دعت الإمارات العربية المتحدة دول العالم إلى التحرك بفاعلية أكبر للحد من انبعاثات الكربون، وذلك في وقت يتجه فيه استهلاك الوقود نحو تسجيل مستوى قياسي هذا العام، وفقاً لأحدث تقارير الوكالة الدولية للطاقة.
سلطان الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في الإمارات، والذي يرأس أيضاً قمة المناخ "كوب 28" التي تستضيفها بلاده في وقت لاحق من العام الجاري، دعا مسؤولي الشركات العاملة في قطاعي النفط والغاز، إلى التحرك بسرعة وبقوة أكبر لإزالة الكربون من عملياتها.
في كلمة له خلال فعاليات اليوم الأول من مؤتمر "سيراويك" (CERAWeek) في هيوستن بولاية تكساس الأميركية، قال الجابر إن صناعة النفط والغاز بحاجة إلى "إزالة الكربون من عملياتها بسرعة"، مضيفاً أن على هذه الصناعة أن تلعب "دوراً حيوياً" في إزالة الكربون لدى عملائها أيضاً.
الجابر، وباعتباره رئيس شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" أيضاً، واجه أسئلة حول قيادته لمفاوضات المناخ العالمية خلال قمة "كوب 28"، لكنه أكد أن بلاده لا تتهرّب من الانتقال في قطاع الطاقة، بل تمضي نحوه بسرعة، "ونحن ماضون في هذا المسار منذ عقدين". ولفت إلى أن "موارد النفط والغاز في الإمارات هي الأقل كثافة في مستويات الانبعاثات الكربونية، ونعمل على خفضها".
تتطلع شركة "أدنوك" لخفض كثافة الكربون بنسبة 25% بحلول نهاية العقد، لكنها في الوقت ذاته، تسعى أيضاً إلى زيادة إنتاج النفط الخام بمقدار مليون برميل يومياً بحلول عام 2025، ما يُرجّح بالتالي تزايد إجمالي انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الشركة خلال السنوات المقبلة.
منظومة طاقة مستقبلية
قال الجابر خلال المؤتمر الذي تنظمه "ستاندرد آند بورز غلوبال" (S&P Global)، إن "قادة قطاع الطاقة لديهم الدراية والخبرة لمواجهة التحدي المزدوج المتمثل في تحقيق التقدم المستدام، بالتزامن مع خفض الانبعاثات". ودعا في هذا السياق إلى مواكبة المستقبل عبر البدء من الآن بإنشاء منظومة الطاقة المستقبلية، وتعزيز الجهود، واتخاذ المزيد من الإجراءات السريعة لخفض انبعاثات الكربون ودعم هدف تحقيق الحياد المناخي بشكل كامل.
أضاف أن حل أزمة المناخ لا يقتصر فقط على خفض كثافة الكربون من عمليات قطاع النفط والغاز، إذ أن العالم لا يستطيع التخلي عن مصادر الطاقة الحالية قبل أن تصبح منظومة الطاقة المستقبلية جاهزة.
بحسب المسؤول الإماراتي، فإن التحديات المناخية التي يواجهها العالم معقدة. فبحلول عام 2030، سيكون هناك نصف مليار شخص إضافي يعيشون على هذا الكوكب، ويطالبون بمزيد من الطاقة كل عام، بينما يحتاج العالم في الوقت ذاته إلى خفض الانبعاثات بنسبة 7% كل عام للحفاظ على هدف تفادي تجاوز الارتفاع في درجة حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية، أي بنسبة 43% في أقل من سبع سنوات. وقال إن هذا التحدي العالمي "يتطلب حلولاً عالمية يسهم فيها جميع المعنيين الذين عليهم العمل باتحادٍ وتكاتف".
طلب قوي ومنافسة على الوقود الأحفوري
يأتي اجتماع قادة قطاع الطاقة في مؤتمر "سيراويك"، في وقت يتزايد فيه الطلب على الوقود الأحفوري، مع إعادة فتح الصين لاقتصادها عقب إغلاقات طويلة لمواجهة تفشي فيروس كورونا، وبعد أن كان العرض قد تأثر بشدة في الأشهر الأخيرة بالغزو الروسي لأوكرانيا، وتباطؤ نمو قطاع النفط الصخري في الولايات المتحدة، والاستثمار الباهت في الإنتاج.
نقلت وكالة بلومبرغ عن توربيورن تورنكفيست، الرئيس التنفيذي لشركة تجارة السلع الأساسية "غانفور غروب" (Gunvor Group) قوله، إن 75% تقريباً من نمو الطلب العالمي على النفط خلال العام الجاري، سيأتي من الصين.
أضاف خلال عرض تقديمي، أن ما يسمى بـ"أسطول الناقلات الأشباح" الذي يسعى إلى نقل النفط الروسي بعيداً عن العقوبات المفروضة على روسيا، يشمل ما بين 300 و400 سفينة. كذلك، توقع تورنكفيست أن تحتدم المنافسة على شحنات الغاز الطبيعي المسال، بين آسيا وأوروبا، خلال فصل الصيف المقبل.
دور كبير لمنتجي الشرق الأوسط
من المتوقع أن يلعب منتجو الطاقة في الشرق الأوسط، الدور الأبرز في تلبية الطلب المتزايد، بحسب أوليفر لو بوش، الرئيس التنفيذي لشركة "إس إل بي" (SLB)، (المعروفة سابقاً باسم "شلمبرجير")، والتي تعتبر أكبر شركة لخدمات حقول النفط في العالم.
قال لو بوش في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ الاثنين، إن جانباً من النمو الأكبر الذي سيشهده العالم في القطاع خلال العام الجاري سيأتي من الشرق الأوسط، حيث من المتوقع أن يلبي الإنفاق القياسي من عملاء شركته في المنطقة، احتياجات التوريد العالمية.
أضاف: "كانت هناك زيادة طفيفة في الشرق الأوسط خلال الأشهر الستة الماضية، وهذه الزيادة باقية، وستكون المحرك الجديد للنمو في القطاع". وقال لو بوش إنه يتوقع أن ترتفع أسعار الخدمات التي تقدمها شركته في الأسواق الدولية، برقم من خانتين خلال العام الجاري.
البحر المتوسط مصدر الغاز الجديد لأوروبا
إلى ذلك، نقلت بلومبرغ عن مايك ويرث، الرئيس التنفيذي لشركة "شيفرون" (Chevron)، قوله إن شركته ستقضي الفترة المتبقية من العام الجاري في العمل من خلال خيارات لتصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا من حقل ليفياثان قبالة سواحل إسرائيل.
تقوم شركة النفط الأميركية العملاقة بتقييم ثلاثة خيارات على هذا الصعيد: خط أنابيب بمليارات الدولارات؛ أو التصدير عبر المنشآت القائمة في مصر المجاورة؛ أو اعتماد منصات الغاز الطبيعي المسال العائمة.
قال ويرث إن الخيار الأخير (المنصات العائمة)، هو الأقل تعقيداً، لأنه لا يعتمد على حكومات متعددة، لكن الأمر سيستغرق مزيداً من الوقت والمال، إلى حين التوصل إلى قرار استثماري نهائي.
أشار ويرث أيضاً إلى إن أسواق الغاز "تغيرت جذرياً" منذ حرب أوكرانيا، ما يعني أن أوروبا ستحتاج إلى مصادر غير روسيا على المدى الطويل.