يُتوقع أن تنخفض أسعار الكهرباء في الدول الأوروبية إلى ما دون الصفر في نهاية الأسبوع الجاري، إذ تشهد القارة ارتفاعاً كبيراً في الرياح الصيفية، والوصول إلى ذروة موسم توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية.
يُعتبر انخفاض الأسعار إلى ما دون الصفر بمثابة عرض أولي لما قد يحدث في أسواق الطاقة الأوروبية إذا لم تُقابل غزارة إنتاج الطاقة المتجددة المخطط لها بتغيّر في الطلب. الأمل الآن هو أن زيادة أساطيل السيارات الكهربائية، وشبكات توزيع الكهرباء الأكثر ذكاءً، وتطور تكنولوجيا البطاريات ستؤدي إلى تعويض الفارق في نهاية المطاف، لكن حالياً، يمثل التفاوت مشكلة أمام صانعي السياسات الاقتصادية والشركات.
يكمن الخطر في أن الانخفاض الممتد للأسعار قد يضر بالاستثمارات المستقبلية، ويرفع التكلفة على المستهلكين، ويهدر الطاقة الذي يمكن استخدامها لخفض الطلب على البدائل المسببة للتلوث.
أظهرت البيانات الصادرة عن "بورصة الكهرباء الأوروبية الفورية" (Epex Spot) اليوم الجمعة أن أسعار الكهرباء لساعات محددة يوم غد السبت سالبة في عشرات من الدول، مثل المملكة المتحدة وألمانيا وهولندا وفرنسا. والأرجح أن يستمر ذلك يوم الأحد، حيث يتوقع زيادة إنتاج الكهرباء من طاقة الرياح بشكل أكبر في شمال القارة الأوروبية وبريطانيا.
الأسعار السالبة لا تُعتبر أمراً جديداً، لكن زاد تكررها في الصيف الجاري بعد أن أضافت الدول الأوروبية عدداً قياسياً من ألواح الطاقة الشمسية إلى شبكة توزيع الكهرباء في العام الماضي للحد من الطلب على الغاز الطبيعي مرتفع التكلفة. وساعد الإنتاج الجديد الاتحاد الأوروبي، في وقت سابق من فصل الصيف الجاري، على بلوغ مرحلة فاق فيها إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية شهرياً توليدها بالفحم للمرة الأولى.
خفض التكاليف للمحافظة على توازن المنظومة
مع توقع وصول استخدام الطاقة الشمسية إلى مستويات قياسية في كل عام لبقية العقد في ظل انخفاض أسعار ألواح الطاقة الشمسية، فالطريقة الوحيدة لمعالجة الأسعار السالبة هي استهلاك الكهرباء بشكل أكثر ذكاءً.
قال توم هادون، مستشار بشركة "أركاديس" (Arcadis)، ومقرها مدينة كارديف: "الأسعار السالبة إشارة مهمة في منظومة الكهرباء لتحفيز المرونة والتخزين، التي تشكل أهمية بالغة لمنظومة الكهرباء في يومنا الحالي.. حالياً، تمثل الأسعار السالبة مشكلة، لكن يجب أن تكون ميزة".
يعني ذلك أنه سيتعين على منظومة الكهرباء التأقلم، فالكميات المتزايدة من الطاقة المتجددة منخفضة التكلفة والمُركزة في ساعات قليلة من اليوم قد تؤدي لزيادة الكلفة على مشغلي شبكات توزيع الكهرباء لموازنة المنظومة. وسينتهي المطاف بتوزيع تلك التكاليف على فواتير المستهلكين.
زيادة الاستهلاك أوقات وفرة الطاقة
نظرياً، عندما تتوافر الطاقة المتجددة بغزارة والأسعار تكون منخفضة، يمكن للمنازل والشركات زيادة الاستهلاك للمساعدة على خفض التكاليف على مشغلي شبكة التوزيع للمحافظة على توازن المنظومة واستخدام أكبر قدر ممكن من الطاقة الخضراء.
هناك بعض النماذج الأولية لذلك والمُطبَّقة بالفعل. إذ وقَّع أكثر من 150 ألف عميل مع مزودة الكهرباء للمنازل في المملكة المتحدة "أوكتوبوس إنيرجي" (Octopus Energy)، عقوداً مصممة لتمكين سائقي المركبات الكهربائية من شحنها عندما تكون الكهرباء عند أقل سعر لها وأكثر مراعاة للبيئة، وعادة ما يحدث ذلك خلال فترة المساء.
في الأسبوع الماضي، أشار مشغل شركة توزيع الكهرباء في بريطانيا إلى تغيرات محتملة في مواعيد شحن الأشخاص لمركباتهم الكهربائية أو تدفئة منازلهم باستخدام المضخات الحرارية الكهربائية باعتبارها خطوة مهمة. كما أن الطلب الكبير، مثل الطلب من مُحللات الهيدروجين الكهربائية، قد يؤدي في يوم ما إلى زيادة الإنتاج بغرض تخزين الكهرباء لاستخدامها فيما بعد.