الدول المتقدمة تراوغ بشأن إقرار آلية لتعويض البلدان النامية المتضررة من الانبعاثات

اتفاق "كوب 27" يدخل نفق المفاوضات الصعبة حول الخسائر والأضرار

أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، يتحدث أثناء جلسة علنية في مؤتمر المناخ "كوب 27" بمركز شرم الشيخ الدولي للمؤتمرات في شرم الشيخ بمصر يوم الاثنين الموافق 7 نوفمبر 2022 - المصدر: بلومبرغ
أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، يتحدث أثناء جلسة علنية في مؤتمر المناخ "كوب 27" بمركز شرم الشيخ الدولي للمؤتمرات في شرم الشيخ بمصر يوم الاثنين الموافق 7 نوفمبر 2022 - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يواجه الدبلوماسيون في مؤتمر المناخ "كوب 27" برعاية الأمم المتحدة في مصر أوقاتاً حرجة، في ظل أيام قليلة متبقية لتسوية قضية دقيقة حول طريقة تعويض البلدان الفقيرة عن الضرر الناجم عن ظاهرة الاحتباس الحراري الذي لا يد لها فيه.

عقب انطلاقة بطيئة للمفاوضات، وضعت رئاسة مصر لمؤتمر "كوب 27" جدولاً زمنياً طموحاً للأسبوع الثاني، لجعل كافة الدول توافق على "صياغة الغلاف" مع حلول الجمعة المقبلة، وهو عبارة عن بيان سياسي يحدد الأهداف والالتزامات التي جرى الاتفاق حولها في شرم الشيخ.

قال رئيس مؤتمر "كوب 27" ووزير الخارجية المصري سامح شكري خلال كلمة ألقاها أمام الوفود الحاضرة يوم الإثنين: ما زال أمامنا عمل كثير في حال أردنا بلوغ نتائج هادفة ومؤثرة نستطيع الفخر بها، والوقت ليس بصالحنا والعالم يتابع، فدعونا نتحد وننجز المطلوب الآن".

طريق مسدود

رغم دعوة "شكري"، لا تزال هناك مجموعة قضايا أساسية وصلت إلى طريق مسدود، كما حذّر مفاوضون ومراقبون عديدون. تُعدّ قضية الخسائر والأضرار أكثر القضايا المطروحة على طاولة المحادثات إثارة للجدل، أو تحديد الطريقة التي يتعين أن تعوّض بها البلدان المتقدمة نظيراتها النامية عن الظواهر المناخية القاسية التي يفاقهما التغير المناخي، والتي تعانيها رغم عدم مساهمتها بطريقة كبيرة في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

تم إدراج الموضوع على جدول الأعمال الرسمي لمؤتمر "كوب 27" عقب معركة دامت لأعوام من أجل تسجيله، ما يعني أن الوزراء يستطيعون في الوقت الحالي مناقشة وإصدار قرارات حول هذه القضية. تسعى الدول النامية لإنشاء "آلية" أو برنامج جديد لتوفير المساعدة التقنية والتمويل للتصدي للخسائر والأضرار المرتبطة بالتغير المناخي، من خلال خريطة طريق واضحة لبلوغ الهدف الموضوع بنهاية الاجتماع الحالي.

قالت وزيرة البيئة بجنوب أفريقيا باربرا كريسي: "توجد مقاربة طويلة المدى تدرس إنشاء آلية تمويل، لكنني أعتقد من وجهة نظر مجموعة المفاوضين الأفارقة أننا نحتاج لمشاهدة تأييد لقضية الخسارئر والأضرار بالقارة بصورة فورية".

صندوق وسيط

للتأكيد على مدى أهمية الأمر، فإن بعض البلدان تنادي بتأسيس "صندوق وسيط" لتقديم المساعدة للبلدان التي تعرضت في الآونة الأخيرة لكوارث مناخية، بحسب ما ذكر ماثيو سامودا، الوزير الجامايكي بدون حقيبة في وزارة النمو الاقتصادي.

بينما تمّت تسوية بعض المشكلات التقنية خلال الأسبوع الأول، تبقى كافة الموضوعات السياسية الأكبر، بما فيها التعويض عن الخسائر والأضرار، والقواعد التي تحكم أسواق الكربون الدولية وبرنامج لتعظيم جهود الحد من الانبعاثات، مفتوحة للنقاش، على حد قول ألدن ماير، أحد أعضاء مؤتمر "كوب" المحنكين وكبير المتعاونين بمجموعة الأبحاث "إي 3 جي" (E3G).

أضاف "ماير": "تأزمت كافة القضايا الحساسة، فأنت تتجه للقضية الثانية مع بقاء غالبية قضايا التفاوض الكبرى دون التوصل لحل".

في ظل تبقي 5 أيام فقط حتى نهاية المؤتمر، يتمثل الخطر في أن المحادثات تصبح متشابكة حول أكثر القضايا إثارة للجدل، مما يمنع المفاوضين من التوصل لاتفاق مع حلول الجمعة ويسفر عن تأخير العملية لمدة سنة كاملة، حتى مؤتمر "كوب 28".

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

من بالي إلى شرم الشيخ

في غضون ذلك، تعتمد نتيجة المحادثات بالمنتجع الشاطئي المصري بشرم الشيخ على اجتماع على شاطئ بحر آخر وهي قمة مجموعة العشرين المنعقدة على مسافة 6 آلاف ميل تقريباً في مدينة بالي بإندونيسيا. إن ما تقوله مجموعة العشرين حول التغير المناخي والوقود الأحفوري من خلال بيانها الختامي سيتردد صداه في شرم الشيخ.

قال "ماير": "في حال سارت تلك المناقشات بصورة جيدة وكان هناك زخم إيجابي في بالي، فإن ذلك سيساعد الوزراء قطعاً هنا على إبرام بعض الاتفاقات مع حلول نهاية الأسبوع، ومن جهة ثانية، في حال تأزم الموقف وحدثت انتكاسة في بالي، فسيكون من الصعب تماماً على الوزراء التوصل إلى حل يُرضي جميع الأطراف هنا نظراً لأن رؤسائهم لم يستطيعوا التوصل لاتفاق في بالي".

رغم ذلك، فإن إقناع وفود التفاوض بالموافقة بالكامل على آلية جديدة تماماً أو برنامج للخسائر والأضرار في مؤتمر "كوب" الحالي سيكون مسألة صعبة. يقول المسؤولون الأميركيون والبلدان المتقدمة الأخرى إنه يوجد فعلاً آليات تمويل موجودة، بما فيها صندوق التكيف مع التغير المناخي الذي تأسس في 2001، وصندوق المناخ الأخضر الذي تأسس في 2010 أو الدرع العالمي (Global Shield). وتُعدّ المبادرة الأخيرة مبادرة جديدة أطلقتها مجموعة الدول السبع الكبرى تنسقها ألمانيا لتوجيه تمويل التأمين والكوارث إلى الدول التي تواجه موجات الجفاف والفيضانات والعواصف التي تفاقمت جراء التغير المناخي.

تشتيت الانتباه

قال المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص للمناخ جون كيري السبت: "لا أظن أن أي فرد حدد بصورة تامة طبيعة الآلية أو الصيغة الذي ربما تتخذها، وتوجد جميع أنواع الآراء حول ما قد تكون عليه، ومن المعلوم أن الولايات المتحدة والعديد من الدول الأخرى لن تؤسس شكلاً من أشكال الهيكل القانوني المتعلق بقضية التعويض أو الالتزامات".

أخفقت التعهدات المحددة المقطوعة أثناء مؤتمرات "كوب" السابقة في تقديم التمويل، بما فيها تعهد 2009 بتوفير 100 مليار دولار سنوياً من التمويل للقضايا المناخية مع حلول 2020. هذه المرة، لا تطلب الدول الحصول على أموال سيتم طرحها بنهاية انعقاد القمة، لكنهم يرغبون في إبرام اتفاق سياسي لتأسيس آلية جديدة، حسبما ذكرت راشيل كليتس مديرة السياسة في برنامج المناخ والطاقة في اتحاد العلماء المعنيين غير الربحي. أضافت "كليتس": "إن الإشارة إلى المؤسسات الموجودة كمسار لمواصلة العمل هو تكتيك يهدف لتشتيت الانتباه".

قال ريتشي ميرزيان، مدير برنامج المناخ والطاقة في المعهد الأسترالي والمفاوض البارز السابق حول قضايا الخسارة والأضرار في البلاد، إنه من المحتمل التوصل لشكل من أشكال التسوية حول الخسائر والأضرار مع حلول نهاية الأسبوع الجاري. لكن مع الأخذ في الاعتبار أن ذلك يلزمه اتفاق كافة الدول حول وثيقة الغلاف، فعلى الأرجح ستعكس الصياغة النهائية القاسم المشترك الأدنى وتترك أشخاصاً كثيرين لا يشعرون بالرضا، على حد تعبيره.

أضاف: "لن تقدم الدول الصناعية في مجموعة العشرين تمويلاً لصندوق تعويضات يعرّضها لتحمّل التزام مقابل انبعاثاتها، ومن جهة البلدان النامية، فهذه مسألة يصعب تقبلها، ولا تمتلك الدول النامية أي شيء تستطيع الضغط به في مؤتمر "كوب"، لذا قد ينتهي الأمر بقضية الخسائر والأضرار كأداة سياسية لممارسة الضغط للحصول على تمويل أكثر لتخفيف الآثار والتكيف مع التغير المناخي".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك