تراجعت أسعار السلع على نطاق واسع يوم الجمعة، بعدما ارتفع الدولار مع تنامي مخاوف من صعود التضخم.
وانخفض العائد على السلع وفقا لمؤشر بلومبرغ للسلع الذي يتابع أسعار 23 سلعة بأكبر قدر منذ أبريل إذ أدى ارتفاع الدولار إلى تقليل الطلب على المواد الخام المقومة بالعملة الخضراء.
وأدى ارتفاع العوائد على السندات الحكومية الأمريكية في وقت سابق من الأسبوع إلى زيادة المخاوف من أن تسارع التضخم قد يؤدي إلى تخفيف دعم السياسة النقدية .
وقال إدوارد مويا، محلل السوق البارز في شركة اواندا كورب" (Oanda Corp): "لم يتوقع أحد حدوث تراجع غير منضبط في سوق السندات، إنه أمر يؤدي إلى اضطراب كبير في كل الأمور. نشهد تراجعا كاملا للأصول الخطرة".
وأضاف "ما يحدث حاليا عبارة عن موجة بيع مدفوعة بالذعر في جميع القطاعات".
وتراجعت أسعار السلع بعد أن سجلت رهانات صناديق التحوط على ارتفاع أسعار السلع رقما قياسيا للأسبوع الخامس على التوالي، حسب البيانات التي تعود إلى عام 2011، وفقا لتحليل بلومبرغ لبيانات من لجنة تداول السلع الآجلة وبورصة لندن الدولية للعقود المستقبلية والخيارات (أي سي إي) لـ 20 مادة خام.
وتوقع عدد من بنوك الاستثمار العالمية مؤخرا أن تشهد السلع دورة صعودية هيكلية جديدة، حتى أن بعضها قال إنها قد تكون بداية دورة طفرة عملاقة.
وفي 11 فبراير، قال بنك الاستثمار العالمي "جيه بي مورغان" إن السلع فيما يبدو بدأت دورة فائقة جديدة من المكاسب على مدار سنوات، بعد ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية ، وصعود أسعار المعادن إلى أعلى مستوياتها منذ سنوات، وتجاوز النفط 50 دولارا للبرميل.
لكن الارتفاع في عوائد السندات الأمريكية يوم الخميس يثير القلق من أن النهج النقدي التكييفي الذي ساعد في تغذية مكاسب الأسعار الأخيرة قد لا يستمر، على الرغم من إشارة البنوك المركزية بخلاف ذلك.
وفي الوقت نفسه، تتفاقم الخسائر في بعض الأسواق نتيجة لعوامل خاصة بها.
النفط والغاز
انخفضت أسعار النفط في نيويورك بأكبر وتيرة منذ نوفمبر 2020، لتؤثر على أفضل بداية للعام على الإطلاق. وإلى جانب ارتفاع الدولار، فإن التوقعات بأن تحالف "أوبك+" سيعيد بعض الإمدادات إلى السوق تؤثر أيضا على الأسعار.
ويضم تحالف " أوبك+" الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) بالإضافة إلى منتجين آخرين بقيادة روسيا.
وفي حين أنه من المتوقع على نطاق واسع أن تقوم "أوبك+" بتخفيف قيود الإنتاج، لا تزال هناك حالة من عدم اليقين بشأن مقدار الإنتاج الذي سيتدفق إلى السوق وما إذا كان الطلب سيكون قويا بما يكفي لاستيعابه.
وانخفضت أسعار الغاز الطبيعي يوم الجمعة لليوم السابع على التوالي، لتسجل أطول سلسلة خسائر متتالية منذ أكتوبر 2019.
وتراجعت العقود الآجلة بنسبة 14% تقريبا منذ ذروة 17 فبراير 2021، مما أدى إلى محو المكاسب الكاملة المرتبطة بالطقس البارد الذي دفع الأسبوع الماضي آبار الغاز في ولاية تكساس الأمريكي إلى الإغلاق وألحق أضرارا في أسواق الطاقة.
وانتعش الإنتاج بسرعة وسط ارتفاع درجات الحرارة، بينما تراجع الطلب على وقود التدفئة بمقدار الخمس خلال الأسبوع الماضي.
المعادن والزراعة
تراجعت أسعار النحاس بأكبر وتيرة منذ أكتوبر 2020 يوم الجمعة، منخفضة من أعلى مستوى في 9 سنوات. وواصلت أسعار الذهب تراجعها متجهة إلى أسوأ أداء شهري لها منذ أواخر 2016.
واقتربت أسعار النحاس، الذي يعتبر مؤشرا بالنسبة لأداء الاقتصاد، من أعلى مستوى قياسي سجلته قبل 10 سنوات، بفضل الرهانات على أن تعافي الاقتصادات ودعم البنك المركزي سيعملان على تقليل المعروض.
وفي حين أن بعض المحللين والتجار يقولون إن الأسعار يمكن أن ترتفع أكثر من ذلك بكثير، فإن الزيادات الحادة في الأسبوع الماضي والأنباء التي تفيد بأن النقص في المواد شبه المصنعة من المقرر أن ينحسر مع توجه المزيد من الإمدادات إلى الصين قد تركت أسعار النحاس أيضا عرضة للتصحيح.
ويشعر المستثمرون بالقلق من أن تسارع معدل التضخم قد يؤدي إلى تراجع دعم حزم التحفيز، على الرغم من أن مسؤولي مجلس الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأمريكي) قد شددوا على أنه لا توجد خطة لتشديد السياسة النقدية (رفع أسعار الفائدة) قبل الأوان. وبالنسبة للذهب، أثرت العوائد المرتفعة والتفاؤل بشأن الانتعاش على جاذبية الملاذ الآمن.
وتراجعت العقود الآجلة للحبوب وفول الصويا في شيكاغو عن الارتفاعات الأخيرة إذ توقفت المضاربة على ارتفاع السوق وسط إشارات على أن الأسعار المرتفعة قد تبدأ في كبح الطلب.
وأدت الواردات الصينية المتزايدة والمخاوف العالمية بشأن الطقس إلى دفع العقود الآجلة إلى أعلى مستوياتها في عدة سنوات.
وتراجعت الأسعار يومي الخميس والجمعة بعدما جاءت مبيعات الصادرات الأمريكية الأسبوعية أقل بكثير من توقعات المحللين.