توصل مفاوضو المناخ العالميون إلى إطار عمل لإنشاء صندوق لمساعدة الدول الهشة على التعامل مع الخسائر والأضرار الناجمة عن الطقس الذي يزداد حدةً. غير أن هذا التقدم شابه سجال بشأن كيفية تمويل البرنامج.
اتفق المندوبون الذين اجتمعوا في أبوظبي، في وقت متأخر من يوم أمس السبت، على أن يستضيف البنك الدولي صندوقاً جديداً للخسائر والأضرار على أساس مؤقت لأربع سنوات، وهو ما يكسر الجمود بعد مفاوضات على مدى أشهر. كما وضعوا المبادئ التوجيهية الأساسية للتمويل، مع حث البلدان المتقدمة على تقديم الدعم. على أن يُستكمل النقاش في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب28)، والذي يبدأ في دبي أواخر هذا الشهر.
خيبة أمل
قال سلطان الجابر، الرئيس المكلف لمؤتمر "كوب28": "يعتمد المليارات من البشر المعرّضين لآثار تغير المناخ على تبني هذا النهج الموصى به". وأضاف أن الوثيقة "واضحة وقوية" و"تمهد الطريق لاتفاق".
في حين أعرب نشطاء في مجال حقوق الإنسان وممثلون من الدول الفقيرة عن شعورهم بخيبة أمل للمغادرة دون التزام بضخ أموال أكثر وبأثر فوري. ويهدد التوتر الحالي بالانتقال إلى محادثات المناخ الأوسع، فحتى عندما تسنى التوصل إلى الاتفاقية، اعترض ممثل الولايات المتحدة الرئيسي، قائلاً إنها لا تعكس الإجماع.
سعت الدول الفقيرة إلى صياغة لغة محددة توضح أن عبء التمويل يقع على عاتق الدول الغنية التي بنت اقتصاداتها عن طريق حرق الوقود الأحفوري، وأطلقت الجزء الأكبر من الغازات المسببة للاحتباس الحراري الموجودة في الغلاف الجوي حالياً. وكانت الدول الهشة مترددة في وضع الصندوق تحت مظلة البنك الدولي مخافة ألا يعطي الأولوية الكافية للعمل المناخي.
براندون وو، مدير السياسات والحملات في منظمة "أكشن إيد يو إس إيه" (ActionAid USA)، أشار إلى أن اللجنة "أنجزت تفويضها، لكنها كانت أبعد ما يمكن عن النجاح. الدول النامية أظهرت مرونة هائلة، وقدمت التنازلات منذ البداية، لكن الدول المتقدمة تمسكت بمواقفها".
بدوره، أوضح هارجيت سينغ، رئيس الاستراتيجية السياسية العالمية في شبكة العمل المناخي الدولية، أن الصياغة النهائية لا تطالب برأسمال فوري للصندوق ولا تشير إلى الحجم المستهدف لتلك المساهمات.
وأضاف في مقابلة: "نحن ننظر فقط إلى حساب مصرفي فارغ. ما تمّ الاتفاق عليه غير كافٍ لدعم المجتمعات التي تواجه حالات طوارئ مناخية الآن" وتلبية احتياجات "تصل بالفعل إلى مئات المليارات من الدولارات".
وألقى نشطاء حقوق الإنسان باللوم على الولايات المتحدة وغيرها من الدول المتقدمة لرفضها صياغةً تحدد أن الدول الثرية الملوِّثة للبيئة تاريخياً ملزمة بدفع أموال للصندوق.
في طور النمو
ترى لين فاندام، وهي من أكبر النشطاء في مركز القانون البيئي، أن الجدل بخصوص مكان استضافة الصندوق "يشتت الانتباه عن المهمة الفعلية المطروحة" وضمان وجود صندوق "من شأنه أن يوفر حلاً فعالاً للمجتمعات التي تعاني من أضرار أزمة المناخ".
بدورها، ترفض الصين والسعودية أيضاً دفع الأموال لمثل هذا الصندوق، باعتبار أنهما لا تزالان في طور النمو وأن الدول المسؤولة عن الجزء الأكبر من الانبعاثات التاريخية يجب أن تمول هذه المبادرة.
وأعرب أفيناش بيرسود، مبعوث المناخ لرئيسة وزراء بربادوس ميا موتلي، عن تحفظ بلاده (الدولة الجزيرة) حول الاتفاقية التي قال إنها أثارت "ضيقاً متبادلاً" وكانت "نتيجة صعبة ومليئة بالتحديات". لكنه شدد على أنها تمثل مع ذلك "خطوة إيجابية إلى الأمام". مضيفاً في مقابلة عبر الهاتف أنه لولا هذه الاتفاقية: "من المؤكد أن الفشل كان سيلقي بظلاله قاتمة على مؤتمر الأطراف".
نجحت الولايات المتحدة في الضغط من أجل صياغة توضح أن الصندوق يمكنه تلقي الأموال من مجموعة واسعة من المصادر، ما يبقي الباب مفتوحاً أمام إيرادات من آليات تسعير الكربون والتبرعات الخيرية، بعد القول بأنه لا توجد حكومة واحدة لديها ما يكفي من الموارد لتقديم ما هو مطلوب. لكنها لم تفلح في مسعاها للوصول إلى صياغة تشير إلى أن المساهمات طوعية بحتة.
وصرح مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية أن النص لا يعكس الإجماع فيما يخص الحاجة إلى الوضوح بشأن الطبيعة الطوعية للمساهمات.
والصندوق من أكثر القضايا المثيرة للانقسام السياسي التي تواجه قمة (كوب28)، وقد تتبنى الدول إطار العمل أو تدفع باتجاه إدخال مزيد من التغييرات على النص. وكانت الدول النامية عارضت في البداية استضافة البنك الدولي لهذا المرفق وسط انعدام الثقة في أن المؤسسة قد تحولت بما يكفي لدعم العمل المناخي.