أعلن مسؤولون بوزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة ستتعهد بتقديم 3 مليارات دولار لصندوق تابع للأمم المتحدة يهدف إلى مساعدة البلدان النامية على خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري والتكيف مع تغير المناخ-وهو جهد يمكن أن يساعد في إعادة بناء الثقة في وعود الدول الغنية بتقديم المساعدات وسط محادثات المناخ المحورية في دبي.
جاء التعهد قبيل خطاب مقرر لنائبة الرئيس كاملا هاريس، اليوم السبت في مؤتمر الأطراف الخاص بالمناخ (COP28)، المنعقد في دبي، وسيضاف إلى 9.3 مليار دولار من الالتزامات الجديدة التي أعلنتها بالفعل المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا واليابان ودول أخرى. وهذه هي الجولة الثانية من تجديد موارد صندوق المناخ الأخضر، ومن شأن التعهد الأميركي أن يرفعها إلى أعلى مستوياتها حتى الآن.
العدول عن إرث ترمب المناخي
يأتي التزام إدارة الرئيس جو بايدن بعد زيادة مطردة في المنح والقروض والتمويل الآخر الذي وجهته الولايات المتحدة نحو تغير المناخ في السنوات القليلة الماضية بينما تسعى إلى التعافي من تأثيرات رئاسة دونالد ترمب، الذي سحب البلاد من اتفاقية باريس وألغى تمويل المبادرات الكبرى الخاصة بمكافحة تغير المناخ.
يُنظر إلى هذا التعهد على أنه يساعد في تعزيز مصداقية الولايات المتحدة في بداية (كوب28) الذي يستمر أسبوعين. وفي أثناء المفاوضات التي جرت في مؤتمرات الأطراف الأخيرة، كانت محدودية التمويل-وتقاعس البلدان الغنية عن توفيره منذ فترة طويلة-سبباً في تعزيز انعدام الثقة والتوتر الشديد. وكان من المفترض أن يقدم العالم الغني 100 مليار دولار سنوياً لتمويل المناخ للاقتصادات الناشئة بدءاً من 2020، وهو إنجاز حققه متأخراً عامين فيما يبدو.
بعد بناء اقتصادها عن طريق حرق الوقود الأحفوري وتوليد الحصة الأكبر من الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي اليوم، تتعرض الولايات المتحدة أيضاً لضغوط لحملها على تقديم المزيد من الدعم للدول التي تتحمل العبء الأكبر من التأثيرات الوخيمة لذلك على مناخ الكوكب.
قفزة في التعهدات في عهد بايدن
قال مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية إن التمويل الدولي للمناخ الذي التزمت به الولايات المتحدة وصل إلى 5.5 مليار دولار في 2022، أي أكثر من ثلاثة أضعاف المبلغ المقدم في 2021 وهو 1.3 مليار دولار، في إطار ميزانية تحكم فيها ترمب إلى حد بعيد. وأضاف المسؤول أن التمويل الأميركي للمناخ من المتوقع أن يتجاوز هذا العام 8.25 مليار دولار، مما يضع الولايات المتحدة على طريق تحقيق طموح بايدن بتقديم 11.4 مليار دولار في 2024.
يعتمد التمويل الجديد المتعهد به للأعوام من 2024 إلى 2028 على مخصصات من الكونغرس الأميركي، إذ واجهت خطط إنفاق مماثلة مقاومةً من المشرعين الجمهوريين. فعلى سبيل المثال، تعهد الرئيس الأسبق باراك أوباما بتقديم 3 مليارات دولار لصندوق المناخ الأخضر في 2014، غير أن واشنطن لم تقدم سوى مليارين من هذا المبلغ في نهاية المطاف، وصلت الدفعة الأخيرة منها والبالغة مليار دولار في وقت سابق من هذا العام.
قال مسؤول وزارة الخارجية إنه لا توجد خطة حالية لتعويض المليار دولار المستحق. وبدلاً من ذلك، ينصب التركيز على جعل عملية التجديد الثانية لأموال الصندوق هي الأكثر نجاحاً على الإطلاق.
احتياجات التمويل تفوق التعهدات
يأمل مسؤولو الإدارة في استقاء الدعم من خلال الاستفادة من الوعي المتزايد بصندوق الأمم المتحدة وعمله-بما في ذلك المبادرات الرامية إلى تعزيز زراعة الأرز في تايلاند وتحسين إدارة مخاطر الفيضانات في البوسنة والهرسك. غير أنه لدى تدشين صندوق المناخ الأخضر في 2014، قال المسؤول إن بعض المشرعين كانوا يعتبرونه مفرطاً في الطموح بينما كان البعض الآخر يرون أنه ينطوي على مخاطر وتهديدات.
لم تشارك الولايات المتحدة في مؤتمر التعهدات للصندوق في أكتوبر، وسط مواجهة في الكونغرس حول ميزانية الحكومة الفيدرالية. كما امتنعت أستراليا وإيطاليا والسويد وسويسرا عن تقديم تعهدات جديدة. وكان يُنظر إلى إجمالي الالتزامات الأولية على نطاق واسع على أنها مخيبة للآمال، إذ كانت أقل من 10.3 مليار دولار عُرضت لتدشين الصندوق في 2014، و10 مليارات تم التعهد بها بعد خمس سنوات.
وكل هذا ليس سوى نزر يسير من مئات المليارات التي تؤكد تقديرات أنها المطلوبة بحلول نهاية العقد لمساعدة البلدان النامية على إقامة بنية تحتية أكثر مرونة، وحماية إمدادات المياه، والتكيف مع عالم يزداد حرارة. ولا يشمل ذلك الأموال التي تحتاجها البلدان لإنتاج طاقة خالية من الانبعاثات حتى تتمكن من تحقيق أهداف اتفاقية باريس.
التكيف مع تغير المناخ
وبشكل عام، قدمت الدول الغنية ما لا يقل عن 100 مليار دولار على ما يبدو لتمويل المناخ للدول الفقيرة في 2022، مما أوفى بوعدها الذي طال انتظاره بالتمويل، وفقاً لأحدث التقديرات الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. ومع ذلك، فإن المبلغ الذي ذهب لدعم التكيف-بدلاً من المزيد من المشروعات القابلة للتمويل مثل تطوير الطاقة المتجددة- انخفض 14% تقريباً في 2021. وقفز الدعم الأميركي لمساعي التكيف الدولية من نحو 269 مليون دولار في 2021 إلى مليارين تقريباً في 2022، بحسب مسؤول وزارة الخارجية. وقد وضع بايدن هدفاً لتخصيص 3 مليارات دولار للتكيف مع تغير المناخ بحلول 2024.
وتلقي هذه القضية بظلالها على المؤتمر الذي بدأ الخميس في دبي. ولا يعتزم بايدن حضور المؤتمر هذا العام، على الرغم من وجود مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى إلى جانب هاريس، بينهم وزير الخارجية أنتوني بلينكن.
قال مسؤول بالبيت الأبيض إن من المقرر أن تلقي هاريس بياناً أميركياً أمام المؤتمر ثم تشارك في فعالية عن الطاقة المتجددة، والتي ستستغلها لتسليط الضوء على جهود الولايات المتحدة للحد من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري وتعزيز القدرة على التكيف مع تغير المناخ.