بدأ المسؤولون التنفيذيون في شركات النفط الأمريكية في مواجهة بعض سياسات الرئيس جو بايدن المتشددة تجاه منتجي الوقود الأحفوري، من خلال السعي لإثبات أن أضرار النفط الصخري الأمريكي ذو بصمة كربونية أقل من الواردات.
واتخذت إدارة بايدن منذ توليه خطوات سريعة لإيقاف بيع وتأجير الأراضي الفيدرالية لشركات الإنتاج النفط التي تستخدمها في عمليات الاستخراج، وتبعها بإلغاء رخصة خط أنابيب "كيستون إكس إل" Keystone XL ، وزيادة الأسطول الحكومي من مركبات الطاقة النظيفة.
ومنذ تولي بايدن تعيش صناعة النفط الأمريكية في قلق من تقييد الإنتاج إلى جانب تعرضها لضغوط بسبب انخفاض الأسعار وتشاؤم المستثمرين، ويزداد القلق تحديداً من تقييد وصولها إلى الموارد على الأراضي الفيدرالية في نيو مكسيكو، ووايومنغ، وألاسكا، وخليج المكسيك.
تحول المنتجين للاستثمار في الخارج
وفي مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ يوم الجمعة، قال بيير بريبر، كبير المسؤولين الماليين بشركة "شيفرون" Chevron: "لا نعتقد أن الإفراط في فرض القيود على استغلال الأراضي الفيدرالية يعد سياسة جيدة. سيؤدي ذلك فقط إلى نقل إنتاج الطاقة إلى بلدان أخرى، ونحن نعلم أنه يمكننا تطوير الطاقة بمسؤولية في هذا البلد".
وتعد أميركا أكبر مستهلك للنفط الخام في العالم، وأية قيود على الإنتاج المحلي، وفقاً لحجة الصناعة الأمريكية، تعني الاضطرار إلى شحن المزيد من البلدان الأخرى، ما قد يؤدي إلى إنتاج نفط عالي الكربون والعمل في قوانين بيئية أقل صرامة.
وترى شركة "رايستاد إنيرجي" أن النفط الصخري المنتج في الولايات المتحدة تنبعث منه كمية أقل من الكربون لكل برميل مقارنة بالمتوسط العالمي لكل برميل ينتج براً وبحراً.
وفي رد له عبر البريد الإلكتروني، قال سكوت شيفيلد، الرئيس التنفيذي لشركة "بايونير ناتشورال ريسورسيز كو": "إن خفض الإنتاج المحلي لن يؤدي فقط إلى زيادة التكاليف بل سيوجه الطلب على المنتجات البترولية للمنتجين الدوليين، الذين يعملون وفق عدد أقل من اللوائح البيئية النفطية. ولكن هذا السيناريو لا يتوافق مع اختيار الإدارة للانضمام إلى اتفاق باريس".
ويُظهر مؤشر النفط والمناخ، الذي أعدته مؤسسة "كارنيغي إنداومنت" في عام 2016، أن النفط الصخري لدى المنتجين ومنهم إيجل فورد" Eagle Ford في جنوب تكساس و"باكين" Bakken في نورث داكوتا، يعد من أدنى نسب الانبعاثات للبرميل الواحد على مستوى العالم.
ويمثل إنتاج النفط الصخري مسألة جوهرية تؤثر على المناخ وهي تتعلق بكيفية إدارة المشغلين للغازات الناتجة عن عمليات إنتاج النفط الخام الأمريكي، علماً بأن الصناعة تعرضت لانتقادات شديدة بسبب عملية الإفراط في إحراق وتصريف غاز الميثان الضارة للغاية.
ورغم أن إنتاج "باكين" ، على سبل المثال، قد تفوق في مرتبته على حقل الغوار السعودي في مؤشر النفط والمناخ، إلا أن أجزاءً من حقل النفط الصخري تراجعت في مرتبتها عن ذلك الحقل في منطقة الشرق الأوسط بسبب انتشار عملية الاحتراق الضارة. واشتهر حوض "بيرميان" Permian Basin بحرق الغاز، فيما يُجري حالياً بعض الباحثين الأصليين تحديثاً للمؤشر لكي يشمل تقديرات الرواسب.
عمليات التكسير مسؤولة عن مستويات الميثان
وقالت دراسة أجرتها جامعة "كورنيل" نُشرت في عام 2019، إن التكسير مسؤول عن استمرار الارتفاع العالمي في مستويات غاز الميثان منذ عقد من الزمان.
ويقول جميع اللاعبين الرئيسيين في مجال النفط الصخري، بما في ذلك "شيفرون" و"بايونير"، إنهم يدعمون خطط بايدن لزيادة التشريعات التنظيمية الخاصة بتسرب غاز الميثان، والتي تنقلب على سياسات الرئيس السابق دونالد ترمب، إلا أن القلق يتصاعد في صناعة الوقود الأحفوري وقد يستمر ذلك لفترة طويلة بسبب الضغط الحكومي.
ونظراً لأن المشغلين تحوطوا ضد قرارات بايدن بعقود إيجار طويلة المدى للأراضي الفيدرالية، فمن غير المرجح أن يكون لإجراء بايدن أي تأثير قصير المدى على إنتاج النفط الصخري. وعلى أية حال، يحرص المشغلون على أن يظهروا للمستثمرين أنهم لن يزيدوا الإنتاج لكي يتم إغراق السوق بزيادة في المعروض.
ووفقاً لمايك ويرث، الرئيس التنفيذي لـ"شيفرون"، فإن أكبر تأثير لسياسات بايدن سيكون على خليج المكسيك حيث يتم عرض عقود الإيجار للبيع بشكل غير منتظم فيما تصل تكلفة المشاريع إلى مليارات الدولارات.
وفي اتصال هاتفي مع المحللين، قال ويرث: "ربما تكون المخاطر أكبر في خليج المكسيك. نستطيع أخذ الدولارات من أماكن أخرى إذا أصبحت الظروف في الولايات المتحدة مرهقة للغاية".