على الأقل من مستويات عام 2005 مع حلول عام 2030.
حتى ذلك الحين، كانت استراتيجية البيت الأبيض هي ربط التخفيف من تغيُّر المناخ بنمو الوظائف -وهو موضوع كرره بايدن في خطابه الأول أمام الكونغرس الأسبوع الماضي- مما ولَّد القليل من الدراما. ولكن بمجرد أن أصبح الرقم علنياً، فجأة، كان هذا نهاية الحياة الأمريكية كما نعرفها.
غضب الناس عندها بطريقة يمكن التنبؤ بها. كما أنَّ مقال "ديلي ميل" يؤكِّد أنَّ الأمريكيين يمكن أن يجبروا على إنفاق 55000 دولار على السيارات الكهربائية، ويسمح لهم فقط بشطيرة هامبرغر واحدة شهرياً، الأمر الذي تمَّ التقاطه بعد ذلك بواسطة "فوكس نيوز"، مما أدى لاحقاً إلى تصحيح هذا التقرير، واعتباره مجرد غير دقيق فقط.
وفي حين لا ينبغي لأحد أن يقلل من أهمية مقدار التغيير الذي يجب أن يحدث لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري 50% خلال العقد القادم، من المهم أيضاً عدم المبالغة في صعوبة الوصول إلى هذا الهدف. وفي هذا السياق، قال دان لاشوف، المدير الأمريكي لمعهد الموارد العالمية، الذي كان يقاوم الرافضين لهذا النهج على "تويتر": "يمكن مواجهة هذه التخفيضات بتقنيات مجرَّبة وصحيحة، إنَّه هدف طموح، لكنَّه ليس شيئاً من شأنه أن يقلِّب عالم الناس رأساً على عقب."
فأولاً، تمَّ بالفعل إنجاز الكثير من العمل، إذ يوضح جيسي جينكينز، أستاذ الهندسة بجامعة "برينستون" الذي يدرس أنظمة الطاقة: "لقد أمضينا العقد الماضي بشكل أساسي في طرح التقنيات لإزالة الكربون من الطاقة، والمركبات، والشاحنات الخفيفة، يمكن لهذه أن تحقق الجزء الأكبر من تخفيضات الانبعاثات على مدى العقد المقبل." وقال، إنَّ مجرد إحالة باقي محطات الفحم في الولايات المتحدة إلى التقاعد سيؤدي إلى ما يقرب من مليار طن سنوياً من انبعاثات الكربون، أو ما يقرب من 17% من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الولايات المتحدة لعام 2019. وتقترب معظم هذه النباتات من نهاية حياتها، وسيتعين استبدالها في أيِّ حال.
قيود أكثر صرامة
وهناك تحولات مهمة أخرى لن يلاحظها معظم الأمريكيين. فعلى سبيل المثال، من المقرر أن تصدر وكالة حماية البيئة قاعدة مقترحة جديدة في سبتمبر، تحدد قيوداً أكثر صرامة على انبعاثات الميثان، كما قال المدير مايكل ريغان أمام لجنة في مجلس النواب الأسبوع الماضي، بعد يوم واحد فقط من تصويت مجلس الشيوخ على إعادة قواعد الميثان التي كانت إدارة ترمب قد تخلَّت عنها.
يعدُّ الميثان - المكوِّن الأساسي للغاز الطبيعي - هدفاً مثيراً للاهتمام بالنسبة للإدارة، لأنَّه قوي للغاية، وأقصر أمداً من ثاني أكسيد الكربون، مما يعني أنَّ تأثيرات خفض الانبعاثات ستكون محسوسة على الفور. وتعمل تقنية الأقمار الصناعية الجديدة على تسهيل اكتشاف تسرُّب الميثان من خطوط أنابيب الغاز، وهو أمر جيد بالنسبة لشركات الغاز التي تفضِّل جني الأموال منه بدلاً من إطلاقه في الهواء بالمجان.
هل أنتم تسألون "ماذا عن المركبات الكهربائية؟" صحيح أنَّه من الناحية المثالية، ستكون نصف السيارات المباعة في الولايات المتحدة كهربائية بحلول عام 2030. ومع ذلك، فإنَّ هذا لا يعني بشكل قاطع أنَّ الحكومة ستبدأ في إجبار الناس على شراء سيارات "تسلا" الفاخرة. على سبيل المثال، هناك الآن العديد من المركبات الكهربائية في السوق بأقل من 40 ألف دولار، وهو ما يعني من خلال العديد من تقييمات دورة الحياة أنَّها أرخص بالفعل من متوسط سيارتك الجديدة، لأنَّ مالكي المركبات الكهربائية لا يدفعون ثمن البنزين، والتخفيضات الضريبية تجعلها أرخص أيضاً.
وفي الوقت نفسه، انخفضت تكاليف بطاريات السيارات الكهربائية 90% في العقد الماضي، وما تزال تنخفض، مما يعني أنَّ السيارات الكهربائية يمكن أن تكون قريباً على قدم المساواة مع المحركات التقليدية أو أرخص منها بناءً على التسعيرة.
حسناً، ولكن السؤال الحقيقي الآن: هل سيتعين علينا التخلي عن الهامبرغر؟
لا شيء في خطة بايدن يذكر تقليص استهلاك لحوم البقر. نعم، ستكون هناك تغييرات في السياسة الزراعية، ولكن على المدى القصير، ستبدو هذه على الأرجح كحوافز للمزارعين لزراعة الأشجار على أطراف ممتلكاتهم، وهو نوع من الفوز للجميع. لقد قمت بنفسي بتخفيض استهلاك لحوم البقر بشكل كبير لأسباب تتعلَّق بالمناخ. لا تترددوا في الانضمام إليَّ - فهذا سيجعل تحقيق أهدافنا المتعلِّقة بالانبعاثات أسهل - ولكن كي أكون واضحاً، لست مضطراً للحاق بركبي. وحول ذلك قال لاشوف: "قد يختار بعض الأشخاص القيام بذلك، ولكنَّه اختيار طوعي للمستهلك بمقدار 100%، ويمكننا تحقيق الهدف بدونه."