يتوجب على شركات نفط كبرى بينها "شل" و"إيني" دفع 12 مليار دولار لإصلاح الدمار البيئي الذي لحق بمنطقة دلتا النيجر الغنية بالخام في نيجيريا، وفقاً لتقرير جديد صادر عن لجنة أنشأتها حكومة محلية.
تركت أكثر من ستة عقود من ضخ النفط ولاية بايلسا "في قبضة كارثة إنسانية وبيئية ذات أبعاد لا يمكن تصورها"، وفقاً لتقرير نشرته اللجنة. كما اعتبرت أن استخراج النفط الخام هو "السبب الواضح للكارثة" التي حلت بالولاية، التي تضم أكثر من مليونَيْ شخص.
إنتاج النفط في نيجيريا يهبط 20% في أبريل بفعل الإضرابات
أصدرت لجنة النفط والبيئة في ولاية بايلسا، التي أنشأها حاكم سابق للولاية الجنوبية في عام 2019، تقريرها النهائي يوم الثلاثاء. حيث ترأس المشرع رئيس أساقفة يورك السابق، جون سينتامو، اللجنة التي يقع مقرها في لندن، والتي أشرفت مجموعة من الخبراء الدوليين على أبحاثها.
مزاعم متباينة
كانت المنطقة التي تُعرف اليوم ببايلسا أول مكان في غرب أفريقيا لإنتاج كميات تجارية من النفط في أواخر خمسينيات القرن العشرين. ومنذ ذلك الحين، ضخت الشركات -وخاصة "شل" و"إيني"- مليارات البراميل من النفط الخام من تحت أراضي الولاية والمستنقعات والممرات المائية. وقد حولت الانسكابات من بنيتها التحتية المنطقة إلى "واحدة من أكثر الأماكن تلوثاً على وجه الأرض"، وفقاً لتقرير اللجنة.
رفض متحدث باسم فرع "شل" في نيجيريا التعليق على التقرير مُشيراً إلى أن شركته ليست "مطلعة" على مزاعم اللجنة وتوصياتها. ولم ترد "إيني" على طلب للتعليق.
تزعم شركات النفط أن التدخل الخارجي -من قبل اللصوص والمخربين- وليس فشل المعدات هو المسؤول بالدرجة الأولى عن الغالبية العظمى من التسريبات من منشآتها.
تراجع إنتاج "أوبك" في أبريل بعد توقف خط أنابيب عراقي وإضراب في نيجيريا
لكن أظهر التقرير أن الشركات فشلت في "الاستثمار بشكل صحيح في خطوط الأنابيب وصيانتها وإدارتها وحمايتها" التي تطور الانسكابات بمعدل "لا مثيل له عند مقارنتها بالدول الرئيسية الأخرى المنتجة للنفط". مُشيراً إلى أن "أسباباً قوية للاعتقاد بأن الإحصاءات الرسمية تبالغ بشكل كبير ومنهجي في عدد التسريبات الناجمة عن التخريب بينما تقلل من شأن تلك التي تعزى إلى أسباب أخرى".
"تسوية متفق عليها"
يأتي حوالي خمس إنتاج نيجيريا من النفط من بايلسا، بينما يتم ضخ كل الباقي تقريباً من ولايات أخرى في دلتا النيجر أو قبالة شواطئ البلاد. في حين أنتجت الشركات العالمية الكبرى على مدى عقود معظم النفط الخام في البلاد بالشراكة مع شركة الطاقة الحكومية، فقد كانت تبيع تراخيص المياه البرية والضحلة للشركات المحلية في السنوات الأخيرة.
أشار التقرير إلى أن شركات النفط الكبرى التي استخرجت النفط الخام في بايلسا ومؤسسة البترول الوطنية النيجيرية المملوكة للدولة يجب أن تستثمر 12 مليار دولار لاستعادة المناطق المتضررة وخلق فرص عمل جديدة وتوفير مياه الشرب ومعالجة المشاكل الصحية. وأضاف أن عمل الصندوق سيتطلب "عملاً إدارياً موازياً" يشمل رقابة محلية ودولية.
"شل" تحافظ على وتيرة إعادة شراء الأسهم مع تخطي أرباحها التوقعات
كما أوصت اللجنة بإصلاح شامل للنظام التنظيمي والقانوني للسماح بفرض عقوبات أكثر صرامة، وإدخال هيئة تحكيم سريعة المسار وإزالة تأثير المنتجين من عملية مصدر الانسكاب "المتفق عليها بشكل أساسي". وأشارت إلى افتقار الإدارات الحكومية المكلفة بتطبيق المعايير البيئية إلى "القدرة والاستقلالية والتأثير".
لم تستجب مؤسسة البترول الوطنية النيجيرية والوكالة الوطنية للكشف عن الانسكاب النفطي والاستجابة له ولجنة تنظيم البترول النيجيرية لطلبات التعليق.
دفع تقييم بيئي نشره برنامج الأمم المتحدة للبيئة في عام 2011 إلى إنشاء صندوق بقيمة مليار دولار تدعمه شركة "شل" ومؤسسة البترول الوطنية النيجيرية لتنظيف التلوث في "أوغونيلاند"، وهي مملكة تبلغ مساحتها حوالي 20% من حجم بايلسا في ولاية ريفرز. وتشير الوثائق الداخلية التي أعدتها وكالة الأمم المتحدة ونشرتها بلومبرغ العام الماضي إلى أن المشروع يشوبه الإسراف وسوء الإدارة، ما قد يهدد بجعل المنطقة أكثر تلويثاً.
توصلت الدراسات التي أجرتها اللجنة إلى أن "السموم الناتجة عن التلوث الهيدروكربوني موجودة في كثير من الأحيان بمستويات خطيرة في التربة والماء والهواء" عبر بايلسا و"تم امتصاصها في السلسلة الغذائية البشرية"، وفقاً للتقرير.
أظهرت الشركات متعددة الجنسيات "العديد من السمات المميزة ليس فقط للإهمال الجسيم، ولكن للعنصرية البيئية الكامنة في المنطقة، من خلال التساهل" وهو ما "لم تُفكر فيه في أنظمتها القانونية المحلية".