9 فصائل حيوانية يمكنها امتصاص 6.4 مليار طن ثاني أكسيد الكربون من الهواء سنوياً

الأشجار ليست حلاً لمواجهة تغير المناخ بدون الحيوانات

قطيع من الظباء الأفريقية الزرقاء - المصدر: بلومبرغ
قطيع من الظباء الأفريقية الزرقاء - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

أصبحت الأشجار شعاراً لدور الطبيعة في مواجهة تغير المناخ. لكن ماذا لو أخبرتك أن دورها قد تؤديه الذئاب أو الظباء الأفريقية أو الحيتان بمنتهى السهولة؟

صدر بحث جديد شارك في كتابته 15 عالماً من 8 دول، وأوضح البحث كيف يمكن لتجديد الحياة البرية المساعدة في الحفاظ على معدل زيادة درجة الحرارة العالمية أدنى من 1,5 درجة، كما قدم مبررات لنهج أكثر شمولية حيال أزمتي التنوع البيولوجي وتغير المناخ، والتي تتعامل معهما الجهات الحكومية الدولية حالياً بشكل منفصل.

حل الطبيعة

يطلق على التشجير بشكل أساسي اسم الحل المعتمد على الطبيعة، والغرض منه هو المساعدة على احتجاز ثاني أكسيد الكربون من الهواء، وأصبح التشجير مرادفاً للعمل المناخي. تقدم الحكومات والشركات وعوداً بزراعة الغابات التي يمكن أن تنبت سريعاً كالشتلات الصغيرة.

باتت هذه الطريقة المناسبة لتسكين إحساس المستهلكين والشركات بالذنب؛ حيث تعهدت العلامات التجارية مثل علامة الأزياء المستدامة "تن تري" (Tentree) ومحرك البحث "إكوسيا" (Ecosia) بزرع الأشجار في مقابل رعايتنا. الأشجار جميلة، لكنها ليست حلاً سريعاً للأزمة المناخية.

هل يحل احتجاز الكربون من خلال الأعشاب البحرية أزمة المناخ؟

في الواقع، تشير كثير من الأدلة إلى أننا في الحقيقة لم نتمعن في الأشجار بطريقة صحيحة، إذ كشفت إحدى الدراسات أن نصفها مات خلال 5 سنوات في أثناء جهود استصلاح الغابات الاستوائية وشبه الاستوائية. في المملكة المتحدة، زرعت شركة "ناشيونال هاي وايز" (National Highways) 850 ألف شتلة على امتداد نحو 34 كيلومتراً (21 ميلاً) على الطريق، وبعد 3 سنوات مات 75% منها.

تحفز سوق تعويض الكربون أيضاً زراعة النباتات من فصيلة واحدة سريعة النمو ومنخفضة التكاليف، لكن منافعها البيئية المشتركة ضئيلة وتخزن قدراً أقل من الكربون وأكثر عرضة للآفات والأمراض.

في إطار تركيزنا المُنصّب على الأشجار، وضعنا مفهوماً ثابتاً لدورة الكربون، وهو أن الأشجار تمتص ثاني أكسيد الكربون، ثم تنتهي القصة.

لكن الواقع أن الأشجار لا تنمو وحدها، فهي تعيش داخل مجتمعات معقدة يساعد كل منها بعضها بعضاً، والأمر سيان للحيوانات التي تتعايش معها. نسينا أيضاً أن الغابات ليست المصرف الوحيد للكربون في الطبيعة، إذ تساهم المروج الطبيعية والمحيطات والسهول الجليدية أيضاً في تخفيض الانبعاثات وتعتمد على القدر الصحيح من التنوع البيولوجي.

تنشيط دورة الكربون

هذا ما يريد أن يوضحه البحث الذي نُشر في دورية "ناتشر" لتغير المناخ. أوزوالد جيه شميتس المؤلف المشارك وأستاذ علم البيئة بجامعة ييل، قال إن الأشجار قد لا تتمكن من أداء مهمة امتصاص الكربون بكفاءة دون وجود الحيوانات المناسبة في نظامها البيئي. كمثال، جمعت إحدى الدراسات عينات من 650 قطعة أرض على نطاق 48 ألف كيلومتر مربع من الغابات الاستوائية في غويانا، لتكتشف ارتفاع مخزون الكربون في الأشجار والتربة بنحو أربعة أضعاف مع زيادة فصائل الحيوانات الشجرية في قطع الأراضي ذات مساحة 100 متر مربع من 10 إلى 70.

مع ذلك، كان مخزون الكربون في الأراضي نفسها أعلى بخمسة أضعاف تقريباً عندما زادت أنواع الثدييات الموجودة من 5 إلى 35 نوعاً.

91 مليار دولار تكلفة حماية "الكوالا" و"الإيمو" في أستراليا

يرجع ذلك لأن الحيوانات "تنشط دورة الكربون"- بحسب وصف البحث- من خلال سلوكها وأدوارها في النظام البيئي، وهذا أمر أكبر من الغابات. لننظر إلى الظباء الأفريقية، إنها تحول نظام "سيرينغيتي" البيئي إلى مصرف للكربون عبر الرعي، ما يحد من خطر حرائق الغابات، وفضلاتها التي تحتوي على الكربون من النباتات التي تدفنها الحشرات في التربة. في السهول الجليدية، تدك قطعان ثيران المسك الثلج، ما يحافظ على تجمد التربة، وبذلك تخفض انبعاثات الميثان وتزيد العاكسية، أي القدرة على عكس ضوء الشمس، ما يبرّد البيئة المحلية.

الحيتان والكائنات البحرية الضخمة الأخرى تأخذ كربونها إلى قاع البحر عند نفوقها. حيوانات أخرى مثل التابير والأفيال تصمم مناظر طبيعية عبر نظامها الغذائي، ما يقلل التنافس النباتي وينشر البذور ويحسن من تغذية التربة.

توضح البيانات الواردة في البحث أن حماية أو تجديد أعداد 9 فصائل ومجموعات حيوانية من الأسماك والحيتان وأسماك القرش والذئاب الرمادية والظباء الأفريقية وثعالب البحر وثيران المسك وأفيال الغابات الأفريقية والثيران الأميركية، من شأنها مجتمعة أن تمتص 6,41 مليار طن إضافي من ثاني أكسيد الكربون من الهواء سنوياً. تشكل هذه الكمية أكثر من 95% من الكمية السنوية اللازمة لإزالة 500 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون من الهواء بحلول 2100.

منافع أخرى للتنوع البيولوجي

من المحبط أن تُعامل جهود حماية التنوع البيولوجي ووقف تغير المناخ بشكل منفصل. قال شميتس إن على الناس أن تبدأ بالتفكير بصورة شاملة، عبر توسيع أبعاد المشكلة، يمكننا التوصل إلى حلول نافعة للتنوع البيولوجي والمناخ معاً.

الطبيعة الأم تمتلك أفضل التقنيات لحل أزمة المناخ

توجد منافع أخرى لتجديد الحياة البرية، ففي غابة وست بلين في كِنت، إنجلترا، أُحضر 5 ثيران أوروبية إلى غابة على مساحة نصف كيلومتر مربع (50 هكتاراً) في يوليو، وأبلغني المتحدث الرسمي باسم "صندوق كنت للحياة البرية" (Kent Wildlife Trust) بأن الخمسة ثيران فتحوا ممرات في الغابة وأدخلوا ضوء الشمس إلى أرضها لتساعد على نمو نباتات جديدة، كما ساعدت الثيران على التصدي للردندرة البنطسية، وهي فصيلة غازية زاحمت النباتات المحلية وكلفت المملكة المتحدة ملايين الجنيهات ما بين 2015 و2022. سحق القطيع الصغير الشجيرات وحطمها لصنع طارد حشرات طبيعي يُبعد الحشرات عن القطيع.

معالجة أزمة التنوع البيولوجي وتغير المناخ بشكل منفصل تعيق التقدم في كلا المجالين. يهدف برنامج "خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها" (REDD+) التابع لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC) إلى تجنب الانبعاثات وإدارة الغابات الاستوائية للحفاظ على البيئة ومخزون الكربون في الدول النامية.

مع ذلك، ما زالت أعداد الحيوانات في تلك البيئات مستمرة في التناقص بسبب الصيد، ما يعرض المشروعات لخطر عدم تحقيق أهدافها.

بداية ممتازة

يقول البحث إنه يجب مراعاة الحيوانات في تصميم مشروعات خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات، وأود أن أضيف أنه إذا أُدرج التنوع البيولوجي ضمن مراقبة كل تعويضات الكربون المرتبطة بالغابات وتقاريرها والتحقق منها، فقد يشجع ذلك على مشروعات أكثر كفاءة وشمولاً، كما سيحبط الزراعات أحادية النوع الضارة، فتلك ليست بغابات، إنها صحارٍ.

لهذه الأسباب.. تغير المناخ هو الخطر الأكبر على تطور البشرية

بالمثل، فإن الإطار العالمي للتنوع البيولوجي الصادر عن الأمم المتحدة (UN Global Biodiversity Framework) وأهدافه 30 × 30، التي تتعهد فيه الدول المشاركة بحفظ 30% من أراضيها ومحيطاتها بحلول 2030، يعد بداية ممتازة لتجديد الحياة البرية.

مع ذلك، فشلت هذه الدول في إدراك الدور الذي قد يؤديه تجديد الحياة البرية فيما يتعلق بالنباتات والحيوانات معاً في الحد من تغير المناخ. فلن تحدث دورات الكربون المُنشطة إذا كانت المناطق المحمية أصغر من اللازم أو بعيدة عن الحيوانات لتنجح وتؤدي دورها في البيئة.

تجديد الحياة البرية ليس حلاً شاملاً بالطبع، فللحفاظ على كوكب متنوع وسليم، علينا أيضاً أن نمنع التلوث. كما يتطلب تجديد الحياة البرية مناهج مصممة خصيصاً للفصائل النادرة والبيئات والمجتمعات المحلية، كما يجب إجراء مزيد من البحوث لسد الثغرات الموجودة في معرفتنا. لكن الرسالة واضحة: نحتاج لصورة شاملة بها الأشجار والحيوانات معاً لنسخّر كامل إمكانات الطبيعة.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

الآراء الأكثر قراءة