أظهر تحليل جديد أجراه برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن التمويل العالمي لتدابير التكيف مع تغير المناخ في جميع أنحاء العالم ضئيل للغاية. يؤدي ارتفاع انبعاثات الغازات الدفيئة إلى تفاقم سوء الأحوال الجوية في جميع أنحاء العالم، مما يزيد من الحاجة إلى توفير التمويل لحماية المجتمعات من التأثيرات.
وكشف باحثون عن وجود فجوة سنوية تتراوح بين 194 مليار دولار و366 مليار دولار للمشاريع التي يمكن أن تساعد المجتمع على التكيف مع تغير المناخ. وتزيد الفجوة الحالية بنسبة 50% عن التقديرات السابقة وأعلى بما يتراوح بين 10 إلى 18 مرة من المستوى الحالي للتمويل العام العالمي، والبالغ 21 مليار دولار في عام 2021.
استقر عدد المشاريع الجديدة الممولة من خلال عملية الأمم المتحدة للمناخ ما بين 300 و450 سنوياً، خلال العقد الماضي، بعد نمو مستمر في السابق منذ عام 2007.
طلب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من الحكومات فرض ضرائب على "الأرباح غير المتوقعة" لشركات الوقود الأحفوري وتوجيه بعض العائدات إلى الأشخاص الذين يعانون بالفعل من "الخسائر والأضرار" الناجمة عن تأثيرات المناخ. وقال في بيان: "لقد ساعد أباطرة الوقود الأحفوري وعناصر تمكينهم في إيجاد هذه الفوضى، يجب عليهم دعم أولئك الذين يعانون نتيجة لذلك". ولأول مرة، يتناول التقرير السنوي الخسائر والأضرار باعتبارها نتيجة الإخفاق في التكيف.
أسئلة صعبة
سعت البلدان النامية طوال سنوات إلى جذب البلدان الغنية إلى التفاوض بشأن تمويل الأضرار والخسائر في محادثات المناخ السنوية. لقد تطلب الأمر اعترافاً عالمياً متزايداً بأن المناخ قد أصابه التغيير -ووقوع مأساة الفيضانات التاريخية في باكستان خلال صيف عام 2022- حتى تتفق الدول المتقدمة على نطاق واسع على إنشاء صندوق.
عندما يستأنف الدبلوماسيون اجتماعاتهم في دبي نهاية هذا الشهر، من المتوقع أن يواجهوا أسئلة صعبة حول بلورة البرنامج. من بين القضايا الشائكة المطروحة على جدول الأعمال هي من يمول البرنامج، وما هي المؤسسة التي تشرف عليه، وكيفية التعامل مع أنواع الأضرار التي تقاوم القياس الكمي، مثل الخسائر في الأرواح، والأراضي، ومعارف السكان الأصليين، والتنوع البيولوجي.
وجاء في التقرير أن "عدم وضوح المفاهيم يشكل حاجزاً حقيقياً أمام تحقيق تقدم على الصعيد السياسي والناحية العملية بشأن الخسائر والأضرار". يناشد مؤلفو التقرير البلدان المتقدمة، زيادة تدفق تمويل التكيف إلى البلدان النامية التي تعاني من بعض من أسوأ آثار تغير المناخ رغم أن مساهمتهما في المشكلة هي الأقل.
أثناء محادثات المناخ في غلاسكو عام 2021، تعهدت الدول الغنية بمضاعفة نفقات التكيف، إلى 40 مليار دولار بحلول عام 2025، وهو رقم مستقل عن المناقشات المتعلقة بالأضرار والخسائر. إلى جانب تمويل البلدان الغنية لمشاريع التكيف، يحدد التقرير مصادر أخرى تشمل الإنفاق المباشر للبلدان النامية والشركات الكبيرة وغيرها من مصادر القطاع الخاص وتحويلات المهاجرين إلى بلدانهم.
مسارات جديدة لجمع الأموال
يقترح الباحثون أيضاً مسارات جديدة لجمع الأموال عندما تعجز المصادر التقليدية، بما في ذلك فرض الرسوم على الشحن والطيران، وتخفيف الديون، والضرائب، ومبادلة الديون. يلقي التقرير ثقله وراء المساعي الرامية إلى إعادة تنظيم النظام المالي العالمي المتعدد الأطراف، مثل مبادرة "بريدجتاون" التي طرحتها رئيسة وزراء بربادوس ميا موتلي، والتي من شأنها أن تسهل على الدول النامية الحصول على الأموال للتعافي من الكوارث والتكيف معها.
ويشمل "التكيف" مجموعة واسعة من الأنشطة التي يمكن أن تقوم بها البلدان للحد من آثار موجات الحرارة الشديدة، والعواصف الأكثر شدة، وارتفاع منسوب مياه البحر، والفيضانات، والجفاف، وغيرها من الأضرار التي تفاقمت بسبب تلوث غازات الاحتباس الحراري. يُعد إجمالي التمويل المخصص للتكيف صغيراً مقارنة بالالتزامات الخاصة بمنع الانبعاثات، نحو 49 مليار دولار فقط من التمويل المباشر مقابل 586 مليار دولار للتخفيف، وفقا لمبادرة سياسات المناخ.
تعمل تدابير الحماية على إنقاذ الأرواح والأموال، كما أنها أداة قوية لمكافحة عدم المساواة الاقتصادية والاجتماعية. من شأن زيادة تمويل التكيف من أجل الزراعة بقيمة 16 مليار دولار، أن تحول دون معاناة 78 مليون شخص من المجاعة أو الجوع. توفّر الاستثمارات المقدرة بمليارات الدولارات في مجال الحماية من الفيضانات الساحلية نحو 14 مليار دولار، تمثل قيمة الأضرار التي تم تفاديها.