بإمكان أوروبا من خلال إنشاء سوق جديد لخفض انبعاثات الكربون، جذب استثمارات بمليارات اليوروهات، والمساعدة أيضاً في وضع معايير خضراء على مستوى العالم. ذلك بناءً على ما أفاده خبراء سياسة المناخ.
ويقترح هؤلاء الخبراء أن بإمكان الاتحاد الأوروبي أن يطرح تدريجياً للشركات خيارات تعويض كربون طوعية، مثل ائتمانات متداولة تم طرحها بغرض تخفيض غازات الاحتباس الحراري، ويمكن للشركات استخدامها لإثبات صحة ادعاءاتها الخضراء.
الطريقة الأسرع
وتزداد شعبية هذه الأداة لدى الشركات التي تتطلع إلى خفض الانبعاثات من حسابات الكربون الخاصة بها بسرعة وبتكلفة منخفضة، بدلاً من الاستثمار في التغيير الهيكلي الذي يستغرق وقتاً حتى يصبح نافذاً ويخفض الانبعاثات بشكل فعلي.
وهذه المجموعة من خبراء المناخ الذين وضعوا التقرير الجديد، تشمل أحد المُصمِمَين الرئيسيين لأكبر نظام للحد من الانبعاثات الكربونية في العالم، وهو جوس ديلبيك، وبيتر فيس. والذي كتب في تقرير نشره "معهد الجامعة الأوروبية"، أن سوق تعويض الكربون سوف يحتاج إلى إشراف قوي ليستطيع العمل بشكل صحيح، ويتجنب حدوث ظاهرة "الغسل الأخضر". كما من الممكن فرض ضوابط جودة صارمة يمكن أن تمنع تكرار أخطاء الماضي التي قوضت ثقة الجمهور في تعويض الكربون، خلال العقد الماضي.
وقال بيتر فيس، وهو أيضاً مسؤول كبير سابق في الاتحاد الأوروبي، في مقابلة يوم الثلاثاء الماضي: "يمكن لأوروبا إذا أرادت ذلك، تجربة المعايير الأوروبية لتعويض الكربون أولاً، ثم تجربة المعايير الدولية، بغرض إعادة بناء الثقة في آلية العمل لهذه المعايير".
ويُنظر إلى تعويض الكربون على أنه أحد الطرق التي يمكن للعالم معالجة مشكلة التلوث وإبطائها من خلالها. ويعمل الاتحاد الأوروبي على تشديد أهدافه لخفض الانبعاثات في وقت تتعهد فيه دول من الولايات المتحدة إلى اليابان باتخاذ إجراءات مناخية أسرع. وتعمل مجموعة يقودها محافظ "بنك إنجلترا" السابق، مارك كارني، على تعزيز نطاق سوق تعويض الكربون التطوعي ومصداقيته، والتي من المتوقع أن تتضاعف بــ15 ضعفاً، لتصل إلى 50 مليار دولار بحلول عام 2030.
المصداقية..الجزء الأهم من التطوير
ويبقى برنامج أوروبا للتجارة بتعويضات الكربون، معلقّاً بين الالتزامات الطوعية التي تريد الشركات تطويرها، وسوق الكربون في الاتحاد الذي يفرض قيود تلوث ملزمة على الصناعات الثقيلة ومنتجي الطاقة. وقد يُطلب من الشركات المشاركة في سوق تعويض الكربون، الإفصاح عن المعلومات الأساسية حول مخاطر المناخ في أعمالها، ضمن تقارير الشركات الخاصة بها.
جاء في التقرير، والذي يضم من بين كتّابه أيضاً أرتور رونغ ميتزغر، وهو مسؤول كبير سابق في المفوضية الأوروبية: "استناداً إلى النجاح الذي يتم إثباته والجودة العالية والمصداقية الراسخة، يمكن للاتحاد الأوروبي لاحقاً أن يفتح أسواقه تدريجياً لاحقاً للأنشطة الدولية، ولكن بناءً على معايير صارمة".
وتبقى المصداقية التحدي الأكبر في موضوع المناخ. فقد فرض الاتحاد الأوروبي قيوداً في الفترة بين 2013 و2020 على برنامج تعويض الكربون التابع للأمم المتحدة، وهو الذي كان يسمح به سابقاً لامتثاله لنظام مقايضة الانبعاثات. ولكن الحظر جاء نتيجة مخاوف بشأن السلامة البيئية، حيث حظر الاتحاد هذه التعويضات اعتباراً من عام 2021. وقد أدى ذلك إلى اقتراب سعر الائتمانات من الصفر.
ويقدر المحللون أنه ربما لا تزال هناك مئات الملايين من الائتمانات التي تأتي من مشاريع تفشل في تقديم تخفيضات موثوقة وعالية الجودة للانبعاثات.
وقد تؤدي هذه التخمة إلى "تقويض أي مستقبل جديد أكثر مصداقية لسوق تعويض الكربون"، كما أنه من المرجح أن تعرقل ظهور أسعار تعويض أعلى، بناءً على تقرير "معهد الجامعة الأوروبية". وقد أوصى كاتبو التقرير بالسماح باستخدام ائتمانات التعويض من الأمم المتحدة لتغطية الالتزامات حتى عام 2020، ولكن ليس بعد ذلك.