قبل عام ونصف، نظمت شركة "كاتل" (CATL) الصينية فعالية ملفتة للنظر لإصدار إعلان مهم، لدرجة أن "تسنغ يوكون"، مؤسس ورئيس مجلس إدارة أكبر شركة لتصنيع البطاريات على مستوى العالم، كان مقدماً للحدث.
كشف تسنغ، الذي تخطى "جاك ما" من شركة "على بابا" في مؤشر بلومبرغ للمليارديرات، عن أن "كاتل" كانت تعمل على مجموعة بطاريات تستخدم خلايا أيونات الليثيوم وأيونات الصوديوم.
في حين أن الصوديوم أكثر وفرة ويعطي فوائد أمان محتملة أكثر من الليثيوم، فإن الأخير هو السائد في بطاريات المركبات الكهربائية. تتيح كيمياء أيونات الليثيوم كفاءة تخزين للطاقة فائقة، مما يسمح للسائقين بالسفر مسافات أكبر بين كل عملية شحن وأخرى.
تسويق بطاريات الصوديوم تجارياً
في حين حددت "كاتل" خطوات بدأت تتخذها نحو التسويق على الصعيد التجاري، فقد سبقت شركة أخرى المورد الضخم لشركات تصنيع السيارات بما فيها "تسلا" و"جيلي" و"بي إم دبليو" - على الأقل في ما يتعلق بمرحلة النموذج الأولي.
خلال الشهر الماضي، أزاحت شركة "جيه أيه سي" (JAC) الصينية لصناعة السيارات الستار عن نسخة تجريبية من سيارتها الكهربائية "سيهول إي 10 إكس" (Sehol E10X) التي كانت مزودة ببطاريات خلايا أيونات الصوديوم.
وفرت الخلايا شركة "هينا باتري تكنولوجيز" (HiNa Battery Technologies)، وهو كيان صغير وجديد نوعاً ما بمجال البطاريات في الصين، حيث تأسس في 2017 بعد أعوام من العمل لصالح معهد للبحوث العلمية.
أدى الطرح الأول لمركبة تستخدم خلايا "هينا" لإعادة نظر خبراء البطاريات في إمكانية أن تلعب كيمياء أيونات الصوديوم دوراً في تشغيل المركبات الكهربائية المستقبلية.
توقعت "بلومبرغ إن إي أف" وشركات بحوث أخرى، في وقت سابق بأن تعمل المركبات الكهربائية بالكامل تقريباً باستخدام بطاريات أيونات الليثيوم.
تستطيع بطاريات أيونات الصوديوم استغلال نفس عمليات التصنيع على غرار قطاع بطاريات أيونات الليثيوم، ما يعني أن الأولى بإمكانها الاستفادة من التطورات التي حققتها الأخيرة على مدى العقد المنصرم. يعني استخدام مواد ومكونات تصنيع مشابهة - من الشوارد والفواصل، إلى لاقطات التيار المصنوعة من الألومنيوم - أن هذه التكنولوجيا الناشئة قد تستفيد أيضاً من وفورات الإنتاج الكبير الموجودة حالياً.
تعد بطاريات أيونات الصوديوم أغلى من بطاريات أيونات الليثيوم بالوقت الراهن جراء الكميات المتوافرة المنخفضة وسلاسل التوريد ناقصة النمو. لكن "بلومبرغ إن إي أف" تعتقد أن هناك إمكانية تحقيق وفورات في المواد وتحسينات كفاءة تخزين الطاقة التي ستقدم مساراً قابلاً للتحقق بالنسبة لخلايا أيونات الصوديوم بحيث تبلغ كلفتها نصف تكلفة بطاريات فوسفات الحديد والليثيوم حالياً.
صفقة كبرى لتصنيع السيارات
ستصبح هذه صفقة كبرى. تمثل بطاريات فوسفات الحديد والليثيوم، أو (LFP)، كيمياء بطارية أيونات الليثيوم الأكثر انتشاراً حالياً ، وذلك نظراً لتفضيل شركات تصنيع السيارات على نحو متنامي بسبب تكلفتها المنخفضة والتحسينات الملموسة في كفاءة تخزين الطاقة على مدى العقد الماضي.
تشكل كفاءة تخزين الطاقة المنخفضة تحدياً أساسياً لخلايا أيونات الصوديوم؛ إذ ستضطر السيارات المزودة بهذه الخلايا حالياً لاستخدام بطاريات أثقل مع تقديمها نفس الكمية من الكيلوواط في الساعة. تستخدم في بطاريات "سيهول إي 10 إكس"، كاثودات الصوديوم والحديد والمنغنيز والنحاس وتبلغ كفاءة تخزينها للطاقة 140 واط/ساعة لكل كيلو غرام واحد، والتي تنخفض إلى 120 واط/ ساعة لكل كيلو غرام على مستوى مجموعة البطارية. يعد هذا المعدل أقل 25% من مجموعة بطاريات فوسفات الحديد والليثيوم الحالية.
ما مزايا بطاريات الصوديوم؟
تتضمن المزايا الجوهرية لبطاريات أيونات الصوديوم انتشاراً جغرافياً أكثر تنوعاً بالنسبة للمواد الخام. كما أنها غير قابلة للاشتعال وتؤدي بصورة جيدة في ظل درجات الحرارة المنخفضة.
إذا كان بإمكان بطاريات أيونات الصوديوم أن تظفر بجزء صغير من حصة بطاريات أيونات الليثيوم في السوق، فقد يسهم ذلك في تخفيف مشكلات إمدادات الليثيوم وتقليص أسعار البطاريات عموماً للمركبات الكهربائية. قطعاً، توجد أمور وافتراضات عديدة تتعلق بتكاليف مدخلات التصنيع وما ستحتاجه عمليات التوسع. علاوة على ذلك، بينما كان سعر الليثيوم يتسم بالتقلب، إلا أنه بدأ التراجع منذ أربعة شهور. سيتوجب على بطاريات أيونات الصوديوم أيضاً أن تنافس التطورات السريعة، إذ تتحسن بطاريات أيونات الليثيوم على المدى البعيد.
علاوة على "هينا" و"كاتل"، تتضمن الشركات الناشئة الأخرى لتصنيع بطاريات أيونات الصوديوم شركة "فاراديون" (Faradion) في المملكة المتحدة، والتي تعمل على إصدار رخصة لتكنولوجيا لمصنع البطاريات في المملكة المتحدة "إمتي بارو" وشركات "ألتريس" في السويد و"تيامات" في فرنسا و"ناترون" ومقرها في الولايات المتحدة.
مستقبل البطاريات
ربما تكون "هينا" قد تجاوزت المرحلة الأولى وذاع صيتها العام الجاري، لكن محللي "بلومبرغ إن إي أف" يتوقعون أن هناك إعلانات أكثر مقبلة. تتردد أنباء حول أن شركة "فراسيس" الصينية لتصنيع البطاريات تعمل على تصنيع بطاريات أيونات الصوديوم لصالح شركة "جيانغلينغ موتورز إلكتريك فيكل" (Jiangling Motors Electric Vehicle)، وهو مشروع مشترك تملك حصة الأغلبية فيه شركة "رينو" الفرنسية لتصنيع السيارات.
بينما ينتظر عالم السيارات مشاهدة بعض السيارات تستخدم بطاريات أيونات الصوديوم، إلا أنها ما زالت على بعد بضعة أعوام على أقل تقدير من تحقيق نجاحات ذات مغزى. في ظل وجود فرص مستقبلية كبيرة لنمو الطلب على بطاريات المركبات الكهربائية، فإن بطاريات أيونات الصوديوم تمتلك مقدرة على استكمال دور بطاريات خلايا أيونات الليثيوم والمساهمة في سد العجز في الأسواق العالمية.