في الأسبوع الماضي، شاركت في تجربة فكرية حول مستقبل محطات الوقود الأمريكية بعد أن تسيطر السيارات الكهربائية على الطرقات، وكانت النتيجة التي توصَّلت إليها هي أنَّه من المحتمل أن تبقى أمور محطات الاستراحة الكبيرة على الطرقات السريعة في وضع جيد، وكذلك الأمر بالنسبة للمحطات في المدن، لكنَّ محطات الوقود في الضواحي قد تغيَّر نشاطها إلى شيء آخر.
لم تتعامل تلك التجربة مع الكيفية التي ستصل بها السيارات الكهربائية إلى الطرقات، بل من سيشتريها، ولماذا؟
إحدى الطرق للتفكير في الأمر هي بالنظر إلى مبيعات السيارات، لكن ليس بحسب نوع المحرِّك (أي ما الذي يمكنها من الحركة) أو بحسب تصميم الهيكل، لكن بحسب السعر. عندما نقوم بذلك، سنرى شيئاً مثيراً للدهشة، فالسيارات الجديدة الرخيصة اختفت تقريباً في الولايات المتحدة. في عام 2012، بيع أكثر من 50% من السيارات الجديدة بسعر أقل من 30 ألف دولار، أما في العام الماضي، فأكثر من 50% من السيارات كانت أسعارها أعلى من 40 ألف دولار.
%14 في تسع سنوات
الآن هناك بعض التضخُّم الموجود في هذا النمط السعري، لكنَّه ليس كبيراً. وباستخدام الرياضيات الأساسية التي يستعملها مكتب إحصاءات العمالة في الولايات المتحدة، فإنَّ السيارة التي كان سعرها 20 ألف دولار في عام 2012، ستكلِّف حوالي 22,760 دولاراً اليوم، في زيادة تعادل 14% خلال تسع سنوات.
وإن لم يتمكَّن التضخُّم من شرح هذا النمط السعري، فإنَّ الاستنتاج المنطقي هو أنَّ مبيعات السيارات الجديدة تزداد، مما ينطبق أيضاً على عقود إيجار السيارات الجديدة أيضاً. فقد اخترت سبعة من العلامات التجارية الفارهة، ورسمت نمط عقود إيجارها (أي نسبة السيارات التي تؤجِّرها وحدة تمويل في شركة ما بدلاً من بيعها مباشرة)، إلى جانب القيمة الحقيقية لكل مركبة (أي متوسط السعر الذي سيدفعه المشترون أو المستأجرون للعلامة التجارية). كما قمت أيضاً بتضمين أربع علامات تجارية منتشرة في الأسواق بشكل كبير لغرض المقارنة.
ما سنشاهده هو أنَّ جميع هذه العلامات الفارهة السبع تؤجِّر 40% على الأقل من سياراتها، وثلاثة منها تؤجِّر أكثر من النصف. كما تتراوح قيمتها الفعلية في السوق أيضاً ما بين 41,900 و60,000 دولار. ومن ناحية أخرى، فإنَّ العلامات التجارية ذات الإنتاج الأعلى لديها تغلغل أقل في مجال التأجير، وقيمة حقيقية أقل في السوق بشكل عام (باستثناء "فورد" التي تمتلك تغلغلاً منخفضاً جداً في مجال التأجير، لكنَّ القيمة الحقيقية في السوق أعلى من "أكورا" في الوقت نفسه).
ثلاث سنوات فقط
بالنسبة لي، تمثِّل هذه السمات الثلاث للسوق: اختفاء السيارات الجديدة الرخيصة، التغلغل الواسع لسوق تأجير العلامات التجارية الفارهة، والقيمة الحقيقية المرتفعة في السوق للسيارات الفارهة، سبباً للاعتقاد أنَّ مبيعات السيارات الكهربائية ستتحرك بسرعة.
لا يزال الناس يقولون، إنَّ السيارات الكهربائية "أغلى"، وهذا صحيح،لأنَّ كلفتها الأولية أعلى مقارنة بالسيارات التقليدية اليوم. لكن نظراً لأنَّ نصف السيارات الجديدة تسعَّر في السوق عند مستوى أعلى من 40 ألف دولار، ويسعَّر أكثر من ربعها أعلى من 50 ألف دولار، فإنَّ الكلفة المطلقة لا تستثني السيارات من السوق.
في العام الماضي، توصَّل تحليل قامت به "بلومبرغ إن إي إف" إلى أنَّ "تكافؤ الكلفة الأولية" للسيارات الكهربائية، وسيارات محرِّك الاحتراق الداخلي في الولايات المتحدة سيحدث في عام 2023. هذه هي العلامة الفارقة، خلال ثلاث سنوات، لن يكون هناك فرق في السعر، ولا صدمة عند شراء السيارات الكهربائية. ربما لا تزال الطرازات الكهربائية أغلى نسبياً، لكنَّها لن تكون أغلى من سيارة ذات محرك احتراق داخلي مشابهة.
يعدُّ هذا الإطار الزمني مهماً لسبب آخر، فثلاث سنوات تعادل دورة تأجير واحدة. أي شخص يستأجر سيارة فارهة اليوم سيعيدها إلى التأجير في عام 2024، ومن المحتمل أن يجد سيارة كهربائية بانتظاره عند السعر الذي اعتاد عليه. لن يتطلب هذا القرار بشأن السيارة المستأجرة التالية أي حسابات لكلفة الملكية الإجمالية، أو عرض بيع يقول: "حسناً، من المؤكَّد أنَّك ستدفع القليل في البداية، لكن فواتيرك ستكون أقل!" كل ما سيتطلبه الأمر هو قرار مشتري السيارة "ما الذي أريده؟" وارتباطه العاطفي، الذي سيمثِّل علامة فارقة أخرى أيضاً.
