أبرم صندوق الثروة النرويجي، البالغة قيمته 1.3 تريليون دولار، أوَّل صفقة استثمار له في البنية التحتية للطاقة النظيفة، بعد مرور أكثر من عام على منحه الضوء الأخضر، للانتقال إلى الاستثمار في فئة الأصول النظيفة.
ووافقت أكبر مؤسسة للاستثمار السيادي في العالم على شراء 50% من مزرعة الرياح البحرية "بورسيلي 1 & 2"، بقدرة 752 ميغاواط من شركة "أورستد" الدنماركية. وصرَّحت أنَّ قيمة الصفقة أقل بقليل من 1.4 مليار يورو، أو حوالي 1.6 مليار دولار.
البحث عن أصول
وكان صندوق الثروة النرويجي يبحث عن مثل هذه الأصول، منذ أن وافق البرلمان على منحه تفويضاً لبدء شرائها مرة أخرى في عام 2019، ومؤخَّراً في يناير، قال المدير التنفيذي للصندوق، نيكولاي تانجين، إنَّه ثبت أنَّه من الصعب العثور على أهداف خضراء بأسعار معقولة.
وقالت مي هولستاد، كبيرة مسؤولي الأصول العقارية في الصندوق، الذي يتخذ من أوسلو مقرَّاً له، إنَّها وفريقها بحثوا شراء ثمانية أهداف محتملة في عام 2020، التي فشلت جميع خطط شرائها في النهاية.
وتمثِّل صفقة "أورستد" المرة الأولى التي يستغل فيها الصندوق بعضاً من حوالي 14 مليار دولار تمَّ تخصيصها لعمليات الاستحواذ على أصول الطاقة المتجددة.
وبحسب "هولستاد"، فإنَّ فريقها يركِّز على أوروبا في الوقت الحالي، على الرغم من أنَّ تفويضه يسمح له أيضاً بالبحث عن أهداف مستدامة للاستحواذ في أمريكا الشمالية.
وقال "تانجين" في مقابلة يوم الأربعاء: "سنأخذ الوقت الذي نحتاجه لإيجاد الاستثمارات المناسبة، وكل ذلك يتوقَّف على ما نجده، وما سيحدث".
وأضاف: "من الواضح أنَّ هناك مشاريع جذَّابة هنا، وتلك هي الأصول التي نحتاج إلى إيجادها. ولكن علينا أيضاً التنافس من أجل الحصول عليها. ليس من الصعب إنفاق المال، إلا أنَّك قد تحقق عائداً ضعيفاً من خلال القيام بذلك".
وتعني صفقة "أورستد" أنَّ صندوق الثروة النرويجي سيصبح شريكاً متضامناً في توليد طاقة كافية لمدِّ ما يقرب من مليون منزل في هولندا بالطاقة كل عام.
ومن المتوقَّع أن تتمَّ الصفقة، التي مازالت معلَّقة على الحصول على الموافقة التنظيمية، في الصيف. وتعدُّ "بورسيلي 1 & 2" ثاني أكبر مزرعة رياح بحرية تشغيلية في العالم، ويتمُّ تشغيلها بواسطة 94 توربينة من إنتاج "سيمنز جاميسا" تعمل كل منها بقوة 8 ميغاواط.
تحديث الاستراتيجية
تزامن إعلان "أورستد" مع تحديث استراتيجية الصندوق، التي أشار فيها إلى أنَّه بصدد تطبيق نهج أكثر نشاطاً في الاستثمار، يتضمَّن وضع هدف لأن يصبح رائداً عالمياً في الاستثمار المستدام.
وعزز "تانجين"، الرئيس السابق لأحد صناديق التحوُّط، الذي يدير مؤسسة الاستثمار السيادي العملاقة منذ سبتمبر، اعتماد الصندوق على مديري الأصول الخارجيين، واضعاً الأهداف البيئية والاجتماعية والحوكمة نصب عينيه.
ويسعى "تانجين" إلى استخدام المزيد من التكنولوجيا، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، كما يخطط لتعريف مديري محفظته ببعض تقنيات التدريب التي تساعد في تحفيز كبار اللاعبين.
وقال الصندوق في بيان تحديث الاستراتيجية يوم الأربعاء، إنَّه "سيركِّز على استراتيجيات نشطة محددة ومفوضة، وسيكون له تركيز أقل على التخصيص أو التموضع التنازلي".
وذكر البيان أنَّه باعتبار صندوق الثروة النرويجي أكبر مستثمر في الأسهم في العالم، فإنَّ "درايته بأكبر الاستثمارات تساعدنا على تحقيق أعلى عائد ممكن بعد التكاليف، مما يحسِّن إدارة المخاطر، ويمكِّننا من أداء دورنا في ملكية الأسهم. كما نعتقد أنَّ إدارتنا النشطة تعمل على تحسين قدرتنا على أن نكوِّن صندوق استثمار مسؤول".
واستخدم الصندوق، الذي حقق عوائداً بقيمة 123 مليار دولار العام الماضي، تحديثاً استراتيجياً سابقاً لتحويل تعرُّض أسهمه للأسهم الأمريكية، وبعيداً عن أوروبا، فقد كان الجزء الكبير من أداء العام الماضي مدفوعاً بحيازة الصندوق لأسهم شركات التكنولوجيا الأمريكية.
يُذكر أنَّ صندوق الثروة النرويجي يتَّبع معياراً يخصَّص حوالي 70% للأسهم، والباقي للدخل الثابت، كما أنَّه يستثمر في العقارات.
وكان صندوق الثروة السيادية، الذي تديره وحدة تابعة للبنك المركزي، قد تمَّ إنشاؤه في التسعينيات لاستثمار عائدات النفط والغاز النرويجية في الخارج، لمنع حدوث فورة في نشاط الاقتصاد المحلي في البداية، كما يمتلك حوالي 1.5% من الأسهم العالمية.