تتعرض شركات النفط العالمية لضغوط كبيرة لخفض انبعاثاتها، وهي عملية تبدأ بإفصاح هذه الشركات عن بصمتها الكربونية بالكامل، بطريقة تمكّن المستثمرين والجمهور من مساءلتها.
وقد أظهر تحليل "بلومبرغ غرين" في وقت سابق من هذا العام، أن أرامكو السعودية، وهي أكبر شركة نفط في العالم، خفضت انبعاثاتها بنسبة تصل إلى 50%، إذ أفصحت الشركة عن انبعاثات أصولها المملوكة بالكامل داخل المملكة العربية السعودية (فقط) عن عام 2019، تاركةً عدداً من الأصول مرتفعة الانبعاثات خارج المملكة خارج هذه الإفصاحات. وردّاً على ذلك، كانت الشركة قالت إنها ستعزز تقاريرها.
وفي أحدث تقرير سنوي لها صدر في مارس الماضي، عدلت "أرامكو" انبعاثاتها لعام 2019 من 57.9 مليون طن متري من ثاني أكسيد الكربون، إلى ما يعادل 71 مليون طن.
وعَزَت الشركة السعودية الزيادة بنسبة 23% إلى انبعاثات إضافية من ثلاثة أصول مملوكة لها بالكامل داخل المملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة، وألمانيا.
وكانت الشركة أبلغت عن 67 مليون طن من الانبعاثات عن العام الماضي، وذلك أقل قليلاً من عام 2019. وكان ذلك بسبب خفض الوباء للطلب على النفط والغاز.
مع ذلك فإن نظرة فاحصة إلى الأرقام, تُظهِر أن "أرامكو" لا يزال أمامها طريق طويل لتقطعه لضمان تطابق إفصاحات انبعاثاتها مع تلك الخاصة بشركات النفط الكبرى الأخرى مثل "رويال داتش شل" و"شيفرون كورب".
وصرّحَت "أرامكو" في تقريرها السنوي لعام 2020، بأنه لم تُضمَّن الانبعاثات الناتجة من أصلين مملوكين لها بالكامل في حصيلة الانبعاثات المُفصَح عنها.
وقالت في بيان: "محطة غاز الفاضلي ومصفاة جازان لم تعملا بكامل طاقتها، وكانتا في مراحل مختلفة من الإعداد للتشغيل والتشغيل المبدئي في عام 2020"، مضيفة أنها ستبدأ احتساب تلك المنشآت في تقريرها لعام 2021.
وتمسكت الشركة بالكشف عن الانبعاثات الصادرة عن الأصول التي لديها سيطرة تشغيلية عليها فقط، الأمر الذي يعني استبعاد معظم مشاريعها المشتركة في كل من المملكة العربية السعودية وحول العالم. وتشمل تلك المشاريع مصافي متعددة، ومجمعات كيميائية يمكن أن تضيف إلى مخزون الانبعاثات المباشرة ما يصل إلى 28 مليون طن استناداً إلى حصة ملكية "أرامكو"، وفقاً لحسابات "بلومبرغ".
وكشفت إفصاحات "أرامكو" حتى الآن عن انبعاثات النطاقين الأول والثاني فقط، والتي تنتج عن إحراق الوقود الأحفوري لتشغيل عملياتها، أو من استيراد الكهرباء لتشغيل مبانيها، فيما لا تكشف الشركة عن انبعاثات النطاق الثالث الناشئة عن إحراق عملائها وقودَها الأحفوري.
وحسب أحد تقديرات "رأي بلومبرغ"، فإن انبعاثات النطاق الثالث الخاصة بشركة "أرامكو" تبلغ 1.6 مليار طن، وهو ما يمثل أكثر من 4% من مجمل الانبعاثات العالمية. وحتى شركة "إكسون موبيل"، التي صمدت أطول مدة بين شركات النفط الغربية في ما يتعلق بعدم الكشف عن أرقام النطاق الثالث، بدأت في الإبلاغ عنها في وقت سابق من العام الحالي.
وردّاً على أسئلة حول أحدث إفصاحاتها، قالت "أرامكو" إنها "تعتزم الحفاظ على سجلها الحافل بكونها واحدة من أقلّ الشركات إنتاجاً لانبعاثات الكربون بين شركات إنتاج النفط والتنقيب عنه، وواحدة من الشركات الأقلّ كثافة لإطلاق الميثان في الصناعة. وأضافت الشركة: "لدى (أرامكو) مسار واضح ومدروس لزيادة تفاصيل الكشف عن الانبعاثات".
وفي حين أن عملية استخراج النفط في المملكة العربية السعودية تنتج حجماً أقلَّ من الانبعاثات لكل برميل مقارنة بغيرها من الدول، فإن التقارير غير المكتملة تجعل من الصعب مقارنة وثائق اعتماد الكربون الخاصة بشركة النفط العملاقة مع نظرائها.
ومن غير المحتمَل أن يصل العالَم إلى صافي انبعاثات صفرية في غضون عقود، في حال لم تكشف أكبر الجهات المسببة للانبعاثات عن المدى الحقيقي لتأثيرها في مستويات ثاني أكسيد الكربون بالغلاف الجوي.